ابراهيم محمود
في الدرس الفيزيائي المتعلق بقانون تحول المادة من الكم إلى الكيف وبالعكس ” الماء من السائل إلى الصلب، الحديد من وضعية الصلابة إلى الصهارة، وبالعكس، الخشب في احتراقه الكامل..الخ “، وفي شروط مخبرية، يسهل التعرف إلى الخطوات التي يمر فيها القانون في الحالتين، في أي زمان ومكان، ومن قبل أي كان، طالما طبّقت الشروط المخبرية ذاتها.
على مستوى العلوم الإنسانية، من الصعب جداً تتبع هذه الخطوات، كما في حال الكُرد، طالما أنه من باب الاستحالة إخضاعها لمفهوم كمي” فيزيائي ” أو انتظار تحول ما هو نوعي إلى ما هو كمي: عددي، لأن ثمة قوى، قوى تؤخذ بالحسبان، هي مؤثرات فاعلة في بنية أي تحول، إلى درجة أنه في الإمكان انتظار زمن طويل، وطويل جداً يفوق حسابات أي سياسي،
ورغم توافر الكثير مما هو مستوفى من شروط مسماة: في العدد، والإمكانات، وسبل المقاومة، والتضحيات، ووجود الأرض ، أو إمكان التنفيذ: الاستقلال الذاتي قليلاً أو كثيراً…الخ، دون جدوى، ليس لأن هناك ما هو مغيَّب أو غائب، أو ما يذكّر بالوزن الضئيل جداً في عبارة ” كالقشة التي قصمت ظهر البعير “، في فعل القانون التاريخي الاجتماعي استعارة، وربما لا يعود في الوسع تذكر أي مقوّم لهذا التحول الانعطافي، وإنما بالعكس، وهو أن كل ما هو مطلوب يشجع أو يحفّز على ذلك، ولهذا، يجب الحيلولة دون تحقيقه. وها نحنذا نلاحظ سبباً وجيهاً كل الوجاهة قد دخل على الخط، أو يقيم على الخط وكامن في متنه، سبب، ربما لا يتصور أن له علاقة بهذا المفهوم للوهلة الأولى، سوى أن لاتناهي الأسباب، أو عمق امتداد المؤثر الفاعل الواحد وجمعه بين قوى عديدة ظاهراً وباطناً، يكون وراء هذا الكبح.
هنا، يمكن التأكيد، على أن توافر الشروط الأكثر نجاعة للنظر إلى الكرد بصفتهم كرداً: كشعب يمتلك كامل المؤهلات، لأن يعترَف به دولياً ضمن كيان سياسي، وهو مغاير لأي مجموعة بشرية ينتظر لحظة انعطافته التاريخية هذه، هو الذي يؤجَّل فعل الاعتراف، لا بل ويسبب بين الحين والآخر تصدعات، أو يثير شبهات، أو يولّد مشاكل بينية: حدودية، ومن قبل الأنظمة التي تقاسمت الكرد وكردستانهم، كما لو أن ثمة قولاً يتردد في الصميم وفي الجوار، وعلى صعيد دولي: ربما يكون هناك إيجاد حل لمشكلة عويصة، ولكنه الحد الذي فجّر ويفجَّر مشاكل تواجه دولاً لها امتداد إقليمي وعالمي.
