عيدٌ آخرُ يُطلُ علينا وثورةُ الكرامةِ ماتزالُ متقدةً، وستبقى كذلك، إلى أن يحققَ السوريون أهدافَهم، في الحريةِ والكرامةِ الإنسانية .
إن هذه الثورةَ العظيمةَ، هي ثورةُ بناءٍ وليست ثورةَ هدمٍ , ثورةُ بناءِ الذاتِ السوريةِ وقدراتِها الخلاقةِ، التي حاول نظامُ الظلمِ والظلامِ أن يطمسَها .
إن السوريينَ كما قدموا للعالمِ أولَ أبجديةٍ مكتوبة، وأعطَوا الإنسانيةَ ثقافتَها وعلمَها، قادرونَ اليومَ، على تقديمِ أنموذجٍ للبشريةِ كلِها , أنموذجٍ في الفداءِ والصبر، وأنموذجٍ في التحضرِ وبناءِ الدولِ على أسسٍ صحيحة .
إن حلمَنا كسوريينَ هو مجتمعٌ حرٌ كريمٌ، يحققُ ثورتَه السياسيةَ والاجتماعيةً والثقافيةً والعلميةً، التي سيكونُ أساسُها؛ إحداثُ نقلةٍ نوعيةٍ في نظمِ التعليمِ ومناهجِه في سوريةَ الجديدة .
إن معركةَ البناءِ لا تقلُ ضراوةً عن معركتِنَا ضدَ نظامِ البطشِ والفجورِ , وسوريةُ بحاجةٍ لجميعِ أبنائِها، أياً كانت انتماءَاتُهم , وأياً كانت عقيدتُهم الدينيةُ أو السياسيةُ , إن سوريةَ لجميعِ مواطنِيها من كلِ الأعراقِ والقومياتِ، ولن تكونَ إلا للسوريينَ، فهذا الشعبُ القادرُ على اجتراحِ المعجزاتِ؛ قادرٌ الآنَ على الخروجِ من هذه المعركةِ، مرفوعً الرأسِ عاليَ الجبين .
إن استقلالَ سوريةَ بقرارِها وأرضِها وسيادَتِها على إقليمِها كاملاً , واستعادةَ الجولانِ المحتل , ووحدةَ شعبِها، هي الثوابتُ الأساسيةُ التي نقاتلُ من أجلِ تحقيقِها .
ونقولُ للجميعِ في الداخلِ والخارج، إن حمايةَ السوريينَ وصونَ كرامَتِهم، هو الأساسُ والمنهجُ في عملِنا , ولن نسمحَ لكائنٍ من كان، لن نسمحَ له بالتجاوزِ على كرامةِ السوري في أي مكان , لن نسمحَ لأحدٍ أن يفرضَ إرادتَه وفكرَهُ وأسلوبَ حياتِهِ على السوريينَ بقوةِ السلاح , فهذا الشعبُ الذي قادَ أعظمَ ثورةِ في التاريخِ ضد نظامٍ مجرمٍ مدججٍ بآلةٍ عسكريةٍ ضخمة , قادرٌ أيضاً أن يقاومَ الظلمَ من فئاتٍ حملتْ السلاح , وبدلاً من الدفاعِ عن حريةِ السوريينَ وكرامتِهم ها هي اليومَ تمارسُ على بعضِهم أبشعَ أصنافِ الظلمِ والقهرِ والاستبداد .
إن البندقيةَ التي لا تحمي كرامةَ السوري وحريتَه في الاختيارِ؛ هي بندقيةٌ عدوةٌ لهذا الشعبِ، عدوةٌ لثورتِه.
إن ما يجمعُنا جميعاً هو حريةُ هذا الوطن , وكرامةُ مواطنيه , وعلى الجميعِ الآنَ التوحدُ تحتَ رايتِه, وكل من يرفضُ وحدةَ البندقيةِ ووحدةَ الهدفِ؛ هو خارجٌ عن إرادةِ السوريين , ونقيضٌ لثورتهم , ثورةِ العزِ والإباء .
أيتها الأخواتُ .. أيها الأخوةُ
أيتها الأراملُ , والثكالى , أيها الأيتامُ , أبنائي:
أعرفُ أن ما مرتْ به سوريةُ يفوقُ الوصفَ والخيال , وأعرفُ أننا الآنَ في عينِ عاصفةٍ هوجاء , أعرفَ أننا جميعاً مهددونَ بالغرق , أعرفُ حجمَ الصعوباتِ التي تواجهُ وطننَا , ومجتمعَنا , وثورتَنا , في ظلِ تخاذلٍ عامٍ من قبلِ المجتمعِ الدولي , أعرفُ أن السوريَ تُرِكَ وحيداً ليواجهَ بلحمِه العاري قوى الظلمِ والظلام , وأعرفُ أن قدرَ السوري أن يقاتلَ على ثلاثِ جبهات , جبهةِ النظام , وجبهةِ أولائكَ الذين يريدونَ فرضَ إرادتِهم علينا , وجبهةِ بناءِ الوطن . إن حجمَ المصاعبِ هذه تدعونا جميعاً، لأن نقفَ أمامَ أنفسِنا، لنعملَ ونستمرَ بالعملِ، ونحن واثقونَ بنصرٍ من الله.
