في عبث المدعو «ريدور خليل» بأدلة مجزرة عامودا و محاولته تضليل الـ«هيومن رايتس ووتش»

حسين جلبي

أحدث التقرير الطويل الصادر عن منظمة “هيومان رايتس ووتش” منتصف هذا الشهر بعنوان “تحت الحكم الكُردي: انتهاكات بالمناطق الخاضعة لإدارة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا” ضجةً كبيرة نظراَ لتطرقه الى مواضيع حساسة مسكوتٌ عن بعضها، و وضعه النقاط على الحروف في الكثير من القضايا التي تناولها، بحيثُ شكل دفعة معنوية للساعين الى انتصار الثورة و جرس انذار للعاملين على وقف عجلة التاريخ، قد لا يسمعونهُ جيداً.
و قد شكل التقرير المكون من 107 صفحة اضافةً هامة لتقريرين آخرين صادرين في أقل من شهرين عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، تطرق أحدهما بصورة عرضية للانتهاكات بحق الإعلاميين في المناطق الكُردية السورية على يد الحزب نفسهُ في معرض تناول للوضع في سوريا، في حين جاء الثاني تحت عنوان “وسائل الإعلام في روج آفا، بين مطرقة الاتحاد الديمقراطي و سندان الأسايش” ليتوسع في تناول تلك الانتهاكات في المنطقة التي أطلق الحزب عليها تلك التسمية و ذلك من خلال محاولةً مقاربة بعض الجرائم، لتثبت الوقائع في المحصلة أن الحديث عن المنطقة الكُردية في التقرير الأول لم يكن سوى قمة جبل الجليد، و ان الأمور في طريقها الى التصعيد ما دام حزب الاتحاد الديمقراطي، و الميليشيا المسلحة التي تتبعهُ مستمرون كسلطة أمر واقع في ارتكاب الانتهاكات ضد المواطنين الكُرد، و في صم آذانهم عن الاستجابة للدعوات المطالبة بمراعاة ادنى المعايير الحقوقية في التعامل معهم.
من بين ما كان ملفتاً في التقرير هو تلك الفقرة المعنونة الواردة في الصفحة 46 و المعنونة بـ”مظاهرة عامودا 27ـ28 يونيو/حزيران 2013″، حيثُ جاء فيها: (و قد أعطى خليل “ريدور” الناطق بأسم وحدات حماية الشعب و القائد العام للأسايش في عامودا “حمزة توهلدان” أعطوا لهيومن رايتس ووتش ثلاثة مقاطع اضافية زعموا أنها تبين مسلحين وسط الحشد أثناء المظاهرة، و يظهر مسلحين في المقطع بالفعل، الا أن هيومن رايتس ووتش حددت استناداً الى ثلاثة عوامل أن هذه المقاطع التقطت كلها أثناء مظاهرة أُخرى في عامودا بتاريخ 23 مارس/آذار 2013 عندما تجمع حشد للاحتجاج على انقطاع الكهرباء الأول هو أن المقاطع تبين متظاھرين يرتدون سترات، بعكس القمصان الخفيفة التي ارتداھا المتظاھرون في مظاهرة يونيو/حزيران، والثاني ھو أنه يمكن التعرف على شخصين في مقاطع الفيديو مارس/آذار و حزيران /يونيو وھما يرتديان ملابس مختلفة، و الثالث هو أن  مقاطع الفيديو التي قدمتھا الآسايش تشير إلى تسجيلھا بتاريخ 27 مارس/آذار 2013″.
الفقرة أعلاه الواردة حرفياً في التقرير تتحدث عن مجزرة عامودا التي ارتكبتها الميليشيا المسلحة التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في مثل هذه الأيام من العام الماضي، و التي راح ضحيتها في المحصلة ستة من أبنائها من خلال استهدافٍ مُباشر و مخطط لهُ، و ذلك بعد أن فشل الحزب في انهاء اعتصامٍ بدأتهُ المدينة احتجاجاً على القمع الذي يُمارسه الحزب و احتجاز ثلاثة من ابنائها، حيثُ تحول الاعتصام الى اضرابٍ مفتوح عن الطعام في خيمةٍ أُقيمت في احدى الساحات و كانت هناك مظاهراتٍ يومية أصبحت محوراً للاهتمام، و قد قام مسلحي الحزب وقتها باطلاق النار على المظاهرة ليقتلوا ثلاثة مدنيين في البداية و من ثم فرضوا حظراً للتجوال على المدينة قتلوا خلالهُ آخرين أحدهم بعد الهجوم على مكاتب حزبية كُردية قاموا برمي جثة أحد الشهداء من على سطح المكتب و آخر في صباح اليوم التالي عندما كان في طريقه لجلب الخُبز لعائلته.
مقاطع الفيديو المفبركة التي قام بتقديمها الى الـ”هيومن رايتس ووتش” كلٌ من “ريدور خليل و حمزة توهلدان”، و اللذين ينتميان الى الجناحين المسلحين لحزب الاتحاد الديمقراطي “وحدات حماية الشعب و الآسايش” تشكل بحد ذاتها جريمةً موصوفة هي محاولة تضليل العدالة من خلال تقديم أدلة كاذبة لحرف التحقيقات عن مسارها الحقيقي، و بالتالي الحيلولة دون تحقيق العدالة كاملةً من خلال العمل على تقديم ظروف مخففة للجناة عن طريق اظهارهم في موقف الدفاع عن النفس، و هو ما يؤدي الى تبرئتهم و افلاتهم من العقاب بعد أن يتحمل الشهداء وزر الجريمة.
و اذا ما أخذنا في الاعتبار أن ثمة مقطع فيديو آخر موجود على شبكة الانترنت، يعترف فيه الناطق باسم الـ”ي.ب.غ” ريدور خليل بأن وحداته قد قامت باطلاق النار على المتظاهرين لأنهم كانوا مسلحين، و انهم هم من بادر الى ذلك أولاً، و مع ثبوت تزوير و كذب الأدلة التي قدمها مع رفيقه حسب تقرير الـ”هيومن رايتس ووتش” الذي قام على أُسس علمية تضمنت معاينة الواقع و لقاء الضحايا و دراسة مقاطع الفيدو كما هو واضح، يتوجب أخذ اعتراف خليل بارتكاب المجزرة كدليل لا يتطرق اليه الشك كونه جاء دون ضغوط من جهة، و لسقوط المزاعم القائلة بأن عناصر “قوات حماية الشعب” كانوا في حالة دفاع عن النفس أو ان اطلاقهم للنار لم يكن سوى ردود أفعال، و هنا تتضح مصلحة “ريدور خليل” في تقديم أدلة مزورة للمنظمة الدولية، فهو يحاول تبرئة نفسهُ و رفاقه من جريمة قاموا بارتكابها عمداً.

ينبغي ضم تقرير الـ”هيون رايتس ووتش” الى ملف مجزرة عامودا، ذلك أن ما ورد فيه من أدلة، و منها الاعترف المذكور أعلاه، يعتبر كافياً لتوجيه تهمة ارتكاب مجزرة ضد الانسانية ضد الناطق باسم وحدات حماية الشعب ريدور خليل و رفاقهُ بتهمة من خلال اطلاق النار على متظاهرين عزل، هذا عدا عن احتجاز حرية آخرين دون وجه حق و تعذيبهم لانهاء كل مظاهر الحياة في المدينة الجريحة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…