ربما، في الحالة هذه، لا أيسر من استخدام عبارات جغرافية، كما في ” المؤثرات المحيطية القاعية “، أو ” منطقة الزلزالية غير المستقرة “، أو ” البركان النشط ” ..الخ، تلك هي عبارات قابلة للاستعارة والاستفادة منها عند مكاشفة الأدوار الكبرى للدبلوماسية، بوجهيها الخفي” الأكثر خطورة وإقرار مؤثرات دون أخرى “، والعلني والذي يصدم هنا أو هناك، أو يفرح بالمقابل، ولكن النتيجة لا تبقى عالقة أحياناً، إنما في حكم المؤجَّل والعصي على التحديد، وهو ما يترافق مع الرقعة الجغرافية المتنازَع عليها، وليس مع الذين يقيمون فيها، الأمر الذي يدفع بالمؤثّر الأخلاقي إلى الخلف مباشرة، وتغدو الجغرافيا في مقام ” الجزة الذهنبية ” المتنافَس عليها، استناداً إلى مقدرتها الداخلية في تثبيت أوضاع أو تحريكها وتلوينها، وهو ما يحفّز على سهولة الأخذ بما يُسمى من قبل المضحى بهم على مستوى الجماعات والشعوب بالكامل، بالمأساة، وفي الأوج تأتي عمليات الإبادة الجماعية، أو المجازر/ المذابح بصفاتها، ولكنها من منظور القائمين عليها لا تعدو أن تكون مجرد عمليات وقائية، أو تدابير مطلوبة وهي لسان حال سياسة مشتركة لقوى، أو سياسات متشاركة في اللعبة، وبكل ” دم بارد “، وهذه هي الوجوه الألف للسياسة” هنا نعيد إلى الأذهان ما يخص مجزرة حلبجه في 16 آذار 1988، باعتبارها عملاً همجياً من منظور أهليها: الكرد، والقلة القليلة ممن تفاعلوا مع مأساتهم، إنما على مستوى دول محيطة، وحتى على مستوى دول كبرى، ماذا كان، وحتى في امتدادها السياسي الرهيب: الهجرة المليونية، ماذا كان وكان؟ حيث البحث في التعاطف هنا لا يعني أكثر من معاينة سكين الجلاد وهو لا يخفي اهتمامه بضحيته لكنه يتلمظ لمرأى إقباله عليها منذورة لرغباته “.
هنا، لا أيسر بالمقابل، من أن نحسبها دون تردد وفي سياق متحولات السياسة ومحاورها أو محورها الأكبر والمحاور الداخلة في منطقة نفوذها، أو المتداخلة معها، لا أيسر من أن نذكّر بأن الهجمة الداعشية التي لا يجب أن تعايَن بوصفها ” لعبة ” محلية أو إقليمية فقط، وأن شهود عيان الهجمة المنكرة وما حدث في 3 آب 2014، بدءاً في شنكال المنكوب، وفي إقليم كردستان استعاد البعض منهم ” وربما أكثر ” وفي النقاط القريبة من الحدود المشتعلة مع الموصل وامتداداتها مع الإقليم” في دهوك، كمثال حي، وكما عايشتُ عن قرب “، ما كان جرى سابقاً في ذاكرتهم القريبة جداً في مطلع تسعينيات القرن الآفل، والذاكرة الجماعية المنكوبة، تعيش نهب الآتي من النكبات أكثر من توقع المغاير، وأن ردود أفعال الدول الكبرى، وبدءاً من الولايات المتحدة وما تلاها، ربما فاجأت حتى أكثر أولي أمر الكرد معايشة للحدث في القوة التي تم تشخيصها وتأثيرها على ما هو محلي وإقليمي وعالمي بالمقابل، أي باعتبارها نوعية غير مسبوقة حتى اللحظة ” أقول : اللحظة، بمعيار ماراتوني، حتى تستقر نسبياً عند نقطة معينة “، وهي مفاجئة ربما كذلك لدواعشيين ومن وراءهم من المعنيين بأمرهم، استناداً إلى تصورات سابقة ” نمطية شغالة بالدلالات، وهذا المستجد غير المسبوق، لا بد أنه بالقدر الذي يفرح أهل السياسة، أو الثقافة في معترك الجاري، يبقيهم يقظين، أو متحفظين خوفاً من النتيجة التي ترتبط بالسالف المشابه لها سابقاً” في أمسها القريب جداً “.
في لعبة الدول الكبرى، هناك كم وافر، معين، من الضحايا دائماً، إزاء استخدامات مصالحية ما!
