نسف الثوابت الكردية مع مجموعة عمل قرطبة

  موسى موسى

في الثلاثين من حزيران 2014 صدر عن اللقاء التشاوري الكردي مع مجموعة عمل قرطبة في اسبانيا وثيقة احتوت على مجموعة من النقاط التي يتبين منها ظاهرياً بأنها تضمنت سقفاً عالياً لم يحلم به الكرد السوريون في كافة اللقاءات ومؤتمرات المعارضة قبيل وأثناء الثورة السورية، تمثلت في اقليم فيدرالي للكرد السوريين، وقد جاءت الإشارة اليها مواربة ودون وضوح وكأن الخجل قد طغى على الطرفين وكأن المطروح “الفيدرالية” لا يدخل في إطار الحقوق لذلك جاءت بصيغة تشبه المتحجبة الخجولة من حجابها.
المهم في اللقاء التشاوري هو الزخم الكردي الهائل سياسياً وتنظيمياً مع طرف لا يمكن معرفة هويته سوى اسمه ”مجموعة عمل قرطبة”، من هم؟؟ ما هويتهم؟؟ لصالح من يعملون؟؟ كلها موضع شك، هذا القفز من المحور المعارض المعترف دولياً “ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” الى اللقاء مع مجموعة لا تمثل شيئاً من الثورة السورية لا سياسياً ولا ميدانياً لا يمكن فهمه كردياً إلا بالتخبط السياسي والفكري الذي تعيشه الحركة الكردية.
اما الأهم في ذلك اللقاء هو الموضوع الذي لازم الكرد أينما حلّوا ألا وهو مستقبل الكرد في سوريا!! ومن المعلوم ان الحركة الكردية بمجلسيها الوطني والغربي لم يحصلوا خلال تجوالهم من المسؤولين الروس والامريكان والاتحاد الاوربي أكثر من أن الشعب السوري بكرده وعربه وكافة أقلياته وطوائفه هو المسؤول عن حل قضاياه، بمعنى ان القضية الكردية ومستقبل الكرد في سوريا هو بيد الشعب السوري وهو الذي يقرر بالتوافق أشكال الحلول لكافة القضايا.
توافق الشعب السوري على حل قضايا البلاد كرّسه الوفد الكردي في لقائه التشاوري مع مجموعة عمل قرطبة حيث أقرت الوثيقة على:
 “دستور توافقي يكرس مبادئ وأحكام القانون والمواثيق الدولية التي تضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري ويضمن للشعب الكردي حقوقه القومية في اقليمه وفق نموذج الدولة الاتحادية التي تحدد صيغة العلاقة بين المركز والاقليم”.
الدستور التوافقي يعني أن توافق عليه كافة القوى المشاركة في العملية السياسية وبمجرد عدم قبول طرف ما ينتفي التوافق، وبهذه الحالة لا يمكن التوافق على دستور يضمن للكرد ما جاء في وثيقة اللقاء التشاوري كونها جعلت التوافق هو الأصل.
إذا كان للكرد ثوابتاً عليهم أن يعلموا بأن الثوابت لا تخضع للبازار السياسي ولا تخضع للتوافق اطلاقاً، وبما ان الوثيقة وضّحت صفة الدستور بالتوافقي، هذا يعني ان الكرد في ذلك اللقاء يفتقدون الى الثوابت.
كلمة واحدة “دستور توافقي” نسفت كل ماجاء في وثيقة اللقاء التشاوري.
الكرد في سوريا بمعزل عن القوة محكومون بالتوافق الذي لا يقر بالثوابت كما لا يقر للكرد بأية حقوق قومية.
3 تموز 2014.
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…