في ذكرى التأسيس «البارتي سيواصل المسيرة»

نوري بريمو

في مشهد إحياء ذكرى تأسيس البارتي (الحزب الديمقراطي الكوردستاني ـ سوريا) في 14-6-1957م، وبعد أن مضت ثلاثة أعوام وأربعة أشهر على عمر الثورة السورية التي طال أمدها وتوسعت دائرتها وتطورت شكلا ومضمونا، وبما أنّ نظام البعث يواصل ممارسة الطغيان في سوريا التي تكاد أن تنهار وتتلاشى وتصبح في خبر كان بفعل إصرار كافة أطراف النزاع وخاصة النظام بالسير صوب الخيار العسكريتاري وإستمرار دوامة العنف والعنف المضاد، وبما أنّ أهل سوريا بكافة مكوناتهم القومية والدينية والطائفية (عرب وكورد وسنّة وعلويين ودروز وكلدوآشوريين و…إلخ) هم الأكثر تضرراً في الوقت الحالي لأنهم وحدهم يدفعون الفاتورة ويضحون بأرواحهم وديارهم وأموالهم، فإنّ على الجميع أن يعيدوا حساباتهم وأن يحسبوا لهذه المرحلة السورية أكثر من حساب وليس حساب واحد فقط!، لأنها مرحلة حساسة وحالة حرجة ولا تكتنف خيارات كثيرة.
فالجانب الكوردي مثلاً ـ وخاصة البارتي والمجلس الوطني الكوردي ـ الذي هو شريك أساسي في المعادلة وجزء لا يتجزأ من المشهد السوري، يمرّ حاليا بممر إجباري وليس لديه سوى خيارين إثنين: إما مواصلة المسيرة ومقاومة مختلف التحديات الداخلية والإقليمية ودفع الفاتورة مهما كلف الأمر!، أو الإستسلام لأحابيل النظام ولسلطة الأمر الواقع الآبوجية وهذا مستحيل!،  وبالتالي لم يعد أمام البارتي أي مبرر لخيار الحيادية لإنعدام جدوى الطريق الثالث الذي كان معتمَداً لدى البعض الكوردي بحجة وقاية الشارع الكوردي من ضربات مدافع وطائرات النظام الكيماوي وشبيحته وأذرعه الأمنيين كداعش وأخواتها وكحزب (pyd) الذي بات يكشف عن نواياه شيئا فشيئا حتى وصل به الأمر إلى عدم قبول الشراكة ومحاولة تدجين الأطراف الكوردية الأخرى وحظر نشاطاتهم ومعاداتهم بشكل علني وإفهام كافة أحزاب المجلس الوطني الكوردي وخاصة البارتي بأن حزب (pyd) هو السيد وينبغي على الجميع أن يتصرفوا كعبيد ويرضخوا لإرادته وأن يخضعوا لسلطة الأمر الواقع الفارضة لنفسها بالقوة في ساحة كوردستان سوريا التي باتت تئن تحت وطأة “كانتونات الأمة الديمقراطية” التابعة للنظام والتي تخبئ وراء الأكمة ما وراءها!؟.
وإذا استمرت الأمور بالسير وفق هذا المنحى الخطير الذي تفرضة هذه “الكانتونات اللاديمقراطية” لابل المربعات الأمنية الموالية لنظام الأسد المعادي للبارتي والقضية الكوردية على مدى سنوات حكم بشار ووالده حافظ!، فلا يجوز الإستسلام ولا بديل أمام البارتي والمجلس الوطني الكوردي سوى المقاومة عبر الإحتكام للأساليب السلمية الديمقراطية كتحريك الشارع الكوردي الغاضب في مواجهة طغيان حزب (pyd) الذي خسر جماهيره الكوردية ويغرد خارج السرب ويستمد وجوده وقوته من النظام وحلفائه الداخليين والإقليميين، وفي هذه الحالة ولدى إعتماد هذا الخيار فالبارتي والمجلس سيغدوان بحاجة ماسة إلى وضع خطة مرحلية جريئة تتضمن توفير مستلزمات العمل في إطار خارطة طريق تستمد شرعيتها من الشارع الكوردي وتستنهل قوتها من روح ونهج الكوردايتي والبارزاني الخالد، حيث يتم بموجبها ممارسة فعل نضالي موحد يرفع من معنويات بنات وأبناء شعبنا الكوردي ويقطع الطريق على إلتواءات منظومة الـ (pyd) ويفضح صفقاتها مع نظام الأسد الذي ألحق ويلحق أفدح الأضرار بقضيتنا القومية العادلة والعالقة بين مخالب أعداء شعبنا وفي مقدمتهم نظام البعث الشوفيني.
وبما أن البارتي يحيي ذكرى ميلاده السابعة والخمسين، فلعلّ من المفيد التذكير بأنه لا بديل عن تفعيل دور المجلس الوطني الكوردي لأنه العنوان السياسي الحالي للجانب الكوردي في كوردستان سوريا التي تمر بتحويلة مصيرية ستنتهي في نهاية المطاف بإسقاط نظام الأسد في دمشق وإنهيار أتباعه في المناطق الكوردية وإنهزام مختلف العلوج في تخومها، ولا يجوز تسخير هذا المجلس لمصلحة أي حزب أو أية منطقة كوردية (الجزيرة أو كوباني أو عفرين) دون الأخرى، فالتسخير الحزبوي أو الإكتفاء المناطقي للمجلس لا يخدم الصالح الكوردي العام، وللعلم فإن خصوم المجلس كثيرون ويعملون ضده في داخل البيت الكوردي وفي خارجه حيث تتربص به بعض الدوائر الشوفينية التي تحاول على الدوام تقليص دور المجلس الكوردي لأنه يرفع شعار “الديمقراطية لسوريا والفدرالية لكوردستان سوريا”، وفي هذا المجال فإن المطلوب من ممثلية المجلس الكوردي في الإئتلاف أن يكون لها موقف موحد وأن تلعب دورا ايجابيا وسط الكتلة الكوردية عبر جمع شملها وتوحيد موقفها وموقعها، وأن تعمل على توثيق وتطوير علاقات المجلس الكوردي مع قوى المعارضة السورية، وأن تسعى لتحسينها على مبدأ الاحتكام للحوار والاعتراف بالآخر والشراكة الحقيقية في الحقوق والواجبات.