على مستوى عالمي، تبرز السياسة مواقع قوى، وهي تعيش حروبها المتعددة المستويات، وما جرى ويجري منذ ثلاثة أسابيع، انعطافة سياسية دولية تجاه القضية الكردية عموماً، وفي إقليم كردستان العراق خصوصاً، من منظور ما كان طبعاً، وهذا يعيدنا إلى العنوان وطرحه:
هل نشهد تحولاً للكُرد من وضعية الكم إلى وضعية الكيف ؟
أنهي هذا السؤال بمثال مرافق، من الكيمياء” الأخت التوأم للفيزياء “، حيث كان السؤال الآنف ذكره “، وهو يتركز على ” سم الحية القاتل “، ولكن الكيميائي وعبر مختبره، وحده من يتحكم في فعله عبر تركيبات كيميائية، كما هي صورة الحية المرئية في اللوحة المعلقة خارجاً بالنسبة للصيدلية، حيث الكأس أسفل رأسها المتدلي، ولا بأس أن أذكّر هنا أن الصيدلية تقابل ” فارماسي ” باللغات الأوربية المعروفة، ولكنها في مصدرها الأصلي يونانية ” وهي أوربية بالمقابل، وهي من باب الدقة ” فارماكون “، وتعني : الداء والدواء، السم والعقار معاً، وكل ذلك يتوقف على الفارماكون السياسي وقوته، والطرف المقابل، والجاري إقليمياً فارماكوني .
أترك المترتب عليه، وما يستحق التفكير فيه لأهل الخيال أو السوبر خيال لاستشراف الآتي ..!
هنا، يمكن التأكيد، على أن توافر الشروط الأكثر نجاعة للنظر إلى الكرد بصفتهم كرداً: كشعب يمتلك كامل المؤهلات، لأن يعترَف به دولياً ضمن كيان سياسي، وهو مغاير لأي مجموعة بشرية ينتظر لحظة انعطافته التاريخية هذه، هو الذي يؤجَّل فعل الاعتراف، لا بل ويسبب بين الحين والآخر تصدعات، أو يثير شبهات، أو يولّد مشاكل بينية: حدودية، ومن قبل الأنظمة التي تقاسمت الكرد وكردستانهم، كما لو أن ثمة قولاً يتردد في الصميم وفي الجوار، وعلى صعيد دولي: ربما يكون هناك إيجاد حل لمشكلة عويصة، ولكنه الحد الذي فجّر ويفجَّر مشاكل تواجه دولاً لها امتداد إقليمي وعالمي.
ربما، في الحالة هذه، لا أيسر من استخدام عبارات جغرافية، كما في ” المؤثرات المحيطية القاعية “، أو ” منطقة الزلزالية غير المستقرة “، أو ” البركان النشط ” ..الخ، تلك هي عبارات قابلة للاستعارة والاستفادة منها عند مكاشفة الأدوار الكبرى للدبلوماسية، بوجهيها الخفي” الأكثر خطورة وإقرار مؤثرات دون أخرى “، والعلني والذي يصدم هنا أو هناك، أو يفرح بالمقابل، ولكن النتيجة لا تبقى عالقة أحياناً، إنما في حكم المؤجَّل والعصي على التحديد، وهو ما يترافق مع الرقعة الجغرافية المتنازَع عليها، وليس مع الذين يقيمون فيها، الأمر الذي يدفع بالمؤثّر الأخلاقي إلى الخلف مباشرة، وتغدو الجغرافيا في مقام ” الجزة الذهنبية ” المتنافَس عليها، استناداً إلى مقدرتها الداخلية في تثبيت أوضاع أو تحريكها وتلوينها، وهو ما يحفّز على سهولة الأخذ بما يُسمى من قبل المضحى بهم على مستوى الجماعات والشعوب بالكامل، بالمأساة، وفي الأوج تأتي عمليات الإبادة الجماعية، أو المجازر/ المذابح بصفاتها، ولكنها من منظور القائمين عليها لا تعدو أن تكون مجرد عمليات وقائية، أو تدابير مطلوبة وهي لسان حال سياسة مشتركة لقوى، أو سياسات متشاركة في اللعبة، وبكل ” دم بارد “، وهذه هي الوجوه الألف للسياسة” هنا نعيد إلى الأذهان ما يخص مجزرة حلبجه في 16 آذار 1988، باعتبارها عملاً همجياً من منظور أهليها: الكرد، والقلة القليلة ممن تفاعلوا مع مأساتهم، إنما على مستوى دول محيطة، وحتى على مستوى دول كبرى، ماذا كان، وحتى في امتدادها السياسي الرهيب: الهجرة المليونية، ماذا كان وكان؟ حيث البحث في التعاطف هنا لا يعني أكثر من معاينة سكين الجلاد وهو لا يخفي اهتمامه بضحيته لكنه يتلمظ لمرأى إقباله عليها منذورة لرغباته “.
