عندما يلف الغموض «المفتعل» حاضرنا

صلاح بدرالدين  

 

  مقولة ” الشعوب هي آخر من
تعلم ” أصبحت حقيقة واقعة في سنوات العقد الثاني من القرن الجديد ببداية
الألفية الثالثة التي نطوي أيامها الآن في أصعب فصولها وأخطر أحداثها التي قد تحدث
مايشبه الزلزال في بنى المجتمعات والنظم السياسية القائمة . 
  الأنظمة التوتاليتارية
والتيوقراطية الحاكمة بالمنطقة ومتفرعاتها وامتداداتها من المنظمات السياسية
الاجتماعية المؤدلجة المطعمة بالأصولية القومية – الدينية – المذهبية هي من أسست
لنهج الغموض والباطنية وازدواجية المكاييل اعتمادا على أجهزة أمنية – مخابراتية
مختصة ومتدربة التي تقودها فعليا في عالم السرية المطلقة التي يجري فيها حبك
المخططات وتنفيذ المؤامرات فكل شيء يتم عمليا وعلى أرض الواقع بعكس مايعلن ويشاع
في وسائل الاعلام كما أن كل شيء مباح في دهاليز ذلك العالم السري المخفي عن أعين
الشعوب . 
  نظام الاستبداد السوري يعرض نفسه على العالم
بلبوس العلمانية والمدنية ومواجهة الارهاب وهو غارق في بحر الطائفية ومتورط حتى
العظم في الاجرام الوحشي ضد شعبه أولا والشعوب المجاورة الأخرى منذ أكثر من أربعة
عقود وله عالمه السري الأصلي المليء بخطط التآمر الغائب عن أعين السوريين يعمل فيه
كل شيء من أجل الحفاظ على السلطة يتحالف مع ايران وحزب الله وكل المنظمات
الارهابية بالمنطقة ويمضي في بناء وتمدد( النصرة وداعش ) لضرب الثورة السورية
ويجلب جماعات – ب ك ك – للغرض نفسه زائدا محاولة تشويه سمعة الحركة الوطنية
الكردية حتى لو أدى ذلك الى الحرب الأهلية أو تجزئة البلاد ثم لايتوانى عن الغدر
بحلفاء الأمس القريب اذا دعت الحاجة كل ذلك يتم من وراء ظهر الشعب السوري وبغفلة
عنه . 
  قصة ظهور – داعش – كأكثر المنظمات
الاجرامية على وجه الكوكب وتمددها التي تشغل العالم كله من أقصاه الى أقصاه يراد
لها أن تشكل لغزا في الأذهان تحير المحللين ومراكز البحث العلمي فهي وحسب كل
الدلائل صناعة سورية – ايرانية – عراقية مالكية ولكنها تتراءى كما يخطط لها أن تكون
أمريكية الصنع أيضا بلمسات اسرائيلية وتركية المنشأ وخليجية التمويل وبين هذا وذاك
هدفا لنيران الجميع وعدوا لدودا لهم بحسب الاعلام والموقف السياسي . 
 قيل الكثير عن – داعش – بين من
يعيدها الأداة الفعالة بأيدي الشيعية السياسية لاشعال الحرائق في بلدان ومناطق
السنة وضربهم ببعضهم واستنزاف طاقاتهم وتهجيرهم كما يحصل الآن تماما وذلك استكمالا
لمهمة حزب الله في لبنان بتغييب سنة لبنان وبالتزامن مع دور – الحوثي – في اثارة
الحروب في اليمن البوابة الخلفية للسعودية وبين من يعتقد أن – داعش – كتنظيم أصولي
ديني – قومي متزمت مطعم ببعثيين صداميين جرى تأهيلها لأعادة الأوضاع في العراق الى
ماقبل سقوط الدكتاتورية وتصفية أهم تجربة نموذجية لحل المسألة الكردية في المنطقة
كانجاز حضاري يعزز التفاهم والعيش المشترك بين الكرد والعرب ويرسي السلام بعد عقود
من الحروب والمواجهات المكلفة وبين من يراها السلاح الفعال بأيدي الأنظمة
الدكتاتورية المستبدة والقوى الظلامية لوضع النهاية الدرامية لثورات الربيع التي
تشكل الأمل والمرتجى لشعوب المنطقة لاستعادة الحرية والكرامة . 
  في ظل كل هذه المتناقضات وأمام
الخديعة الكبرى التي تمارس على الشعوب المغلوبة على أمرها تمرر الخطط والمؤامرات
وتغيب الحقيقة عن الأعين وتمارس الازدواجية في المعايير التي لاتقتصر على الأنظمة
الحاكمة فحسب بل تشمل المنظمات والجماعات والأحزاب وبالأخير تكون الشعوب هي الضحية
في الهجرة والتهجيروالنزوح هذا اذا سلمت من الابادة والتدمير . 
 انها مرحلة استثنائية في حياة
شعوبنا مليئة بالصعاب والآلام ولكنها لن تدوم فتاريخ البشرية مليئة بمثلها واذاما
كانت سببا في عرقلة حركة التاريخ في أزمان وحقب معينة الا أنها لن توقف عجلة
التطور ولن تشل ارادة الانسان ولن توقف طموحاته في التقدم والرقي وقد تكون محطات حافزة
للمراجعة واعادة النظر والتجديد والبناء من جديد . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…