ابراهيم محمود
يمكن لأي كان أن يخون وطنه، شعبه، هويته بوعي مقصود، وتلك مصيبة، لكن أن تأتي الخيانة إزاء كل ذلك دون وعي، فتلك هي الطامة الكبرى . وفي ذروة مجابهة الخطر الداعشي المحلي، الإقليمي، الدولتي على كردستان عموماً، وعلى إقليم كردستان خصوصاً، ما أسهل وجود أو رؤية من يسخّر مواهبه، أو بعضاً من ” مواهبه ” العمالاتية للترويج لداعش، فكراً وسلوكاً وفتح معبر له إلى داخله الكردي .
لعلها أخطر وظيفة إعلامية في الملمات، حين تشتعل الجبهات، ويكون الحماة ” البيشمركة ” مستميتين في الدفاع عن الإقليم، حيث ينبثق الداعشيون كالطفح الجلدي والسرطاني على حدود تمتد مئات الكيلومترات، تتوافر جبهات متداخلة ربما يُغفل عنها بصيغ شتى، يتنشط عليها أو عبرها ضعفاء النفوس، أو الوجدان القومي، أو الانتماء الكردي – الكردستاني بغية الإيقاع بوطن كامل، يتربص به أعداء من تشكيلات مختلفة ” ماذا يربح خائن الوطن، إذا ربح العالم: الذهب الداعشي المزيف ” وخسر نفسه شر خسارة وبؤسها ؟
لعلنا في ليلة الخميس، بتاريخ 7 آب 2014، ونحن نيام، وفي دهوك المدينة التي يحتضنها جبلان عتيدان، وقد أجفلتنا أصوات إطلاق عيارات نارية، وأصوات متداخلة استمرت لبعض الوقت، كان من شأنها إدخال الرعب في نفوس نسبة من هم نيام ” والعدو لا يأتي إلا على غفلة “، ولا يزيد من خطر الدفع بالأهالي إلى الهرب أو الاستسلام أو الوقوع في حيرة نافذة مثل لحظة الغفلة المستغَلة، وفي الداخل الدهوكي، وكان محرّك البلبلة وما جرى في أعقابها، من حاولوا الإيهام إلى أن داعش على مدخل دهوك ” بوابة ألوكا ” ومن جهة الموصل تحديداً.
تمت السيطرة على الوضع بوجود من يهمهم أمر الوطن، وسلامة الوطن، وحب الوطن، وعاد الهدوء إلى سابق عهده، لتنفتَح سيَر في صباح اليوم التالي” أعني من يوم الخميس تحديداً ” وأنا في مركز عملي ” مركز الأبحاث الكردية- جامعة دهوك “، والإشارة إلى من يرون في صنع البلبلة ترجمة لهوى بغيض في نفوسهم اللاوطنية، ولأنزل إلى الشارع، وأتحرى وجوه الناس، وأسأل هنا وهناك، وأصغي إلى بعض التجمعات، حيث حديث الليل الكردي اللئيم كان متردداً على مسامع النهار الكردي الحميم، سوى أن الشارع الكردستاني- الدهوكي كان في أتم وضعية الانفتاح على الحياة، سوى أنه بالكاد الدخول إلى محل دهوك، صغيراً أو كبيراً، إلا ويكون الإصغاء إلى نشرات الأخبار الكردية، تعبيراً عن حرص، وعن وحدة جبهة الداخل والخارج. بالتأكيد، ليس كل من يقول وهو يرفع صوته: داعش قادمون، أو قادمة، يمكن أن يكون واعياً تماماً، ولكنه لا يعفى من المسئولية، وهذه أهم وظيفة إعلامية وفي الأزمات. إن ما يعضد قوة الجبهة ومضاء عزيمة المقاتلين هو تماسك الداخل في الصميم.
