كوباني ضحية أخطاء الحراك الكردي


عارف آشيتي

كرد كردستان الغربية (سوريا) منذ تعاقب الحكومات البوليسية على السلطة في سوريا يعانون من الضعف والتشتت. فلم تستطع الأحزاب الكردية حتى منع سحب الجنسيات أو استعادتها على مدى عقود من الزمن. عندما تزعزعت أركان السلطة البوليسية السورية من قبل الثورة حاولت تلك الأحزاب نحو منحى جديدا، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا، لعدة أسباب أهمها أقلام العديد من الكتاب الكرد، والإقليم الكردي في العراق، وفي المقام الأول ضعفها الشديد.
لا داعي أن ندخل في مناقشة الضعف؛ حيث النظام الشمولي طوعتها بما تقتضيه مصالحه. وهو معروف لكل من تابع مسيرتها (الأحزاب الكردية) على مدى نصف قرن ويزيد من عمرها.
أما مسألة الكتاب، الذين شددوا الخناق على تلك الأحزاب في كتاباتهم بشكل نعتتها بشتى النعوت والأوصاف إلى أن استولى عليها الخوف، فخافت حتى  من ظلها. هكذا شلت حركتها فغدت غير قادرة على الالتزام بموقف سليم . وجاءت كتاباتها موشحة بغطاء من المنطق والعقلانية. بالمقابل سهت تلك الأقلام عن أمر كان في غاية الأهمية للكرد ولقضيتهم، عندما اعتبرت قيادات الثورة السورية ديمقراطيين نزيهين. وهذا الاعتبار زاد من ضعف الأحزاب إلى درجة أفقدها الصواب في الاستفادة من ظرف الثورة السورية المندلعة.
إذا جئنا إلى الإقليم الكردي في العراق، لوجدناه قد أثر بشكل سلبي على الأحزاب الكردية في نحو المسار الصحيح. بعث فيها الإقليم روح الأمل والإسناد المعنوي إلى أن اقتنعت بوعد الإقليم لها على إرسال ثلاثين ألف من البيشمركه إذا دعت الضرورة إليه. وما يؤسف له، أنها تأثرت بالإقليم إلى حدٍ تباهىت ومعها الجماهير بهذا الوعد، الذي لا يمكن تحقيقه من الناحية القانونية في حيز الأصول والمواثيق الدولية. فكيف للإقليم تخطي حدود دولة شرعية والتدخل في شؤونها الداخلية. بالرغم من معرفة معظم قيادات الأحزاب هذا الجانب من الأعراف والمواثيق الدولية. 
من جانبه حاول النظام استرضاء الأحزاب الكردية طالبا منها اللقاء لبحث القضية على مستوى الدولة؛ خلافا لعهد قبل الثورة؛ حيث لم يكن البحث فيها يتعدى رجل أمن في محافظة الجزيرة، وفي أفضل الأحوال مع بعض المثقفين الكرد بمستوى إحدى الوزارات غير المعنية بالشأن الكردي. لكي يبرهن النظام عن صدق نواياه بدأ بإعادة الجنسيات. بالرغم من محاولات النظام لم تستجب له الأحزاب ولا الجماهير وفي المقدمة تلك الأقلام.
بحث النظام مقابل هذا عن طرف يطمئن إليه، فكان حزب الاتحاد الديمقراطي. في البداية لم يحظَ الاتحاد الديمقراطي باهتمام الأحزاب والجماهير ومعهما تلك الأقلام. مع مرور الزمن تقوى الحزب حتى وصل إلى مرحلة تدشين الكانتونات.
 
بعد مرور وقت طويل، وبروز قيادات الثورة السورية على المسارح الدولية، تبين لبعض تلك الأقلام المندفعة، آنذاك، أن القضية الكردية بتصور قيادات الثورة هي قضية داخلية لا تتعدى مسألة إعادة الجنسيات والتعويض عن الأضرار المترتبة عليها. وفي شأن الغمريين واسترجاع الأراضي منهم إلى أصحابها الكرد، اعتبرت قيادات الثورة وجوب البت فيه عن طريق القضاء. 
وحصيلة هذا، نرى اليوم كوباني تدفع ثمن تلك الأخطاء المتراكمة، منذ بداية الثورة إلى اليوم. بعد كل هذا تلوح في الأفق مؤامرة ضد الشعب الكردي في كردستان الغربية بدايتها هذه المدينة المنكوبة وسكانها المغلوبين على أمرهم. وكذلك القضاء على الاتحاد الديمقراطي، الذي لم يشطب اسمه من قائم الإرهاب الدولية حتى اللحظة.
تنتظرنا مرحلة جديدة، عسانا أن نكون على قدر المسؤولية، ونستفيد من أخطائنا الحاصلة.
——————————————
عارف آشيتي ashityarif@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…