في إعادة «تموضع» القوى السائدة

صلاح بدرالدين

   حسب رؤية قطاع واسع من المحللين السياسيين والإعلاميين
في المنطقة والتي تكاد تدخل في عداد التفسير التآمري للأحداث كانت – داعش – وبتباين
الأهداف والمصالح حاجة سورية – إيرانية – روسية – أمريكية – إسرائيلية – عراقية مالكية
وبعد ( أن قضت الأطراف حاجتها ) على حساب دماء ودموع وجز رقاب عشرات الآلاف من أهل
المنطقة في بحر العامين الأخيرين وتوصلت الى تحقيق الغايات الأساسية من ورائها ظهرت
حاجة جديدة للأطراف ذاتها أكثر الحاحا من سابقتها وهي ليس الاستغناء عن خدمات –
داعش – فحسب بل اعلان الحرب عليها بعد أن انتفت ضرورات وجودها وخروجها من تحت
السيطرة أيضا وملاحقتها بكل الوسائل العسكرية وضيق الخناق عليها عبر مجلس الأمن (
القرار 1720 ) ومايترتب على ذلك من تبدلات في التحالفات والعداوات واصطفافات
مستحدثة يمكن أن تحدث بمايشبه الزلزال في بنى الشرق الأوسط الآيلة للسقوط أصلا
نتيجة الصراعات الأكثر دموية وهمجية في تاريخ شعوبها .

   الولايات المتحدة الأمريكية وبعد سكوت مريب
طوال السنوات الماضية أمام ظهور وتمدد قوى الإسلام السياسي الأصولية المتطرفة وفي
المقدمة ( جبهة النصرة وداعش ) في الساحة السورية خصوصا وعلى حساب انحسار قوى
الجيش الحر و- المعارضة المعتدلة – بحسب التوصيف الأمريكي والاحجام عن تلبية مطالب
الثوار السوريين في فرض الحماية الجوية والمنطقة الآمنة ومدهم بالسلاح النوعي
الكفيل بمقاومة عدوان قوات الأسد وحليفته – داعش – والامعان في التردد والمماطلة
حتى سيطر الارهابييون على حوالي ثلث مساحة سورياحتى قررت مؤخرا اعلان الحرب وتقديم
الدعم العسكري لإقليم كردستان العراق والدعوة الى أوسع تحالف إقليمي – دولي لمواجهة
هذا الخطر المحدق الفالت من عقاله وبذلك تكون القوة الأعظم في العالم كزعيمة الغرب
والطرف الدولي الرئيسي الذي يقدم على إعادة رسم سياسة جديدة تجاه صراعات وأحداث
المنطقة . 

 
 
جمهورية ايران الإسلامية اللاعب الأول في عراق مابعد الدكتاتورية وانسحاب
القوات الأمريكية تحاول الإيحاء بأنها في طريق ”
إعادة التموضع ” بعد حجب الملف العراقي عن مسؤوله السابق الجنرال – قاسم
سليماني – والاعتراف الضمني بفشل أدائه السياسي في العراق وقيل أن أحد أسباب عزله
هو فشل – داعش – في احتلال أربيل عاصمة الإقليم ووقف رعاية – المالكي – الذي عاث
تخريبا وفسادا وسخر إمكانيات العراق لنظام الأسد إضافة الى محاولات التقرب من
إقليم كردستان خدمة لمصالحها بطبيعة الحال وليس حبا بالكرد أو احتراما لارادة
الشعب الكردي في حق تقرير المصير ببلدان المنطقة وبينها ايران والاستعداد لدعم
جهود المواجهة العسكرية ضد – داعش – .

 

 نظام
الأسد أيضا يعلن الاستعداد بل يطالب أمريكا والغرب علنا للتعاون والتنسيق في كل المجالات لمواجهة ( داعش والنصرة ) واعتبار النظام الممثل الشرعي والجهة
المخولة لعقد التحالفات وذلك على أمل إعادة التأهيل والاعفاء عن كل الجرائم
المرتكبة وكأن شيئا لم يحدث بعد كل الخراب والدمار والقتل والتقتيل . 
 
  واذا
كانت الدلائل تشير الى إمكانية دحر – داعش – في العراق عاجلا أم آجلا وانحسارها باتجاه الغرب فانها ولاشك ستكون سوريا ساحتها الرئيسية بالمستقبل وستتوجه
الأنظار اليها وستنشط فيها القوى الإقليمية والدولية أكثر من السابق سعيا وراء
المصالح والنفوذ في وضع لايستطيع فيه الشعب السوري فرض ارادته وتعجز قوى الثورة من
جيش حر وحراك وطني ثوري عام من أخذ زمام المبادرة في وضعها الراهن القابل طبعا
للتغيير نحو الأفضل اذا توفرت الشروط اللازمة وتحققت طموحات الحريصين على الثورة
وإعادة هيكلتها وصولا الى قيادة سياسية – عسكرية مشتركة .

 

 المفاجأة غير السارة لكل السوريين وللكرد منهم على وجه الخصوص هو التفرغ
شبه الكامل لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني
الجنرال – قاسم سليماني –  للوضع السوري
ومن ضمنه ملف جماعات – ب ك ك – وحزب الله وبعد اخفاق سياسته ومخططاته  حيال إقليم كردستان العراق من غير المستبعد أن
يعوض خسائره في الحالة الكردية السورية بتأليب متشددي جماعات – ب ك ك – في ( قنديل
والمناطق الكردية السورية ) ضد إقليم كردستان العراق وخلق المتاعب أمام كفاح شعبه
ضد الإرهاب وصيانة المنجزات ودفعها للمضي في سياساتها الانفرادية المغامرة الرافضة
للآخر المختلف في الحركة الكردية السورية والمضي في مشروع المحور الإيراني –
السوري المدعوم روسيا تجاه الوضع الداخلي وخصوصا بصيانة النظام المستبد بل تسويقه
إقليميا ودوليا لاعادة تأهيله وشرعنته دون محاسبة والتصريح الأخير لأوجلان مؤشر
سلبي على نذهب اليه .

 

 من
المؤكد مازال أمام الكرد السوريين فرصا لمعالجة ومواجهة ما ستحضره الأيام القادمة وأولها وأهمها التحرك والتواصل والاتفاق على مشروع موحد ثم التشاور في
مرحلة لاحقة مع قيادة إقليم كردستان العراق بغية إعادة النظر في الخطوات السابقة
الخاطئة في معالجة الأزمة وإعادة النظر للتأسيس لمشروع انقاذي شامل للحركة الوطنية
الكردية السورية على قاعدة استقلالية القرار وبدعم ومساندة ومباركة  الأشقاء في الإقليم .

  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…