وبهذه المناسبة المجيدة…ينبغي على البارتي أن يعدّ العدة ويحضّر نفسه ليصبح البديل الديمقراطي عبر البحث عن سبل تعزيز موقعه الجماهيري وكيفية توفير مقوّمات الدفاع عن ذاته وعن القضية الكوردية وسط هذا المتحول السوري الذي قد يكتنف فرص ذهبية لكافة مكونات سوريا وللجانب الكوردي على وجه الخصوص، في حين يبقى المطلوب الملحّ من المجلس الوطني الكوردي أن يحمي وحدته ويعزز وجوده وحضوره في الساحة الداخلية والكوردستانية والسورية والدولية لتوسيع دائرة أصدقاء شعبنا الكوردي وقضيتنا القومية الديمقراطية العادلة، وأن يعزز علاقاته الكوردستانية وخاصة مع رئيس كوردستان السيد مسعود بارزاني الذي لم يبخل بأي شيئ في رحلة وقوفه إلى جانب شعبه في غرب كوردستان في هذه المرحلة المصيرية، وأن يرفع المجلس الكوردي ـ بإعتباره ممثلا عن الشعب الكوردي في كوردستان سوريا ـ من سويّة خطابه السياسي وأن يصعّد النضال الجماهيري السلمي ويتبني حراك الشارع والقيام بالمظاهرات والاحتجاجات بهدف انتزاع حقوقنا المرتبطة بأرضنا الكوردستانية وشعبنا الكوردي الذي يحق له أن يقرر مصيره بنفسه اسوة بباقي شعوب المعمورة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…