شاهوز حاجو
ان ظاهرة الهجرة كانت موجودة دائما عبر العصور والأسباب كانت غالباً اقتصادية بحتة, اما في العصر الحالي فظاهرة الهجرة اصبحت مرتبطة بالوضع السياسي و التقلبات السياسية و عدم الاستقرار الى جانب الوضع الاقتصادي السيء الذي يخلق كنتيجة طبيعية لعدم الاستقرار و النزاعات و سوء الإدارة.
ان ظاهرة الهجرة كانت موجودة دائما عبر العصور والأسباب كانت غالباً اقتصادية بحتة, اما في العصر الحالي فظاهرة الهجرة اصبحت مرتبطة بالوضع السياسي و التقلبات السياسية و عدم الاستقرار الى جانب الوضع الاقتصادي السيء الذي يخلق كنتيجة طبيعية لعدم الاستقرار و النزاعات و سوء الإدارة.
الكورد عانوا الكثير من ظاهرة الهجرة المستمرة منذ زمن بعيد وذلك يرجع لأسباب عدة قد يكون اهمها, الوضع السياسي الغير مستقر و النكبات الكثيرة التي مرت على الشعب الكوردي من قبل الحكومات التي حكمت الكورد في دولهم المختلفة, بالطبع لكل جزء من كوردستان اسبابها الخاصة التي دفعتها الى الهجرة احياناً و بنسب مختلفة تختلف من جزء لآخر, انا لست هنا بصدد شرح اسباب الهجرة لكل جزء على حدا و لكن الذي يهمني هو الوقوف على ظاهرة الهجرة التي دفعت الكورد في كردستان الغربية الى ترك وطنهم بأعداد كبيرة في الفترة الأخيرة.
الخوض في هذا الموضوع مهم للغاية, لأن ازدياد الهجرة في الفترة الأخيرة و بأعداد هائلة اصبح يشكل هاجس و قلق و خوف كبير جداً, حيث ستكون له انعكاساته المصيرية على المنطقة الكوردية في كوردستان الغربية, لذلك وددت ان أدلو بدلوي ايضا, فأعداد المهاجرين بلغت مئات الآلاف مما قد يؤدي الى تغيير ديموغرافي خطير جدا في المنطقة يهدد الوجود الكوردي فيها.
البحث عن حياة افضل و العيش بطمأنينة من حق اي فرد و مجرد الوقوف ضد ظاهرة الهجرة من دون الخوض في اسبابها يعتبر امر غير اخلاقي و غير صحيح, لا اقول هذا لمجرد أنني انتمي ايضا الى المهاجرين الذين هجروا وطنهم لأجل توفير حياة افضل بل لأنني على قناعة ان لا احد يحب الأغتراب و الهجرة من دون مبرر واقعي و منطقي.
من المعروف ان المنطقة الكوردية في سوريا تعرضت الى سياسات عنصرية مقيتة من قبل الحكومات السورية الشوفينية العروبية المتعاقبة و خاصة في الفترة الأخيرة, اي اثناء حكم آل الأسد (الأب و الأبن), حيث تم بموجب هذه السياسات و منها قانون الإصلاح الزراعي الاستيلاء على الأراضي الكوردية و تم اعطاء هذه الأراضي الى مستوطنين من العرب الغمر الذين تم استجلابهم من محافظة الرقة و اسكانهم في المنطقة الكوردية في محاولة لتغيير المعادلة الديموغرافية و خلق بؤر توتر دائمة في تلك المناطق التي تتميز بالخصوصية الكوردية.
هذه الأجراءات القمعية الدنيئة ادت الى ازدياد الفقر بشكل واسع بين ابناء الشعب الكوردي الذي يعتمد في الأساس على الزراعة في معيشته, لأن المنطقة الكوردية تفتقر الى اي نوع اخر من وسائل المعيشة, حيث لا يوجد معمل واحد في كل المنطقة الكوردية, الغنية بالبترول و الزراعة و المحرومة من كل خيرات الأرض.
مع بدء الثورة السورية و اشتداد الحراك السياسي في عموم البلاد و مع انحدار الوضع الى مستويات عالية من العنف و انسداد الأفاق و السبل امام المواطنين و امام البحث الدؤوب للناس لأيجاد قوتهم اليومي بالأضافة الى الخوف الشديد لما ستؤول اليه الأوضاع و الأفتقاد الى ادنى مستوى من الأمان, بدأ الناس رويداً رويداً يفقدون الأمل بتحسن الأوضاع مما جعل قسم كبير من الناس يقرر الهجرة من البلاد لأجل النجاة و الخلاص من الأحوال المزرية في محاولة لأنقاذ انفسهم و اطفالهم.
