افتتاحية جريدة المساواة *
أصبحت الأمور تختلط على المتتبع للمشهد الذي يسود منطقة الشرق الأوسط منذ أكثر من عقد من الزمن هذا المشهد الأقرب إلى السريالية أمام تداخل المعقول باللامعقول في الحدث ، من تنوع أدوات الصراع إلى تنوع موضوعاته ، فشعوبها بآمالهم و آلامهم المشتركة وسعيهم إلى التغيير و إلى إزالة تراكمات عقود من التهميش و الإقصاء و الاستبداد في حيز تاريخي و جغرافي مفروض منذ سايكس بيكو ، أمام أنظمة دكتاتورية بعكائزها من الأحزاب الشمولية وجوقة من الطبالين و الفاسدين من حولها وبغطاء من قوى دولية، حيث تبدل هذه القوى من مساحة غطائها حسب ما تقتضيه المصالح إلى تنوع ألوان الصراع من طبقية و اجتماعية إلى طائفية
فلم يعد الرماد يحد من لظى جمراتها ولم يستطع أي قناع إيديولوجي أن يواريها عن المشهد إلى اثنية قومية، ويبدو إنّ للكرد نصيبهم الأكبر فيها مع تغير في المكان من فلسطين و لبنان إلى سوريا و العراق و بسمتها البارزة العنف المفرط و المدمر، ومع التطورات الحادة في العراق ومع اندلاع الثورة السورية يطلع علينا داعش دراكولا الأنظمة في هذا العصر و الخطير فيه أنه ينطلق من إيديولوجية أنه يرى في نفسه الحق كله فيصنف الناس بين مؤمن و كافر وبذلك يسوغ للعنف و القتل غير الرحيم بأناس لا يشتركون إلا بالمظهر و هذه العقيدة يتستر بهم و يتداخل معهم من لهم اجنداتهم الخاصة فتتنوع الأغراض مما يودي إلى تشويش في الرؤية كما يتجلى الآن في الأدوار على الساحتين المتجاورتين سوريا و العراق وفي منطقة جيوسياسية مهمة يكون لها تأثيراتها و تداعياتها ليس على المنطقة فحسب بل على العالم ، ويخلق مخاوف جدية حدا بالبعض أن يوصف الحال بأنه أخطر ما يهدد المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية .
إذا كان ما يجري لايزال على تخوم كردستان فهذا لا يعني إنها بمنأى عنها وعن شرورها ولذلك و أمام ما يجري فإن على الكرد أن يستفيدوا من دروس الماضي و أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم و يترجموها على أرض الواقع ولا يعيدوا التجارب المرة مع من تناسوا في الأمس ما وقعوا عليه و أداروا ظهورهم ، ومن أجل ذلك لابد من وحدة الموقف و الصف الكردي في كل جزء و على مستوى كردستان و أن يوضع الخلافات و الصغائر من الأمور جانباً فلم يعد هناك متسع من الوقت للتراشق أمام حجم المسؤولية التاريخية .
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا (Wekhevî)