تمت السيطرة على الوضع بوجود من يهمهم أمر الوطن، وسلامة الوطن، وحب الوطن، وعاد الهدوء إلى سابق عهده، لتنفتَح سيَر في صباح اليوم التالي” أعني من يوم الخميس تحديداً ” وأنا في مركز عملي ” مركز الأبحاث الكردية- جامعة دهوك “، والإشارة إلى من يرون في صنع البلبلة ترجمة لهوى بغيض في نفوسهم اللاوطنية، ولأنزل إلى الشارع، وأتحرى وجوه الناس، وأسأل هنا وهناك، وأصغي إلى بعض التجمعات، حيث حديث الليل الكردي اللئيم كان متردداً على مسامع النهار الكردي الحميم، سوى أن الشارع الكردستاني- الدهوكي كان في أتم وضعية الانفتاح على الحياة، سوى أنه بالكاد الدخول إلى محل دهوك، صغيراً أو كبيراً، إلا ويكون الإصغاء إلى نشرات الأخبار الكردية، تعبيراً عن حرص، وعن وحدة جبهة الداخل والخارج. بالتأكيد، ليس كل من يقول وهو يرفع صوته: داعش قادمون، أو قادمة، يمكن أن يكون واعياً تماماً، ولكنه لا يعفى من المسئولية، وهذه أهم وظيفة إعلامية وفي الأزمات. إن ما يعضد قوة الجبهة ومضاء عزيمة المقاتلين هو تماسك الداخل في الصميم.
هذا ما يجب التركيز عليه، واعتبار ذلك الثغرة الكبرى التي يتسلل منها الأعداء من خلال من يطأطئون لهم أعناقهم بثمن رخيص، أو وعي انهزامي . تخيلوا، أو تصورا أن المقاتل البيشمركي نقِل إليه أن هناك من يهربون من المدينة. في الحال يكون التفكير في العائلة، والأهل، ويفقد تواصله الحميم مع سلاحه، وتركيزه على عدوه، وربما تصل به الحالة إلى درجة ترك السلاح بالمقابل، لسبب بسيط، ربما ، وهو أنه مستغرق في اللحظة القتالية المعتبَرة والمقدسة، وأن مجرد سماع من يعلِمه أن الأمر قد خرج عن السيطرة، قد لا يكون لديه الوعي التحليلي الكافي للسؤال، فيقع ما ليس في الحسبان . في السياق نفسه، وهذه ملاحظة هامة جداً، وموجّهة إلى الإعلامي الكردي بكل قنواته ومنابره الإعلامية والثقافية، والقول بأن كل من يحاول الغمز من قناة الآخر بدافع التهكم أو السخرية، كأنما يسهّل مرور العدو المشترك إلى داخله، ويقرّب أوان التمكن منه هو نفسه . تُرى: كيف يكون الصف الواحد والهم الواحد والهدف الواحد، لحظة التفكير في هذا التنافس على الإيذاء المتبادل، والعدو ذكي، ويجب اعتباره ذكياً جداً، للاحتياط الكامل، والنتيجة هي التداعي التدريجي وخسارة الجميع . على مر التاريخ الكردي، وفي كل صور الانتفاضات والثورات الكردية، كان سهم الخيانة من قبل الكردي في الكردي، والتشويه الكردي لذات الكردي، وإيجاد مسالك لتسهيل عملية العدو بوسائط كردية، أو كردياً، سهماً نافذاً، حائلاً دون تحقق الهدف الكردي الواحد، دون بلوغ الانتفاضة أو الثورة أو الهبة الكردية لمَا تصبو إليه، لتكون النتيجة كارثية، وفي الآن عينه، كما هو الحال، يكون لدى العدو الخبرة التاريخية العملية والثقافية التي تمّكنه من الوصول إلى قوة الكردية والسعي إلى تفتيتها أو تشتيتها، وما يعيشه الكرد اليوم في كل الجهات الكردستانية لا يختلف عن الأمس إلا في الشكليات، إنما وجه الخطورة هو أن المحقَّق كردستانياً، عبر الإقليم قبل كل شيء، وبغض النظر عن الملاحظات الموجهة، لا سابقة له. ” لم يدخل العدو من حدودنا- قد دخل العدو من عيوبنا “، تلك كلمات شاعر، ومؤثّرة بحكمتها ! فهل يجد الكردي حضوره الكردي، ويتلمس الشعور بالحرية وهو يتكلم بلغته، أو يقرأ بلغته، ويسمع الأخبار بلغته، أم حين يحيله العدو إلى رقم، أو تابع، أو دون اسمه الكردي، وشرفه الكردي ؟ لا مجال لتصريف ثالث، حيث الداعشية هي أخطر هجمة معولمة تتحدى الكردي وحلمه الكردستاني هنا وهناك ! اختاروا إذاً !
دهوك
دهوك