افتتاحية جريدة يكيتي *
إن إصرار النظام وبدعم لا محدود من حلفائه على الخيار الأمني العسكري لحل الأزمة في سوريا، مقابل عجز المجتمع الدولي من ممارسة الضغط اللازم عليه من أجل قبول الحل السياسي السلمي، خاصة بعد إفشاله المتعمد لمؤتمر جنيف2، في تحد سافر للمجتمع الدولي، مما ينذر بإطالة أمد الأزمة، وبالتالي إطالة معاناة الشعب السوري، وزيادة القتل والتدمير والتشريد، وضياع للبوصلة وسط الاجندات والتجاذبات الاقليمية والدولية، بعد أن أصبحت سوريا ساحة لتصفية الحسابات ودماء السوريين ثمناً بخساً للتوافقات، في خضم هذه المعارك يبرز دور المجلس الوطني الكردي الذي يؤكد منذ بداية الثورة على ضرورة الحفاظ على الخيار السياسي السلمي للأزمة، والذي كان لممثليه في الائتلاف الوطني الدور البارز في ترجيح الكفة لصالح الذهاب إلى هذا الخيار عبر مؤتمر جنيف2، إيماناً من المجلس بأنّه الخيار الانسب للخروج من دوامة العنف الذي فرضه النظام،
لذلك كان اجتماع المجلس الوطني الكردي في 17-18/5/2014 في غاية الأهمية نتيجة اتخاذه قرارات سياسية دقيقة وواضحة حول مختلف القضايا والمواقف، في هذه المرحلة الحساسة، مما حدا بالأعضاء الوقوف بروح عالية من المسؤولية على دراسة التقرير السياسي المقدم للاجتماع، والتوافق والاتفاق على نعظم البنود والقرارات الواردة فيه بعد إجراء التعديلات اللازمة عليه، سواء ما يتعلق منها بالجانب الوطني السوري، وبالائتلاف الوطني باعتبارنا كيان سياسي معارض فيه أو ما يتعلق بالجانب الكردي والعلاقة مع مجلس الشعب لغربي كردستان والإدارة الذاتية المعلنة وما تصدر عنها من قرارات غير شرعية، والتأكيد على الحفاظ على المجلس الوطني الكردي عنواناً قومياً، في هذه المرحلة، وضرورة إيجاد آليات عمل فعالة لتطويره وتفعيله، خلال المؤتمر الثالث المزمع عقده في مدة شهرين والتأكيد على وحدة الصف والموقف داخل المجلس، والالتزام بقراراته، وتنفيذها واعتماد لغة الحوار مع مجلس الشعب لغربي كردستان ومكونات الشعب السوري الأخرى ومحاولة تصليح العلاقة مع الجميع، وتلافي الخلل الموجود، وخاصة بين المجلسين الكرديين، وعلى اساس الاحترام والاعتراف المتبادل، مع الرفض القاطع لمنطق الهيمنة، والتفرد بفرض القرارات من طرف واحد بالقوة، والتي لم نقبلها ولم نرضخ لها خلال نضالنا الطويل كحركة سياسية كردية منذ تأسيسها من النظام الدكتاتوري المستبد، والحفاظ على القرار الكردي المستقل، وصولاً إلى بناء سوريا اتحادية ديمقراطية تعددية برلمانية، تتحقق فيها الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي دستورياً وفق المواثيق والعهود الدولية، وكذلك حقوق المكونات الأخرى، وانطلاقاً من الشرعية التي يتحلى بها المجلس الوطني كممثل للشعب الكردي في كردستان سوريا، وباعتراف اقليمي ودولي، ومن خلال مشاركته في مؤتمر جنيف2 كشريك أساسي يمثل المكون الكردي ضمن وفد الائتلاف الوطني المعارض، برعاية أممية ودولية، كان لا بد من احياء دور المجلس بين الجماهير وذلك من خلال وضوح المواقف ودقة القرارات، تجاه مجمل الأحداث وعلى كافة الصعد، والدفاع عنها بكل السبل والوسائل السلمية، وبروح من المسؤولية التاريخية لأنّ مثل هذه الفرص نادراً ما تتكرر في حياة الشعوب، وطالما انتظر الشعب الكردي التواق إلى الحرية والكرامة، لكل هذه الاسباب والعوامل مجتمعة، ولحجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا، وفاءً لمن سبقونا وضحوا من أجل القضية الكردية، لا بد من السير نحو المؤتمر الثالث للمجلس الوطني الكردي بروح الفريق الواحد بين جميع مكونات المجلس، واضعين المصلحة القومية الوطنية فوق كل اعتبار.
* جريدة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا