الداعشية الدينية – العنصرية أعلى مراحل الاستبداد

صلاح بدرالدين   

 الاستبداد بتعريفه العلمي وبماهوتصرف بصورة مطلقة
غير قابل للاعتراض وتعسف وتسلط وتحكم وظلم وفرض الإرادة من جانب نظام أو فئة
أومجموعة أوفرد يتحكم بالسلطة قسريا وبواسطة أدوات عسكرية وأمنية مسخرة  دون خضوع لقانون أو قاعدة ودون النظر إلى رأي
المحكومين يفعل ما يشاء غير مسؤول ويحكم بما يقضي به هواه وبماهو أيضا نمط من
أنماط الحكم الدكتاتوري مطلق التصرف في شؤون الآخرين والتعدي على حقوقهم الطبيعية
الأساسية والمدنية والعقيدية فانه لايقتصر على زمان معين أو قارة أوبلد أوشعب فهو
مرافق بأشكال مختلفة للبشرية ويمكن أن يظهر في أنظمة الحكم وسلطات الحاكمين ذات
الدساتير والقوانين “العلمانية ” أو التيوقراطية ولانجده فقط في الدول
المستقلة بل في الأحزاب والمنظمات غير الحكومية
 وخاصة داخل الفئات الدينية وبشكل أخص ضمن صفوف
جماعات الاسلام السياسي في العصر الراهن وتحديدا وبوضوح تام منذ قيام منظمة –
القاعدة – والجماعات الاسلامية المسلحة الأخرى في بلدان المنطقة وما أكثرها ولكنها
تنقسم كمادرجت عليه التسميات كجماعات الاسلام السياسي الى جناحيها السني والشيعي الا
أن ظهرت الموجة الجديدة الطاغية تحت اسم ( دولة الاسلام في العراق وبلاد الشام ) –
داعش – التي أعلنت الخلافة قبل وقت قصير .

 

  اذا كانت
جماعات الاسلام السياسي التقليدية وبغالبية أجنحتها وقادتها وفقهائها انطلقت في شعاراتها المعلنة من التراث الديني والمذهبي بغض النظر عن مفهومنا في تفسير
الديانات التي تصب بالنهاية في مجرى معين وعن مدى استغلالها من جانب نظم معينة لها
مصالح قومية وسياسية واقتصادية واذا كانت جسدت الاستبداد الديني في رفض الآخر
المختلف والغائه واستخدام العنف والقوة لفرض الارادة والعقيدة وتصفية الخصم خدمة
للارادة الالهية ! فان – داعش – في سوريا وخصوصا في العراق انتهجت الطريق عينه
مضيفة اليها نماذج الاستبداد العنصري مما أوغلت أكثر في الطغيان الظلامي الأعمى
ووسعت دائرة الأعداء لتشمل كل من ليس مسلما وليس سنيا وليس عربيا كما يظهر الآن
وبكل وضوح في حربها المعلنة على المسيحيين والأزيديين والشيعة والكرد وجرائمها
التي تقشعر لها الأبدان من ذبح للمدنيين وسبي للنساء وتدمير لمعالم الحضارة
والتاريخ .

 

   تجسد –
داعش –على أرض الواقع تماذج وتكامل كل من الاستبدادين الديني والقومي وذلك لتوفر عاملين أساسيين في بنيتها الأول عقيدي ديني اسلامي وهو معروف ولايحتاج
الى قرائن أما الثاني فهو سياسي – تنظيمي – استخباراتي فليس خافيا أن الغالبية
الساحقة من قادتها كانت من ضباط سابقين في جيش نظام صدام حسين وبالضرورة كانوا
بعثيين وكان من السهولة بمكان تفاهم قادتها مع نظام الأسد البعثي والاتفاق على
مواجهة الثورة السورية بعد اخراج أعداد كبيرة من قادتها وكوادرها من سجون الأسد
والمالكي وبعد أن ألحق بهم فوج آخر كان مقيما في ايران وكل الدلائل تشير وحتى
اللحظة على أن التنسيق مستمر رغم محاولات الاخفاء بطرق شتى ومن بينها الايحاء
بوجود مواجهات وقصف ولكن بالنتيجة تفتح الثكنات بين الحين والآخر لتزويد – داعش –
بالعتاد والسلاح هذا مايحدث على الأقل راهنا ولكن من غير المستبعد حدوث تطورات
اقليمية ودولية قد تغير المعادلة عاجلا أم آجلا خاصة بعد عدوان – داعش – على اقليم
كردستان العراق وردود الفعل الدولية وبعد ظهور بوادر توافق عراقي على الاستمرار في
العملية السياسية بعد استبعاد المالكي . 
 
  تقارب
الاسلاميين والقوميين العرب وخصوصا البعث الى درجة التعاون في بعض المراحل ليس أمرا عرضيا مفاجئا بل يستند الى فهم نظري وضعه مؤسس ومنظر البعث
والمتأسلم في أواخر حياته – ميشيل عفلق – وحذا صدام حسين حذوه باضافة ( ألله أكبر
) الى علم نظامه ( العلماني ! ) والتحالف مع جماعات ارهابية لمواجهة المعارضة
والحركة الكردية وسار نظام الأسد ( العلماني جدا ! ) على نفس المنوال فسلم أمره
لولاية الفقيه كرمز للشيعية السياسية وتعاون مع منظمات اسلامية ارهابية في سوريا
ولبنان وفلسطين ولهذا النهج أتباع وجمهور واسع من مثقفي النخبة بالمشرق والمغرب
رغم أنه لايعدو كونه مفهوما انتهازيا مصلحيا في اطار استثمار الاسلام من أجل
العروبة انتهاء بأسلمة القومية وقومنة الاسلام وهذا يتطابق تماما مع نهج جماعات
الاسلام السياسي في البلدان العربية وتاليا – داعش – . 
 
  لاشك أن –
داعش – التي تحتكر الاستبداد من كل أطرافه تجسد أعلى مراحله الآن على صعيد المنطقة وتشكل الخطر الأول في الحقبة الراهنة ويمكن بناء أوسع جبهة في
صفوف شعوب المنطقة لمواجهة هذه الهجمة الظلامية الهمجية ووضع حد لها بالسرعة
الممكنة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…