كان للكورد ايضا نصيب من تلك الهجرة الكبيرة التي حدثت في البلاد إلا ان الهجرة الكوردية لها ابعاد و اسباب اخرى ايضا اضافة الى تلك الأسباب التي حدثت في عموم البلاد. بالمقارنة مع ما يحدث في سوريا من مذابح و مجاذر نجد المناطق الكوردية في وضع افضل حيث يوجد هناك نوعاً من الأستقرار الهش الذي قد يتحول الى وضع كارثي في اية لحظة, اي عدم الشعور بالأمان يسيطر على الأجواء في هذه المنطقة ايضاً.
الوضع الكوردي كما قيل سابقاً له خصوصيته و يدعو الى التسائل و البحث حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الهجرة الكوردية الكبيرة و قد يكون السؤال الأكبر في هذا المضمار هو “هل كان بأمكاننا ايقاف الهجرة الكوردية و الحد منها و هل نستطيع اعادة الناس الى بيوتهم و تأمين الأستقرار و الأمان لهم؟”.
قبل الأجابة على السؤال المطروح سيكون من المهم التوضيح هنا اننا يجب ان لا نلوم من يترك ارضه و بيته ليقرر العيش في خيمة لا تقيه هو و اطفاله برد الشتاء و حر الصيف, انما يجب التركيز على الوضع العام الذي يدفع هذا الأب و هذا الشاب للهجرة, لا بد من هذه الأضاحة لأننا نسمع كثيراً كلام على شاكلة بأن الكوردي غير مرتبط بأرضه و أنه يهاجر عند اول مواجهة و هذا الكلام طبعا غير صحيح و فيه تجني كبير على شعب ضحى الكثير لأجل اثبات وجوده.
الكل يدرك حجم المصاعب الحياتية التي يمر بها كل السوريين بدون استثناء, لكن بالنظر الى الوضع الكوردي المتأزم منذ عقود يستطيع المرء ان يدرك الأسباب الجوهرية الأخرى التي تقف وراء الهجرة الكوردية.
الكورد عاشوا في سوريا فترة طويلة من عدم الأستقرار و عدم الشعور بالأمان و تم سلب كل ما لهم من حقوق, قسم كبير منهم حرموا من الجنسية السورية و تعرضوا الى الأفقار الشديد و المعاملة السيئة, كانت الحركة الكوردية في سوريا تعاني ايضا من التشرذم و تفتقد الى القيادة الحكيمة التي تستطيع صون ابناء شعبها من الأجراءات العنصرية التعسفية, مع بدء الثورة السورية شعر الكورد بانهم اصبحوا اقرب من اي وقت اخر الى الوصول الى اهدافهم و حقوقهم, اصبح الحراك الشبابي و التنسيقيات الشبابية تخرج للمظاهرات بشكل يومي و عم الأحتجاجات و المظاهرات كل المناطق الكوردية حتى اصبح الخروج في المظاهرات نمط حياة يمارسه الشباب بشكل يومي, طبعا لم تكن الهجرة قد بدأت, فقط أعداد قليلة من الشباب كان يغادر الى كردستان الجنوبية للعمل بالأضافة الى اعداد اخرى صغيرة جداُ كانت تغادر الى اوروبا و تركية.
مع اشتداد الأزمة السورية في الداخل السوري اضطر عدد غير قليل من الكورد الذين كانوا يعملون بسبب الحاجة الماسة في المدن السورية الكبيرة مثل دمشق و حلب و حمص و مدن اخرى بالعودة الى المناطق الكوردية التي كانت اكثر أمناً و استقراراً من باقي المناطق السورية, لكن الوضع المستقر نوعاُ ما لا يشبع البطون الجائعة, فقد اضناهم الفقر و العوز الشديد بسبب عدم وجود عمل يكسبون من وراءه لقمة العيش لهم و لأطفالهم و ذلك بالطبع عامل مهم يدفع الناس الى الهجرة.
مع السيطرة النسبية لحزب الاتحاد الديمقراطي على المناطق الكوردية و ازدياد الخلافات الكوردية البينية و ضمور الحركة الشبابية بشكل كامل ساد نوعا من الشعور بعدم الأمان و الأستقرار في المناطق الكوردية, حيث القت هذه الحالة بظلالها على الوضع الكوردي العام, فبدأ الكثيرون يشعرون بعدم جدوى ما يقومون به من حراك لأجل رص الصف و التمسك بالأرض, حيث استطاع طرف وحيد الأمساك بالمنطقة و فرض حالة امر واقع يستحيل فيها للطرف الآخر المشاركة فيها, حتى اصبح الكوردي الذي لا ينتمي فكرياً الى جماعة حزب الأتحاد اليمقراطي و نهجه امام خيارين لا ثالث لهما و هو إما الهجرة او الوقوف بالضد من الممارسات التي تحدث و الوقوف بالضد يعني بالضرورة الدخول في الأقتتال الأخوي البغيض.
