لا يعيد التاريخ نفسه ولكن المواقف يعاد انتاجها

 صلاح بدرالدين

بحسب وكالات الأنباء فان القوات الايرانية ومنذ عدة أيام تقوم بقصف (متقطع قد يتجدد ويتصاعد) مناطق من إقليم كردستان في الحدود المشتركة متذرعة زورا بملاحقة مسلحي – بازاك – الفرع الإيراني لحزب العمال الكردستاني التركي فقيادة الفرع المذكور أصدرت بيان مؤتمره العام قبل نحو عدة أسابيع الذي يدعو الى الحوار السلمي والتفاهم مع النظام الإيراني بعد أن جمد العمل المسلح منذ بداية الثورة السورية بناء على الصفقة المعقودة بين قيادة – ب ك ك – ومندوب رأس النظام السوري المقبور – آصف شوكت –

وهذا لايمنع من اقدام الفرع الآبوجي هذا على توفير ذرائع ولو شكلية للاعتداءات الإيرانية بهدف الضغط على قيادة الإقليم مع ورود معلومات عن تفاهمات إيرانية سرية مع أوساط من – الاتحاد الوطني الكردستاني – بزعامة الطالباني وخصوصا كل من القياديين عادل مراد ونجم الدين كريم للتعاون مع نوري المالكي بعكس موقف رئاسة الإقليم التي قررت عدم المشاركة مع أية حكومة قادمة يرأسها المالكي والبحث الجاد بين الأطراف الثلاثة لاحياء السيناريو القديم بإقامة إقليم خاص أو كانتون بكركوك وفصله عن انتمائه الكردستاني وحكومة الإقليم وضم السليمانية اليه عبر التفاهم (ان أمكن !) مع حركة كوران بزعامة السيد نوشيروان مصطفى .
     هذا مايحصل الآن في صيف 2014  بعد غزوة – داعش – واحتلال الموصل وإعلان الخلافة الإسلامية في رقعة واسعة تشمل الأراضي العراقية والسورية ومحاولات قوى وطنية عراقية من مختلف المكونات وفي مقدمتها رئاسة وحكومة إقليم كردستان إضافة الى أطراف إقليمية ودولية في تحقيق المصالحة وتشكيل حكومة اتحاد وطني من دون رئيس الحكومة المنتهية ولايته الثانية نوري المالكي  .
 في شتاء 2012 وبعد مرور مايقارب العام من اندلاع الانتفاضة السورية وقبل أكثر من عامين من الآن وبعد أن اتخذت رئاسة وحكومة الإقليم الموقف السياسي السليم حينها من الأزمة السورية والتعاطف مع الثورة ودعم الحراك الشبابي الثوري الكردي في مختلف المناطق تحرك – الاتحاد الوطني الكردستاني –وباشراف مباشر من زعيمه السيد الطالباني باتجاه آخر مناقض بالتنسيق مع ايران والتوسط لاعادة العلاقات السابقة بين – ب ك ك – ونظام دمشق وتنظيم لقاءات بالسليمانية بين كل من اللواء محمد ناصيف واللواء آصف شوكت من جهة وقيادة – ب ك ك – في قنديل من جهة ثانية تم على أثرها انتقال آلاف المسلحين الى المناطق الكردية السورية لدعم النظام ومواجهة الثورة وعزل الكرد عنها .
 وفي تلك الأيام (كما يحصل الآن) بدأت القوات الإيرانية بقصف مناطق من الإقليم الكردستاني وارسال تهديدات الى رئاسة الإقليم بما في ذلك التلويح باستخدام أطراف كردستانية عراقية ضدها وخاصة (الاتحاد وكوران وجماعات إسلامية) في كل من السليمانية وكركوك مما دفع ذلك الى زيارة السيد نيجيرفان بارزاني الى طهران مرتين خلال عشرة أيام لمحاولة معالجة الوضع وسمع من هناك التهديدات الواضحة والشروط القاسية من بينها : ” أن نظام الأسد خط أحمر وأن مسلحي ب ك ك سينتقلون الى سوريا عبر الإقليم وأن المساعدات العسكرية ستمر أيضا وأنه لايجوز بأي حال دعم الثائرين ضد النظام السوري مع منع الناشطين الكرد السوريين المعروفين بعلاقاتهم مع الثورة والجيش الحر من التحرك وحتى من الإقامة في الإقليم والعمل على تأييد مشروع – المجلس الوطني الكردي – الذي رعاه الطالباني واستكماله باتفاقية أربيل وإقامة – الهيئة الكردية العليا – إيذانا بقبول جماعات – ب ك ك – كقوة أمر واقع وحيدة على الساحة الكردية السورية …الخ ” .
 وقبل ذلك نحو أكثر من عقدين أيضا وفي مشهد مشابه الى حد التطابق وتحديدا في عام 1995 – 1996 – تحالفت القوى ذاتها (نظام حافظ الأسد – نظام طهران –  ب ك ك – الاتحاد الوطني الكردستاني – بعض زعامات عشائر بهدينان) ضد قيادة الرئيس مسعود بارزاني بهدف تمرير مشروعهم المشترك بخصوص قضايا المنطقة وصراعاتها وخصوصا مصير فدرالية الإقليم الكردستاني .
  لن نعود في هذه العجالة أكثر الى الوراء حتى نثبت تكرار المواقف والسياسات من جانب الأطراف المعنية التي تناولناها وإعادة انتاجها في مراحل متتالية فاالأمور باتت واضحة تماما ولاتحتاج الى براهين ودلائل أخرى فقط ندعو الى اتخاذ الحيطة والحذر من شرور المخططات المرسومة ضد إنجازات كردستان العراق بشكل خاص والنهج الوطني الديموقراطي الكردي الذي يلتقي مع قوى الثورة والتغيير في بلدان المنطقة بصورة عامة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…