كيف تلتهم جسماً بشرياً دون تردّد ؟

 ابراهيم محمود

 

آمل ممن يريد قراءة هذا المقال، أن يضبط نفسه
كثيراً، وهو يتمالك ليس أعصابه فقط، وإنما أن يكون في صورة خلفية ما يتردد حتى
الآن في أوساطنا الاجتماعية، وفي حالات خاصة : توترية، ووسطنا الكُردي، على لسان
أحدهم في لحظة غضب أو سعي إلى الانتقام: حتى لو شربت من دمه، فهو لن يشفي غليلي !
ومن ثم : حتى لو أكلت لحمه لن أهدأ، أو: إذا تمكنت منه فسوف ألوك لحمه ”
أمضغه ” أو حين يتباهى أحدهم من باب التحدي : أنا لحمي مُر ولا يؤكل ”
ما بيتّاكل ” أو ربط ما تقدمَّ بما ورد في حديث نبوي ومنه ” ..أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ “، وليسمح لي إن كان لديه فكرة معينة، في
إنارة الفسحة التي تتداول مثل هذه العبارة، وإلا فإننا بعيدون كل البعد عن حقائق
تشغلنا وتؤثر فينا دون اكتراث منا بها .

لهذا، وبغية سَلسلة فكرة المقال ” ولا
أجد سوى هذا الاسم تمييزاً له “، رأيت أن من الأنسب البدء هكذا، ومن خلال
متابعة موضوع غريب وليس بغريب كهذا، سعياً مني لتحرير المعني من وطأة كابوس نفسي،
أو ضغط نفسي يعميه من الداخل ” :
 

أنت ” أعني من لديه استعداد لالتهام جسم
بشري بالكامل، ودون ترك أي أثر، ودون تردد ، ولأسباب موجبة ستتضح لاحقاً ” في
مواجهة جسم بشري لشخص معين، لا يهم نوعه، أو جنسه، سوى أنه معروف لديك، وقد تمكنت
منه، حيث تحمل كامل المؤهلات لأن تعدمه كلياً، لمعزّزات نفسية خاصة بك، وأنت في
غفلة من متابع لك ولو في خفاء، لا عليك إلا أن تعتمد الآتي، لكي تهدّىء من روعك،
وتستطيع الإتيان على كل أثر لهذا الذي لكم تمنيت/ تتمنى محوه من الوجود: 

 
الجسم ممدود أمامك، على طاولة، أو مائدة
تسعه، ويُستحسن أن يكون في وضع مريح بالنسبة لك، وأنت تحمل موساً، أو سكيناً حادة لتنهي
عملك سريعاً، بما أن غليلاً يتملكك .
 

1-البدء يكون من الرأس، رغم النفور من مكونات
الرأس، ولكن موقعه للجسم يحفّز على تسريع عمل أداتك الحادة، ولهذا ما عليك، وأنت متشوق
لإحداث أول تغيير في من كنت تريد إنهاءه وقد أصبح بين يديك، عليك أن تبدأ بسلخ
فروة الرأس، وهي عملية تهبك المزيد من الراحة، لا تبث فيك نشوة، لأن الشعر له صلة،
كما تعلم، بالحياة، وسلخ الفروة يعيد إلى جماعات كانت تؤكد قوتها وقدرتها على قهر
العدو أو طريدتها البشرية بسلخ فروة الرأس، وربما كانت لدى البعض سلعة ورمزاً
للقوة والتمايز، ويكون إحراق الشعر فعلاً يتجاوب مع وحام نفسي عبر شم رائحة حرق
الشعر، لتبقى الفروة، بحيث يمكنك مع استخدام مادة كيماوية الاحتفاظ بها، وتعليقها
في مواجهتك لتشعِر نفسه كلما أبصرتها بسعادة وغبطة نفسيتين، وإذا أردت ففي الوسع
طبخها، بمثابة لبّان، أو ما يشبه ذلك، بما أن إجراء كهذا ينمّي فيك شعوراً بالتفوق
على خصمك .

 2- لا بد أنك ستصطدم ببعض الدم الذي
يغطي الجمجمة” القحف “، هنا لا ألذ من أن تستخدم لسانك ذا
المسامات” كحال الضواري المعتادة ” في لحسه، فذلك ينوع في متعة الانتقام
.

بالتأكيد، أنت ترفق السكين بأداة محطمة
” مطرقة، مثلاً “، وهنا تكون نشوتك مضاعفة وأنت تهشم الجمجمة، فتتفتق عن
دماغ، لطالما كنت تتخيله، وكيف كان يمكّن صاحبه منك، أو كما كنت تتخيل أو
تتصور..وثمة أكثر من طريقة لتناول الدماغ الحار، أو بعد تبريده، فذلك ينعشك،
ويشعرك بمتعة تذوق استثنائية، إذ تتجوف الجمجمة، وتأتي على العينين وأنت تفقأهما،
وهي لذة تضاهي لذة تهشيم الجمجمة أو سلخ فروة الرأس، فمن يعمي الآخر يمكنه مغالبته
بيسر كثيراً، وأمامك نزع اللسان، قرضه، وخلع الأسنان، إلى جانب ثلم الأذنين، وجدع
الأنف، وقطع الشفتين، ليكون لديك تغيير كامل في معالم الرأس، فلا يعود رأساً، وكل
ذلك، يترجم مدى تمكنك من هذا الذي لكَم تمنيت أن تنال منه، وأنت تقبِل عليه نيئاً،
شعوراً منك بأنك ذو ضراوة، وهذا مستقدمة  من
” الضواري ” المرهوبة الجانب ، ولا تنسى أن تحيل عظام الجمجمة إلى مادة
مطحونة بوجود آلة قادرة على ذلك واستخدام منقوعها في أوقات تجد فيها راحتك أكثر.

