في خضم التغيرات والتحولات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وما ستؤول إليها، فإن المرحلة مفصلية بالنسبة للكورد عليهم استثمارها، والظروف الراهنة تفرض عليهم الحذر والحيطة، وتوحيد الصف والخطاب، وتجميع كافة الطاقات والإمكانات وعلى كافة الأصعدة وزجها في معركة الوجود المهدد من قبل القوى الظلامية، ووضع الخلافات السياسية والصراعات الحزبية جانباً.
إقليم كوردستان العراق موضع الأمل ومنطلق النهوض لدى الكورد، وملجأ للمظلومين والمهددين من الأحرار والأبرياء بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية، ومصدر للأمن والاستقرار في المنطقة، بحكم تجربته الديمقراطية الرائدة في الإدارة والبناء والتطوير، إضافة إلى كونه مركز اقتصادي عالمي تنشط فيه الشركات والاستثمارات الدولية والاقليمية، لذلك ينبغي حمايته وتحصينه وتزويده بكافة أسباب الصمود والتصدي والتقدم، لأنه أنموذج يضرب به المثل ويحتذى به، فالتواصل الدبلوماسي مع الخارج، والتبادل التجاري مع الأسواق العالمية لا سيما تصديرالنفط واستيراد الأسلحة منها بشكل مباشر دون المرور ببغداد مؤشرات واضحة في هذا الاتجاه.
أثبتت الأحداث الأخيرة أن للكورد أصدقاء أخر غير جبالهم يهبون لنجدتهم من وراء الجبال والبحارليحمونهم ويثبتون أقدامهم، فها قد أصبحوا رقماً صعباً ومعتبراً في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، وشريكاً حقيقياً وفاعلاً في رسم خارطتها المستقبلية وتقرير مصيرها، فقوات البيشمركة التي كانت ومازالت رمزاً نضالياً مقدساً لدى الكورد، ومثالاً رائعاً في التضحية والفداء أصبحت اليوم الوحيدة المنظمة والمؤهلة للتحرك على الأرض، يعول عليها ويوثق بها من قبل المجتمع الديمقراطي المتحضروالمتقدم لدحر الإرهابيين المتمثل بداعش الخطيرة ومثيلاتها وتمشيطهم من المناطق الكوردية في كل من العراق وسوريا، بغطاء وتعاطف أممي وبدعم وتنسيق دولي.
إن توفر مستلزمات ومقومات الدولة (جغرافيةُ محددة، شعبٌ موحدٌ إرادةً ولغةً..، دستورٌ عصري نافذ، اقتصادٌ داعمٌ، جيشٌ مدافعٌ “بيشمركة”،…)، مع بوادردعم ومؤازرة، ومقدمات اعتراف وشرعية (إقليمية – دولية)، إضافةً إلى وجود قيادة سياسية حكيمة ومتمرسة مخلصة برئاسة مسعود البارزاني, تؤهل إقليم كوردستان العراق ليكون مرجعية لكافة أطراف الحركة الكوردية ومن جميع الأجزاء، وتقدم لها الاستشارة والخبرة والمساعدة وفي كل المجالات.
المجازر التي ارتكبتها الدكتاتورية البعثية في بارزان وقلعة دزة وغيرها أثمرت بيان 11 آذار1970، ثم عمليات الابادة كفاجعة حلبجة والأنفال 1986- 1988 وضعت الملف الكوردي على طاولة مراكز القرار الدولية، وبعدها الهجرة المليونية 1991 التي فرضت الحماية الدولية وحققت الفدرالية، واليوم حماقات داعش الارهابية تمهد لإعلان الدولة الكوردية المستقلة، وحل القضية الكوردية في اطار الشرق الأوسط الجديد.