هنا، لا أيسر بالمقابل، من أن نحسبها دون تردد وفي سياق متحولات السياسة ومحاورها أو محورها الأكبر والمحاور الداخلة في منطقة نفوذها، أو المتداخلة معها، لا أيسر من أن نذكّر بأن الهجمة الداعشية التي لا يجب أن تعايَن بوصفها ” لعبة ” محلية أو إقليمية فقط، وأن شهود عيان الهجمة المنكرة وما حدث في 3 آب 2014، بدءاً في شنكال المنكوب، وفي إقليم كردستان استعاد البعض منهم ” وربما أكثر ” وفي النقاط القريبة من الحدود المشتعلة مع الموصل وامتداداتها مع الإقليم” في دهوك، كمثال حي، وكما عايشتُ عن قرب “، ما كان جرى سابقاً في ذاكرتهم القريبة جداً في مطلع تسعينيات القرن الآفل، والذاكرة الجماعية المنكوبة، تعيش نهب الآتي من النكبات أكثر من توقع المغاير، وأن ردود أفعال الدول الكبرى، وبدءاً من الولايات المتحدة وما تلاها، ربما فاجأت حتى أكثر أولي أمر الكرد معايشة للحدث في القوة التي تم تشخيصها وتأثيرها على ما هو محلي وإقليمي وعالمي بالمقابل، أي باعتبارها نوعية غير مسبوقة حتى اللحظة ” أقول : اللحظة، بمعيار ماراتوني، حتى تستقر نسبياً عند نقطة معينة “، وهي مفاجئة ربما كذلك لدواعشيين ومن وراءهم من المعنيين بأمرهم، استناداً إلى تصورات سابقة ” نمطية شغالة بالدلالات، وهذا المستجد غير المسبوق، لا بد أنه بالقدر الذي يفرح أهل السياسة، أو الثقافة في معترك الجاري، يبقيهم يقظين، أو متحفظين خوفاً من النتيجة التي ترتبط بالسالف المشابه لها سابقاً” في أمسها القريب جداً “.
في لعبة الدول الكبرى، هناك كم وافر، معين، من الضحايا دائماً، إزاء استخدامات مصالحية ما!
على مستوى عالمي، تبرز السياسة مواقع قوى، وهي تعيش حروبها المتعددة المستويات، وما جرى ويجري منذ ثلاثة أسابيع، انعطافة سياسية دولية تجاه القضية الكردية عموماً، وفي إقليم كردستان العراق خصوصاً، من منظور ما كان طبعاً، وهذا يعيدنا إلى العنوان وطرحه:
هل نشهد تحولاً للكُرد من وضعية الكم إلى وضعية الكيف ؟
أنهي هذا السؤال بمثال مرافق، من الكيمياء” الأخت التوأم للفيزياء “، حيث كان السؤال الآنف ذكره “، وهو يتركز على ” سم الحية القاتل “، ولكن الكيميائي وعبر مختبره، وحده من يتحكم في فعله عبر تركيبات كيميائية، كما هي صورة الحية المرئية في اللوحة المعلقة خارجاً بالنسبة للصيدلية، حيث الكأس أسفل رأسها المتدلي، ولا بأس أن أذكّر هنا أن الصيدلية تقابل ” فارماسي ” باللغات الأوربية المعروفة، ولكنها في مصدرها الأصلي يونانية ” وهي أوربية بالمقابل، وهي من باب الدقة ” فارماكون “، وتعني : الداء والدواء، السم والعقار معاً، وكل ذلك يتوقف على الفارماكون السياسي وقوته، والطرف المقابل، والجاري إقليمياً فارماكوني .
أترك المترتب عليه، وما يستحق التفكير فيه لأهل الخيال أو السوبر خيال لاستشراف الآتي ..!
ملاحظة: آمل، وآمل مكرَّرة، ألا ينظَر إلى المقال هذا، كما لو أنه ترجمة آلية لما هو فيزيائي- كيميائي، وأن صاحبه ” الداعي ” مفتَتن بالذهنية الميكانيكية، ومنخرط في لعبتها، منتش ٍ بها..