المثقف والعقلية الشوفينية

 عمر الحجي

من المعلوم بأن المجتمعات قد مرت بمراحل عديدة فمنذ فجر التاريخ بدأت الحركة البشرية, وكانت أولى مراحل التجمعات تسود ه المشاعية الخالية من الأجندات الإقصائية .

المرتكزة على الحياة الغريزية اللاواعية إذا جاز التعبير ثم تتالت المراحل حتى وصلنا إلى العصر الحديث عصر (الأنا) والتعقل أنا أفكر إذاً أنا موجود .

وليس فقط الأنا الفردية فحسب بل الجماعية والهوية القومية.

قبل ذلك لم يكن قد أخذ الفكر القومي أفاقها ربما في اليونان القديم أنحاز بعد الفلاسفة نحو اليونانيين معتبرين الأثينين أسياد وما تبقى هم عبيد , ولم يصنف أفلاطون في طبقاته طبقة العبيد بل أعتبرهم أدواة ناطقة.

وبأختصارلم يكن في المرحلة القد يمه والوسيطة منهج قائم على سياسة طمس, وتجاهل, وإقصاء الهوية القومية للأخر, والتصاعد على حساب الأخر بالشكل الدقيق والمؤدلج.

إن الأجندات والإيديولوجيات قد ظهرت وأطفت إلى السطح في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وأصبح الكل يحارب الكل أي تجلت النزعة القومية المنطلقة من اللغة والتاريخ والجغرافية ووضعت الأسياج بين المكونات الاجتماعية وربما كان السياج فاصلاً أحياناً حتى بين العقول الد وغمائية المنطوية ذلك أدى بهم أن يسعو بأن يجعلوا من أنفسهم (سو برمانات) كأمثال النازي هتلر وما شابه ذلك من عقول عرقية قومجية متناسية إنسانية الإنسان , والطموح الإنساني بالتساوي , والواجب الكانطي الذي يقول إذا كان إنقاذ البشرية متوقفة على قتل طفل بريء فهو جريمة أي الواجب يجب أن يكون منزهاً عن الغاية عموماً كل هذا قد مضى أصبح ماضياً والماضي قد مضى وأنقضى.

لكن المؤسف هو أن نجد في وقتنا الراهن في هذا العصر مثقفين ومفكرين شوفينين قوميين متعصبين إلى درجة إقصاء الأخر بالقول وإن أستطاعو بالفعل أيضاً.

في هذا العصر الذي دار ويدور الحديث فيه حول الذاتية حول العودة إلى الطبيعة البشرية بصيغة عصرية أي إلى البراءة الإنسانية , الإنسان هذا المركب المتساوي بالطموح والمشاعر.

حقاً لمن المؤسف والمخجل أن نشاهد أستاذ جامعي يسعى بكل الوسائل أن يكون قومياً متعصباً واصفاً الأثنيات والقوميات والأقليات الأخرى بقوله (كم زعران يريدون الحقوق) والكثير من الكلمات الغيرلائقه به قال ذلك على شاشة الجزيرة في برنامج الاتجاه المعاكس الذي كان ضيف البرنامج بتاريخ 27/2/2007/ متحججاً بأن هناك أمة فرنسية وأمة بريطانية وو..

فلماذا  لاتكون لنا أمة.

فلتكن لكل قومية أمة ولكل شخص أمة وللعالم برمته أمة لنقل الأمة العالمية لتتمتع ضمنها كل فرد بالخصوصية الفردية , والجماعية , والقومية على أساس التسامح والمساواة لا على أساس الرفض والأنانية القومية .

لقد ذ كرت أنفاً بأن الفكر الراهن يدور حول الذاتية إي الإرادة الفردية وهذا يدل على أن الحرية يجب أن تكون عنصراً فاعلاً.

لكن الحرية التي يجب أن تنتهي عندما تبدأ حرية الأخر أي أن لاتحد من حرية الأخر الحرية التي يجب أن تكون شرط ذاته لا شروط مفروضة عليها لكي تبقى حية.

 

وفعلاً نلاحظ الآن عند الشعوب الحضارية المتقدمة حريات في العديد من المجالات وهناك من حمل شعاراً من المفكرين الليبراليين ضعه يعمل ضعه يمر أي الدولة يجب أن تكون شرطي لحفظ الأمن والحدود , وتطبيق القوانين الوضعية الواجبة لأن الإنسان كلما كان حراً كلما كان مسؤلاً بنفس الوقت فهو مسؤول عن الحرية التي منحت له.

ما يهمنا من كل ما تقدم هو أن يسعى كل مثقف وكل مفكر بأن يعالج المشاكل الراهنة بعقلية راهنة ومعاصره وليس بالعقلية القروسطية  فالحياة والكون كله غير ثابت بل متغير فلتتغير الروىء وتتسع الأفاق بتغيير الزمان لأن الثبات أمام التغيير هو موت  فلذلك نلاحظ حتى رجال الدين ينظرون إلى قابلية التغيير والتأويل في العد يد من المواضيع.

وإلا فإن الواقع لن يتسع وسيبقى ضيقاً أمام التفكير الضيق.

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس كوردستان ليست خريطة معلقة على الجدار، ولا نشيدًا قوميًّا يُتلى في المناسبات، ولا لهجة تُنطق في وادٍ دون وادٍ آخر، كوردستان هي وحدة الوجع، وحدة الدم، وحدة الجبل الذي احتضن الثائر، ووحدة الأم التي ودّعت أبناءها في جميع جهاتها الأربع دون أن تسأل، من أي جزء أنتم؟ لكنّ المأساة الكبرى لم تكن فقط في احتلال…

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…