جرت محاولات ضغط عديدة لتوحيد الحركة الكوردية لأجل ايجاد حل مشترك بين جميع اطراف الحركة, تم اغلاق معبر سيمالكا الحدودي بين اقليم كوردستان و كوردستان الغربية بغية الأستمرار في الضغط على الأطراف, لأجل الأتيان بصيغة مشتركة بين احزاب الحركة الكوردية, تم الحديث حول ايجاد قوات كردية مشتركة من جميع القوى السياسية و تم الحديث مطولاً حول تنفيذ مقررات مؤتمر هولير إلا ان جميع هذه المحاولات بائت بالفشل و لم تنجح في ظل محاولة حزب الأتحاد الديمقراطي التمسك بالسلطة بشكل منفرد.
في الأونة الأخيرة خرج حزب الأتحاد الديمقراطي بمسألة التجنيد الأجباري, هذا الأمر سيدفع عدد اخر غير قليل من الكورد الذين مازالوا صامدين في ديارهم بالتفكير بالهجرة ايضاّ. طبعا انا لا اود ان اضع كل البيض المكسور في سلة طرف واحد, لأن الأطراف الأخرى ايضاً تتحمل المسؤولية على ما حدث ولكن باعتبار حزب الأتحاد الديمقراطي تعتبر القوة المسيطرة على الساحة فأنها تتحمل المسؤولية الأكبر.
الهجرة التي تحدث خطيرة للغاية و لن يستطيع احد الحد منها او ايقافها بالاجراءات الترقيعية, الامر الوحيد الذي سيجعل الكوردي يفكر بشكل جدي البقاء في ارضه هو في حال قامت الحركة الكوردية بمراجعة دقيقة لوضعها السياسي و النظر بجدية الى الوضع القائم لأجل ايجاد حلول جذرية للمسائل العالقة و يجب عليها الأبتعاد عن المواقف الحزبية الضيقة و ايقاف محاولات الكسب السياسي على حساب الشعب الذي يعاني منذ عقود و يجب ان يدرك الطرف القوي بان محاولة صبغ المجتمع بصبغة سياسية واحدة سوف لن تنجح بل سيؤدي الى كارثة حتمية, الناس يشعرون بعدم الراحة و القلق و الخوف من المستقبل, ان لم تستطع الحركة الكوردية بكل اطيافها التغلب على ذاتها و ان لم تمهد الأرضية الملائمة فأن اعداد كبيرة اخرى ستهاجر.
النسبة التي تهاجر الى اوروبا هي نسبة صغيرة جدا بالمقارنة مع الذين يهاجرون الى دول الجوار, اي ان الفرصة لا تزال قائمة لكي يرجع هؤلاء الى بيوتهم فيما اذا حدث نوع من الأستقرار السياسي و الأمان و من الضروري ايضا توفير وضع اقتصادي معقول يستطيع من خلاله الناس تأمين حاجياتهم اليومية, كل هذه الأمور ليست بالأمور المستحيلة او الصعبة ان وجدت النية السياسية الحسنة.
البحث عن حياة افضل و العيش بطمأنينة من حق اي فرد و مجرد الوقوف ضد ظاهرة الهجرة من دون الخوض في اسبابها يعتبر امر غير اخلاقي و غير صحيح, لا اقول هذا لمجرد أنني انتمي ايضا الى المهاجرين الذين هجروا وطنهم لأجل توفير حياة افضل بل لأنني على قناعة ان لا احد يحب الأغتراب و الهجرة من دون مبرر واقعي و منطقي.
من المعروف ان المنطقة الكوردية في سوريا تعرضت الى سياسات عنصرية مقيتة من قبل الحكومات السورية الشوفينية العروبية المتعاقبة و خاصة في الفترة الأخيرة, اي اثناء حكم آل الأسد (الأب و الأبن), حيث تم بموجب هذه السياسات و منها قانون الإصلاح الزراعي الاستيلاء على الأراضي الكوردية و تم اعطاء هذه الأراضي الى مستوطنين من العرب الغمر الذين تم استجلابهم من محافظة الرقة و اسكانهم في المنطقة الكوردية في محاولة لتغيير المعادلة الديموغرافية و خلق بؤر توتر دائمة في تلك المناطق التي تتميز بالخصوصية الكوردية.
هذه الأجراءات القمعية الدنيئة ادت الى ازدياد الفقر بشكل واسع بين ابناء الشعب الكوردي الذي يعتمد في الأساس على الزراعة في معيشته, لأن المنطقة الكوردية تفتقر الى اي نوع اخر من وسائل المعيشة, حيث لا يوجد معمل واحد في كل المنطقة الكوردية, الغنية بالبترول و الزراعة و المحرومة من كل خيرات الأرض.
مع بدء الثورة السورية و اشتداد الحراك السياسي في عموم البلاد و مع انحدار الوضع الى مستويات عالية من العنف و انسداد الأفاق و السبل امام المواطنين و امام البحث الدؤوب للناس لأيجاد قوتهم اليومي بالأضافة الى الخوف الشديد لما ستؤول اليه الأوضاع و الأفتقاد الى ادنى مستوى من الأمان, بدأ الناس رويداً رويداً يفقدون الأمل بتحسن الأوضاع مما جعل قسم كبير من الناس يقرر الهجرة من البلاد لأجل النجاة و الخلاص من الأحوال المزرية في محاولة لأنقاذ انفسهم و اطفالهم.
كان للكورد ايضا نصيب من تلك الهجرة الكبيرة التي حدثت في البلاد إلا ان الهجرة الكوردية لها ابعاد و اسباب اخرى ايضا اضافة الى تلك الأسباب التي حدثت في عموم البلاد. بالمقارنة مع ما يحدث في سوريا من مذابح و مجاذر نجد المناطق الكوردية في وضع افضل حيث يوجد هناك نوعاً من الأستقرار الهش الذي قد يتحول الى وضع كارثي في اية لحظة, اي عدم الشعور بالأمان يسيطر على الأجواء في هذه المنطقة ايضاً.
الوضع الكوردي كما قيل سابقاً له خصوصيته و يدعو الى التسائل و البحث حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الهجرة الكوردية الكبيرة و قد يكون السؤال الأكبر في هذا المضمار هو “هل كان بأمكاننا ايقاف الهجرة الكوردية و الحد منها و هل نستطيع اعادة الناس الى بيوتهم و تأمين الأستقرار و الأمان لهم؟”.
قبل الأجابة على السؤال المطروح سيكون من المهم التوضيح هنا اننا يجب ان لا نلوم من يترك ارضه و بيته ليقرر العيش في خيمة لا تقيه هو و اطفاله برد الشتاء و حر الصيف, انما يجب التركيز على الوضع العام الذي يدفع هذا الأب و هذا الشاب للهجرة, لا بد من هذه الأضاحة لأننا نسمع كثيراً كلام على شاكلة بأن الكوردي غير مرتبط بأرضه و أنه يهاجر عند اول مواجهة و هذا الكلام طبعا غير صحيح و فيه تجني كبير على شعب ضحى الكثير لأجل اثبات وجوده.
الكل يدرك حجم المصاعب الحياتية التي يمر بها كل السوريين بدون استثناء, لكن بالنظر الى الوضع الكوردي المتأزم منذ عقود يستطيع المرء ان يدرك الأسباب الجوهرية الأخرى التي تقف وراء الهجرة الكوردية.
الكورد عاشوا في سوريا فترة طويلة من عدم الأستقرار و عدم الشعور بالأمان و تم سلب كل ما لهم من حقوق, قسم كبير منهم حرموا من الجنسية السورية و تعرضوا الى الأفقار الشديد و المعاملة السيئة, كانت الحركة الكوردية في سوريا تعاني ايضا من التشرذم و تفتقد الى القيادة الحكيمة التي تستطيع صون ابناء شعبها من الأجراءات العنصرية التعسفية, مع بدء الثورة السورية شعر الكورد بانهم اصبحوا اقرب من اي وقت اخر الى الوصول الى اهدافهم و حقوقهم, اصبح الحراك الشبابي و التنسيقيات الشبابية تخرج للمظاهرات بشكل يومي و عم الأحتجاجات و المظاهرات كل المناطق الكوردية حتى اصبح الخروج في المظاهرات نمط حياة يمارسه الشباب بشكل يومي, طبعا لم تكن الهجرة قد بدأت, فقط أعداد قليلة من الشباب كان يغادر الى كردستان الجنوبية للعمل بالأضافة الى اعداد اخرى صغيرة جداُ كانت تغادر الى اوروبا و تركية.
