«داعش» من التكليف الى التوظيف

صلاح بدرالدين

 

  في ظهورها
ونموها وانتشارها السريع كانت – داعش – بمثابة ( هبة من السماء ) لأكثر من طرف
وضرورة لتحقيق احتياجات محلية وإقليمية ودولية شتى حتى الحرب عليها لاتخلو من
أهداف ومقاصد مبيتة فقبل كل شيء جاءت استجابة : 
    1 – لحاجة النظام السوري من أجل تشويه صورة
الثورة وتغليب الخطاب الديني السياسي الأصولي على نقيضه العلماني الأنسب للمجتمع
السوري المتعدد الأقوام والأديان والمذاهب وبعد أن عجز اعلام النظام ومناصريه من
قنوات فضائية ووسائل سمعية وبصرية وبدعم مالي إيراني في غاية السخاء من التأثير
على الداخل السوري والرأي العام الخارجي بشأن خطته في الطعن بصدقية معارضيه وتقديم
الثوار كقطاع طرق وارهابيين ونفي أية صفة وطنية نضالية للثائرين ضده على غرار
مافعله ( القذافي ) 
تفتق ذهن محور دمشق – طهران – موسكو على اكتشاف
وسيلة قد تحقق الهدف المرجو وهي اختراق صفوف الثورة عبر المحسوبين عليها زورا
وباسم الإسلام وكانت – داعش – وقبلها كانت – جبهة النصرة – المنظمة الأم . 
   2 – لرغبة النظام العربي الرسمي في تحاشي تحقيق
الأهداف المعلومة التي قامت ثورات الربيع بشكل عام من اجلها والتي تتناقض مع طبيعة
نظمه السياسية والاقتصادية التي تغلب عليها الاستبداد والدكتاتورية والظلم
الاجتماعي والعمل قدر الإمكان على استيعاب تلك الثورات عبر استمالة من تسلق عليها
من التيارات التقليدية المساومة وفي الحالة السورية الأكثر أهمية العمل على استبعاد
خيار اسقاط الاستبداد كنظام ومؤسسات وسلطة وقطع الطريق على إعادة بناء سوريا جديدة
ديموقراطية تعددية وقد كفلت – داعش – بتحقيق تلك الرغبة الى جانب قوى النظام . 
 3 –
لتمنيات بعض أنظمة الإقليم في بديل إسلامي اخواني والتي مهدت لذلك عبر تقديم كل
أوجه الدعم والاسناد من أجل أن يتحكم الاخوان بقيادة – المعارضة – والتسلط على أول
كيان باسمها وهو – المجلس الوطني – الذي قام على أساس هش سريع بعيد عن الوسائل
الديموقراطية وبمعزل عن مشاركة ممثلي المكونات الوطنية والتيارات السياسية
الديموقراطية والحراك الشبابي الثوري وكان البديل فتح الأبواب أما – المتطوعين –
الإسلاميين لغرق الساحة بطابع معين نكاية بالثوار العلمانيين وشرائح من الجيش الحر
وليس استنكاف الاخوان وامتداداتهم الاسلاموية حتى الآن من ادانة – داعش – بصورة
حاسمة وقاطعة وبدون ولكن الا دليلا على تواطئهم وتورطهم . 
  4 –  لترجيح الولايات المتحدة الأمريكية كفة ”
الإسلام المعتدل ! ” في بلدان ثورات الربيع عن خطأ في التقدير أو سابق إصرار
وتصميم على اعتبار تناقض أهداف وشعارات تلك الثورات مع مصالحها الآنية والمستقبلية
ولن يكون هناك أفضل من – داعش – لعرقلة مسار هذه الثورات في المدى المتوسط .
 اذا
اعتبرنا الأعوام الماضية مرحلة تكليف واختبار – داعش – لتحقيق أهداف وأجندات
مختلفة في عدة ساحات وخاصة السورية منها فان أصحاب العلاقة الكبار والصغار بصدد
الانتقال الى مرحلة أخرى عنوانها الأبرز توظيف – داعش – وهي تحت نيرانهم من أجل
تمرير أهداف لم تكن قابلة للتحقيق في مرحلة تكوينها  وقد تشهد الأيام والأعوام القادمة الى جانب
هدفهم الرئيسي المعلن في القضاء على – داعش – صراعا مفتوحا مديدا بين جميع
المعنيين من أصحاب المقاصد والخطط والأجندات فمن سيعمل على العمل من أجل المصالحة
مع نظام الأسد بمقايضة ايران واستخدام – معارضات – عاطلة عن العمل وتجاهل الثورة
والثوار ومن سيمضي متمسكا بالبديل الإسلامي ( المعتدل ! ) ومن سيبقي على ذنب
الأفعى الداعشي لايذاء إقليم كردستان العراق ومن سيصر على التميز بين ( إرهاب خبيث
وإرهاب حميد ) ومن سيبذل الجهد الجهيد للتوصل الى حل على الطريقة اليمنية ومن
سيزرع العراقيل في طريق الحرب على الإرهاب . 
   وبين هذا
وذاك تبقى إرادة سوريي الثورة مغيبة وهم الحلقة الضعيفة – حتى اللحظة – في معادلة
مازالت قيد التشكل . 
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…