أيها السوريون:
بعزيمةِ شعبنِا وإباءِ رجالِنا وصمودِ نسائِنا , سنصنعُ مستقبلَ أطفالِنا المشرق .
إن السوريينَ اليومَ يخوضونَ معركتَهم بالنيابةِ عن كلِ البشرية , وعلى جميعِ الأحرارِ في العالم، وعلى جميعِ الدولِ اليومَ، الوقوفُ بجانبِ السوريينَ ومساعدتُهم في معركتِهم ضد الظلمِ والظلام , لأن انتصارَ السوريينَ هو انتصارٌ لكلِ القيمِ الإنسانيةِ النبيلة , انتصارٌ لكلِ الأحرارِ في العالم , ولذلك فإن التزامَنا في معركتِنا هذه بالقانونِ الدولي الإنساني، وبشرعةِ حقوقِ الإنسانِ هو التزامٌ أصيل , بالقيمِ السوريةِ النبيلة، التي أهداها السوريونَ للعالمِ أجمع .
أيها السوريون . . . . بني وطني
إن الائتلافَ الوطنيَ لقوى الثورةِ والمعارضة , هو حاضنةُ الثورةِ وممثلُها , وهو إطارٌ سياسيٌ جامعٌ لا يقتصرُ على أعضائِه فقط , بل هو منفتحٌ على كل السوريينَ و يسعى الآنَ وبشكل جاهدٍ للاستفادةِ من طاقاتِ كلِ المواطنينَ وتأطيرِها في خطةِ عملٍ تم وضعُها وصياغتُها، تقومُ على تحديدِ أهدافٍ زمنيةٍ محددةٍ يجبُ إنجازُها , بالمشاركةِ مع الجميع .
إننا في الائتلافِ الوطني لقوى الثورةِ والمعارضةِ بدأنا بترتيبِ بيتِنا الداخلي , وتصحيحِ الأخطاءِ، التي اعترت مسيرةَ عملِنا , وصدرُنا وقلبُنا وعقلُنا منفتحٌ لكل نقدٍ أو تصويبٍ من أبناءِ شعبِنا , فنحن نعملُ، ومن يعملْ لابدَ سيخطئْ , ونحن بحاجةٍ دائمةٍ لمراجعةِ عملِنا بنظرةٍ نقديةٍ بناءةٍ، تهدفُ إلى تجاوزِ الأخطاءِ، وتصحيحِ دفةِ العملِ وتوجيهِها في الاتجاهِ الصحيح .
إن الائتلافَ الوطني لن يكونَ بعيداً عن همومِ السوريينَ وعذاباتِهم , لقد وُجِدَ هذا الائتلافُ ليمثلَهم , وهو يستمدُ شرعيةَ وجودِه وبقائِه من التزامِه الكاملِ بأهدافِ الثورةِ السورية .
إن للائتلافِ الوطني مرجعيةٌ واحدةٌ وحيدة، هي الشعبُ السوري، ولن يكونَ له غيرُ هذه المرجعيةِ، فاعتمادُه بعد الله سبحانه وتعالى على الشعب , منه يستمدُ القوةَ، ومنه يستمدُ العزم .
أيها السوريونَ . . . . بني وطني
أخاطبُكمُ اليومَ وأعرفُ حجمَ آلامِكُم , وتضحياتِكُم التي قدمتمُوها دفاعاً عن حريتِكم وكرامتِكم واستقلالِ وطنكم .
أخاطبُكمُ اليومَ ولا أنسى شعبَ غزةَ الصامدَ الصابر، الذي يخوضُ معركةَ حريتِه وكرامتِه مثلَكم .
أخاطبُكمُ اليومَ وأقولُ إن النصرَ باتَ قريباً , وإن نسائمَ الحريةِ ستغمرُ كلَ جنباتِ هذا الوطن .
أيها السوريونَ . . . . بني وطني
هلموا جميعاً لنتشاركَ في بناءِ وطنٍ سعيدٍ ينعُمُ فيه أبناؤنا بالحريةِ والكرامة .
تعالَوا جميعاً لنحميَ وطنَنا… سوريةُ سيدةُ بقاعِ الأرض , أمُ الحضارات , فسوريةُ أمُنا جميعاً تستحقُ منا البذلَ والتضحيةَ والعطاء .
كلَ عام وأنتم بألفِ خير، سيكونُ عيدُنا الحقيقي هو يوم انتصارِ ثورتِنا وتحقيقِ أهدافِها , وإن الفجرَ لقريبٌ وإن كره الكارهون .
الرحمةُ للشهداء , الشفاءُ للجرحى , الحريةُ لكل المعتقلين .
عاشتْ سوريةُ حرةً أبية .