مع اشتداد الأزمة السورية في الداخل السوري اضطر عدد غير قليل من الكورد الذين كانوا يعملون بسبب الحاجة الماسة في المدن السورية الكبيرة مثل دمشق و حلب و حمص و مدن اخرى بالعودة الى المناطق الكوردية التي كانت اكثر أمناً و استقراراً من باقي المناطق السورية, لكن الوضع المستقر نوعاُ ما لا يشبع البطون الجائعة, فقد اضناهم الفقر و العوز الشديد بسبب عدم وجود عمل يكسبون من وراءه لقمة العيش لهم و لأطفالهم و ذلك بالطبع عامل مهم يدفع الناس الى الهجرة.
مع السيطرة النسبية لحزب الاتحاد الديمقراطي على المناطق الكوردية و ازدياد الخلافات الكوردية البينية و ضمور الحركة الشبابية بشكل كامل ساد نوعا من الشعور بعدم الأمان و الأستقرار في المناطق الكوردية, حيث القت هذه الحالة بظلالها على الوضع الكوردي العام, فبدأ الكثيرون يشعرون بعدم جدوى ما يقومون به من حراك لأجل رص الصف و التمسك بالأرض, حيث استطاع طرف وحيد الأمساك بالمنطقة و فرض حالة امر واقع يستحيل فيها للطرف الآخر المشاركة فيها, حتى اصبح الكوردي الذي لا ينتمي فكرياً الى جماعة حزب الأتحاد اليمقراطي و نهجه امام خيارين لا ثالث لهما و هو إما الهجرة او الوقوف بالضد من الممارسات التي تحدث و الوقوف بالضد يعني بالضرورة الدخول في الأقتتال الأخوي البغيض.
جرت محاولات ضغط عديدة لتوحيد الحركة الكوردية لأجل ايجاد حل مشترك بين جميع اطراف الحركة, تم اغلاق معبر سيمالكا الحدودي بين اقليم كوردستان و كوردستان الغربية بغية الأستمرار في الضغط على الأطراف, لأجل الأتيان بصيغة مشتركة بين احزاب الحركة الكوردية, تم الحديث حول ايجاد قوات كردية مشتركة من جميع القوى السياسية و تم الحديث مطولاً حول تنفيذ مقررات مؤتمر هولير إلا ان جميع هذه المحاولات بائت بالفشل و لم تنجح في ظل محاولة حزب الأتحاد الديمقراطي التمسك بالسلطة بشكل منفرد.
في الأونة الأخيرة خرج حزب الأتحاد الديمقراطي بمسألة التجنيد الأجباري, هذا الأمر سيدفع عدد اخر غير قليل من الكورد الذين مازالوا صامدين في ديارهم بالتفكير بالهجرة ايضاّ. طبعا انا لا اود ان اضع كل البيض المكسور في سلة طرف واحد, لأن الأطراف الأخرى ايضاً تتحمل المسؤولية على ما حدث ولكن باعتبار حزب الأتحاد الديمقراطي تعتبر القوة المسيطرة على الساحة فأنها تتحمل المسؤولية الأكبر.
الهجرة التي تحدث خطيرة للغاية و لن يستطيع احد الحد منها او ايقافها بالاجراءات الترقيعية, الامر الوحيد الذي سيجعل الكوردي يفكر بشكل جدي البقاء في ارضه هو في حال قامت الحركة الكوردية بمراجعة دقيقة لوضعها السياسي و النظر بجدية الى الوضع القائم لأجل ايجاد حلول جذرية للمسائل العالقة و يجب عليها الأبتعاد عن المواقف الحزبية الضيقة و ايقاف محاولات الكسب السياسي على حساب الشعب الذي يعاني منذ عقود و يجب ان يدرك الطرف القوي بان محاولة صبغ المجتمع بصبغة سياسية واحدة سوف لن تنجح بل سيؤدي الى كارثة حتمية, الناس يشعرون بعدم الراحة و القلق و الخوف من المستقبل, ان لم تستطع الحركة الكوردية بكل اطيافها التغلب على ذاتها و ان لم تمهد الأرضية الملائمة فأن اعداد كبيرة اخرى ستهاجر.
النسبة التي تهاجر الى اوروبا هي نسبة صغيرة جدا بالمقارنة مع الذين يهاجرون الى دول الجوار, اي ان الفرصة لا تزال قائمة لكي يرجع هؤلاء الى بيوتهم فيما اذا حدث نوع من الأستقرار السياسي و الأمان و من الضروري ايضا توفير وضع اقتصادي معقول يستطيع من خلاله الناس تأمين حاجياتهم اليومية, كل هذه الأمور ليست بالأمور المستحيلة او الصعبة ان وجدت النية السياسية الحسنة.