هكذا يردد متابعو مشهد فاجعة الشنكالي، وهو منهوك القوى، مثقَلا بفظائع المرئي والمسموع، إذ يصل إلى مشارف المعسكر أقرب إلى الميت، ليجد من يسرع إلى نجدته، وتقديم ما يلزم، على سبيل الإسعافات الأولية، إنما ” إنما ” ليحمل كل ما يقدّم له، على أنه من جهة هذا الحزب أو ذاك، حتى يأخذ المنكوب علماً، وهو بالكاد يسمع ويرى ويحسن التفكير جرّاء الجرح العميق في جسده إنما في روحه أكثر، أن كل شيء بالمقابل، رغم أنف الكردايتي ووحدة الكردية . هذا يوسّع دائرة محنة الكردي في حزبه غالباً، ويستثير الذاكرة المكانية والزمانية، كما لو أن الماضي آخذ بتلابيب الحاضر ويتهدد الآتي، وأن ليس من عاطفة كردية، أو كرامة كردي، أو غاية كردية، إلا وتمريرها في خُرم إبرة متحزب كردي، ليسهل تحويلها، كما يظهر، إلى ما يشبه الخيط المشمَّع ورفأ خرَق رايته المستهلكة .
أترانا مبالغين، متجنين، متحاملين على هذه الأحزاب التي لا تتردد في الإقدام على ممارسة مثل هذه التصرفات المريعة، وفي وضح النهار، وأمام الملأ، دون أي اعتبار لمن يراقب أو يصور أو يسجل ما يجري، لتأكيد هذه السمسرة البغيضة ذات العلامة القوموية- الشعبوية، الكردوية ، في أرواح عاشت رعباً استثنائياً ؟ أترانا مبالغين، متجنين، متحاملين على هذه الأحزاب، إن ذكّرنا بالذين باتوا في الجهات الأربع من العالم على وقع الحدث السوري، وفي أمكنة مرفهة، وتحت الأضواء، وتحررت ألسنتهم من عقدتها المحلية، وهم بالمئات ” أكثر من ملاك برلمان دولة بالكامل “، وقد أعطيت امتيازات وفيَز للانتقال عبر حدود دول، وهي تسمى من خلال هؤلاء، ولكل منهم زاوية نظر وراية، والجميع يتقاسمون المأساة الوطنية، الشعبية، القومية، الكردية، كما لو أن من المستحيل بروز ممثل حزب أو أكثر دون ظهور آخر أو أكثر بالجوار، أو في إثره في الحال، تأكيداً على أن الكردية لها ديمقراطية خاصة بها، وأنها استناداً إلى تاريخها الانقسامي، وتراكم مشاكلها وتعقدها، ليس في وسع أشخاص محددين، محل ثقة، وفوق دمغة أو وشم الإيديولوجيا الكردوية، تمثيلها، والقيام بواجباتها، ليكون لدينا هذا الجمع الغفير، لأن الكرد استثناء الجغرافيا والتاريخ، لهذا لا غرابة أن نلمح ومن خلال المتابعة، وبطرق شتى، هذه السمنة التي أصابت غالبيتهم، وثخنت رقابهم، وتوسعت ربطات أعناقهم، وعرضت وهي تغطي كروشاً تغذيها مطاعم بمواصفات عالمية، وعلى حساب آلام الشعب، وقصرت تلك الربطات بشكل لافت .. ولا ندري كيف سيكون مآلها في القريب العاجل، إذا استمر الحال هكذا ..