3- تالياً، يمكنك أن تبدأ باليدين،
وتلك خطوة مؤثرة، لأن قطع/ بتر اليدين يعادل تكتيف صاحبهما، أي تجريده من كل قوة،
ولك أن تسترسل في خياراتك بشأن عملية تقطيع اليدين، وكيفية الاستفادة منهما: ثمة
اللحم، وثمة الغضروف، وكذلك العظام ” لا تنسى هنا نقي العظام الذيب يفيدك في
تنشيط ذاكرتك، ويهبك شعوراً لا يوصف بالتفوق على المحيطين بك “، وهذا ما يمكن
تطبيقه على الرجلين رغم أن مهمة تحويلهما إلى قطع صغيرة، وحسب الحاجة، تتطلب بعض
الوقت، إنما لماذا العجلة، طالما أن هناك قابلية لديك لأن تمد في زمن نشوتك إزاء
من كان خصمك، أو تطلبه حياً وقد صار بين يديك، وبالأسلوب الذي تشتهيه نفسك
الأكالة.

 4- يبقى الجسم ومحتوياته، وهو الذي
يبقيك في حالة استرسال مع الخيال المحلّق، والرغبات ذات السيادة، لأن المحتويات
أشبه بسوبرماركت الجسم، بحيث إنك كلما ترويت وثبّتَّ ناظريك تستطيع أن تنوع في
ملذات وتذوقاتك، حيث الجلد واللحم والشحم والقفص الصدري، ولاحقاً: القلب والكبد،
والرئتان والطحال..الخ، إنها كنوزك الجديرة بالتأمل، كنوزك المشتهاة وأنت تحلم
بالوصول إليها، وأنت تتلمظ في أوقات متقاربة، قبيل النوم وأثناءه وبعده، ولكل عضو
ما يعزز فيك طاقة إحيائية خاصة، وشعوراً بالتفوق حتى على الضواري وسباع الطير، بما
أنك تمتلك ملَكة الخيال والثقافة التي تعينك على المزج بين النيئ والمطبوخ، بوجود
دم كاف، يعوّض عن الماء العادي باعتباره مرقاً، والدمج بين الدم واللحم فرصة لا
تعوض لأن تستعيد عافيتك، وتخرج إلى العالم وأنت سوي، كما لو أن كل ما فيك يقول:
أنا أكال، فمن يقف في وجهي ؟

5- ثمة مشكل، أو ربما هو مشكل يتعلق
بالأحشاء وما في الأحشاء من بول وخراء تحديداً ..

 

لا عليك، إذ طالما تمكنت من الإتيان على كامل
الجسم، يمكنك أن تذهب بشهوتك في التهام جسم بشري، ليس كأي جسم، إلى تناول الأحشاء بما
فيها، ليس لسهولة المضغ والهضم، وإنما لأن الأحشاء هي مالية الجسم، وقوده، ولا
تتقززن من بول أو خراء، لأنك تهيأت منذ ما قبل رؤية من تريد النيل منه في قبضتك
وأنت في سخونتك ورغبتك في التهامه، لأن في تجرع البول أو تناوله مع الخراء المتشكل
بلوغ الأوج في سيادة الشخصية والقدرة على إزالة كل أثر للخصم، أو للعدو المعتبر، عدا
عن أن هذه البقايا، وعلى ذمة ” الدميري- القزويني ” أكثر من صيدلية
دوائية طبيعية، تحتاج إلى ضبط نفسي خاص، نظراً لاستثنائية المكوّنات بغية
التهامها.

 

ورب ملاحظة مفيدة لك، وهي أن في وسعك أن
تلتهم الخراء مع البول في الحال، أو تودعه” الثلاجة ” لتهنأ به ساعة تشاء، قطعاً
مثلجة، أو مذوباً إياها وبحسب الرغبة والوحام الخاص.

 

6- وحين تأتي على كل شيء، كل شيء، يمكنك
مباشرة حياتك وهواياتك بين قومك، وتكون قد ترجمت حقدك الذي كان يثقِل عليك كثيراً، إلى
فعل ودون تردد، وتكون تجاوزت أكلة اللحم البشري الذين كانوا على اعتقاد أنهم من
جهة يمحون كل أثر لعدو لهم، للغريب، ومن جهة أخرى، لأنهم كانوا يقدرونه، بعدم
تركها للتراب والدود وما شابه ذلك …

 

أنت، ومنقاداً بحقد يلهمك حتى في كتابات تهبك
شأناً وموقعاً اعتبارياً بين منافسيك، ومن يهتم بأمرك، مغاير لهؤلاء كلياً، حيث يكون لك عقد
مع نفسك، وربما عقد سر من ندرة من نظرائك في كيفية الإقدام على التهام جسم بشري
بالكامل، وهو من بني قومك، تأكيداً على دور الحقد في التاريخ وكملهِم لا يجاري
بطريقته في إفناء الشبيه بالطريقة السينمائية الخاصة هذه .. 

 
لا بد أن آخر ما تقبِل عليه هو تجرع البول مع
ازدراد الخراء، والاستطالة في ذلك، تقديراً منطقياً منك، أن ما أردته قد انتهى أمره
بسرعة، ولتذوق الخراء هوى آخر في البقاء:

صحتين وعافية أيها الأكّال الكردي ..

لقد أصبحت الآن إنساناً سوياً ومطلوباً على
أكثر من مستوى، ونجوميتك بانتظارك..!

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…