بيان: بمناسبة الذكرى السابعة و الخمسين لميلاد اول تنظيم سياسي كردي في سوريا

خلال مرحلة الانتداب الفرنسي على سوريا شارك الشعب الكردي مع باقي مكونات المجتمع السوري في تحقيق الاستقلال السياسي وقدّم في سبيل ذلك تضحيات كبيرة وشهداء وقادة عظام للثورا ت السورية المتتالية على أمل أن يعيش بحرية وكرامة في وطن مستقل يصان فيه خصوصيته القومية ،ورغم ما شهده البلاد من هامش ديمقراطي في الخمسينات إلا أن تصاعد الفكر القومي العروبي حدّ من هذا الهامش وسعى الى تشويه حقيقة المجتمع السوري المتعدد القوميات و المذاهب  والاديان وحاول منع اي مكون آخر من التعبير عن نفسه بشكل ديمقراطي وفي هذه الأجواء انبرى لفيف من المتنورين الكرد الى تجاوز حالة الجمعيات و الروابط الثقافية واعلنوا عن تأسيس اول تنظيم سياسي كردي باسم ( البارتي الديمقراطي الكردستاني في سوريا ) وذلك في الرابع و العشرين من حزيران عام 1957 .
لقد جاء ميلاد الحزب استجابه موضوعية لواقع وجود شعب كردي يتعرض للصهر و تجاهل لدوره الوطني في انجاز الاستقلال وبناء سوريا ، كما جاء ليرتقي بمستوى العمل النضالي الى تنظيم يمتلك برنامجاْ سياسياْ يدعو الى عدم انكار و اقصاء الشعب الكردي ويعمل على تحقيق حقوقه القومية . وقد استطاع الحزب الوليد وخلال فترة قصيرة من اعلانه ان يستقطب قطاعات واسعة من ابناء الشعب الكردي بكافة شرائحه الاجتماعية وفي كافة مناطق تواجده ويحظى بتأييدهم ومساندتهم ، فتعرض لحملة شرسة من القمع و الملاحقات وزج العديد من الكوادر في السجون  و المعتقلات من قبل اجهزة أمن النظام ، وللامعان في سياسة الاضطهاد ومحاولة النيل  من عزيمة المناضلين في صفوف الحزب سعى النظام بتوسيع دائرة  القمع  ليشمل ليس هؤلاء فحسب بل الشعب الكردي برمته فتفتقت ذهنيته الشوفينية عن مشاريع عنصرية مقيتة بدأها بتجريد عشرات الالآف من المواطنين الكرد من جنسيتهم السورية عام 1962 استكملها نظام البعث الذي  استلم السلطة في آذار 1963بمشروع الحزام العربي السيئ الصيت إضافة الى عمليات التعريب و الفصل و المضايقات وغيرها من الممارسات و التدابير الشوفينية  إلا ان كل ذلك لم يزد الشعب الكردي إلا تصميما” على مواصلة النضال .ورغم الهزات التنظيمية المتتالية للحزب  و الانقسامات التي حصلت في صفوفه و التي نالت الى حد بعيد من هيبة الحركة بكل فصائلها المتوالدة ورغم محاولات النظام إنهاء الحياة السياسية في البلاد ومنع كل اشكال  التعبير الديمقراطي إلا ان الحركة الكردية استطاعت الى حد بعيد فضح سياسات النظام العنصرية وان تكسب المزيد من الاصدقاء و المتفهمين لعدالة القضية الكردية في سوريا وان تصون الهوية القومية للشعب الكردي . ومع اندلاع ثورة الشعب السوري ضد الدكتاتورية و الاستبداد  و المطالبة بالحرية و الكرامة استطاعت هذه الحركة ان تتلائم مع الظروف المستجدة  و تواكب التطورات المتسارعة وتؤطر نضالها التي توجها في الاعلان عن المجلس الوطني الكردي  في سوريا و الذي اصبح عنوانا” قوميا” ومرجعية سياسية حدد خيار الشعب الكردي في وقوفه الى جانب الثورة السورية السلمية  و رأى في الحل الساسي خيارا” أمثل لانهاء معاناة السوريين ودعا الى الإتيان بنظامْ ديمقراطي تعددي في سوريا اتحادية بدستور يضمن حقوق كافة مكونات الشعب السوري  ومنها حقوق الشعب الكردي وفق  العهود و المواثيق الدولية  .
ومع حلول الذكرى السابعة و الخمسين لميلاد الحزب لاتزال البلاد  تنزف دما” وتعيش خرابا” بغير حدود  و الشعب الكردي فيه  يعاني الأمرين حيث جور النظام و استهداف المجموعات المسلحة التكفيرية لمناطقه و الحصار المفروض عليه لسدّ كل سبل العيش امامه  الامر الذي يزيد من ارقام المهجرين بشكل مروع  ناهيك عن حالة الفرقة و التباعد  بين المجلسين الوطني الكردي  وشعب غرب كردستان  و الذي يثير الهواجس و القلق المشروعين  لدى ابنائه مما يتطلب تجاوز هذه الحالة والعودة الى حوار جاد و مسؤول  يوفر مناخا” لإعادة الثقة و يحقق وحدة الموقف و الصف الذي نحن احوج ما نكون اليه وفاء” لدماء الشهداء وبما كان يرنو اليه المناضلون الاوائل في هذا الحزب و ابناء الشعب الكردي في الحرية و الكرامة .
 1262014
اللجنة المركزية
لحزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…