غرب كوردستان ميدانياً

جان كورد

عندما انطلقت شرارة الثورة الشعبية في تونس، اعتقد نظام الأسد السوري مثل نظمٍ عربيةٍ أخرى أن سوريا غير تونس من حيث التركيبة الديموغرافية ومدى تعاظم الحراك النقابي والسياسي، فسوريا كانت تبدو كقلعةٍ استولى عليها الطائفيون المدعومون من قبل دول إقليمية وجهاتٍ دولية، لا يمكن لأحد إخراجهم منها بالتظاهرات والاحتجاجات، والأسد ليس كالرئيس التونسي الضعيف “زين الهاربين” الذي فهم على حد قوله، بعد قتل ما يزيد عن ال 60 مواطناً، أن الشعب التونسي المعروف بعناده واصراره على انتزاع حريته لا يريده، فاختار طريق الهروب من البلاد والنفاذ بجلده كما يقال.
 أما الأسد فإنه لأسباب تتعلّق بشخصيته وعائلته مستعد لأن يبيد غالبية الشعب السوري ويدمر كل البلاد السورية، ولن يهرب لأنه معتقدٌ تماماً أن بالإمكان تشويه صورة أي ثورةٍ وسياسةٍ وحركةٍ مسلحة تظهر في وجه نظامه الذي ورثه من أبٍ خطير في مناوراته وعلاقاته وتصرفاته، لأن الحاضن الدولي يعتقد أيضاً بأن البديل لنظام الأسد سيكون على الأغلب نظاماً يصعب على الدول الغربية فرض كل ما تشاء عليه، ناهيك عن روسيا والصين اللتين تثبت الوقائع على الأرض بأن بيعهما السلاح لعصابة الأسد وحزب الله وقوات أبي الفضل والحصول مقابل ذلك على أموال إيرانية وبترول الملالي أهم من كل ما يطالب به السوريون من حقوقٍ وحريات.

  رغم ذلك كله، اهتز نظام الأسد لدى اندلاع الثورات المتتالية في العالم العربي وتيقّن الأسد أنه ليس في وضعٍ جيد، كما كان من قبل، فأسرع إلى ممارسة سياسةٍ قمعية لامثيل لها حتى ضد الأطفال الذين كتبوا شعاراتٍ مطالبة برحيل النظام، وعندما أحدث ذلك رد فعلٍ ثوري على الساحة السورية الجنوبية أولاً، ثم انطلق الثوار الغاضبون في جماعاتٍ صغيرة هنا وهناك، وحدثت أول الانشقاقات في صفوف الجيش العقائدي، سارع الأسد ومن وراءه من خبراء روس وايرانيين وكوريين شماليين وصينيين إلى خلق تنظيمات مسلحة، رجالها ذوو لحى طويلة وعصابات قماشية على الرأس تحمل آياتٍ قرآنية وأسماء منظمات جهادية وتحمل رايات الرسول الأكرم (ص) وأسماء الصحابة، ومدججة بكل أنواع السلاح، بهدف إظهار الثورة السلمية السورية وكأنها حرب “القاعدة” على النظام العربي التقدمي العلماني المحارب للإرهاب، لا ثورة شعب ضد نظام فاسد، وأطلق ضباط سوريون بعثيون لحاهم أيضاً وتولوا مهام قتالية وهاجموا مقرات حكومية لإظهار المظاهرات السلمية الحاشدة، كعمليات إرهابية واسعة، كما أفرج عن “إرهابيين” معتقلين في السجون السورية، تحولوا على زعماء لمنظماتٍ خطيرة مثل “داعش” التي تتهمها المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية بأنها من مبتكرات النظام السوري لزعزعة الاستقرار في العراق الجار، ولا يخفى أن حكومة المالكي في بغداد قد اتهمت بصوتٍ عالٍ نظام الأسد مباشرة بدعمه لداعش في مناطق السنة في غرب العراق. إلا أن هذه التكتيكات الخطيرة قد قلبت ظهر المجن، فإذا بآلاف الشباب الأوربيين ومن شتى أصقاع العالم، يلتحقون بأشد التنظيمات تطرفاً لمساعدة إخوانهم السوريين ضد النظام الدموي، وقد بهرتهم انتصارات “المجاهدين” في سوريا ورأوا يومياً على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي فظائع ووحشية النظام ضد الأغلبية السنية في بلاد الشام.
  رأى الأسد والخبراء الذين يساعدونه أن الأمر مستفحل وأنه لابد من تحييد المكونات غير المنضمة إلى القتال لأسباب مختلفة، مثل الكورد الذين هم قومية غير عربية ولكنهم في غالبيتهم العظمى من أهل السنة، إلا أنهم “معتدلون” وليست للأحزاب الدينية السياسية كالإخوان المسلمين أو حزب التحرير الإسلامي تنظيمات بينهم، وليست لهم أيضاً أي تنظيمات إسلامية كوردية، سياسية أو مسلحة، في حين أن حركتهم السياسية المؤلفة من العديد من الأحزاب الديموقراطية واليسارية لم تدعو يوماً إلى قتالٍ مسلح ضد النظام، ولم تنفث دعايات طائفية ضد الحاكمين، وكانت لها علاقات اضطرارية مع النظام بهدف “تقليل الخسائر”، على مستويات مختلفة، ومثل الدروز الذين هم طائفة ذات عقائد خاصة بها، لا تحسب نفسها من السنة ولكنها تدافع عن العروبة وتشكل منطقتهم في جنوب البلاد حيّزاً تابونياً عازلاً بين سوريا وإسرائيل، فحاول الأسد إظهار نفسه كحامي “الأقليات” ومد الأيادي للكورد والدروز لضمهم في مقاومته للثورة إلى جانب أبناء وبنات الأقلية العلوية التي ينتمي إليها معظم قادة الجيش ورجال المخابرات والذين بأياديهم مفاتيح السلطة وغنائم البلاد، ومعهم منتفعون من سائر المكونات السورية المختلفة، إضافة إلى محاولته تعميق العلاقة القديمة مع السريان والأرمن والآشوريين والكلدان والاسماعيليين، الذين كانوا على الدوام في خوفٍ مستمر من أن تقضي على وجودهم المنظمات السلفية المتطرفة وفي مقدمتها القاعدة وما تفرّخ وتفرع عنها فيما بعد.
  رفضت الأحزاب الكوردية التعاون مع الأسد ضد شعبه أو الانخراط في أي قتالٍ معه أو ضده، لأنها كانت تدرك أن لا فارق بين النظام والمعارضة التي تدّعي النضال من أجل الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان في النظر إلى القضية القومية للشعب الكوردي، وظلت هذه الحركة الكوردية بمختلف تشعباتها التنظيمية خارج دائرة الصراع المسلّح، على الرغم من دعوات الشباب الكوردي للانخراط في الثورة المسلّحة للشعب السوري، واكتفت بالانضمام إلى التظاهرات السلمية في المدن السورية التي تتواجد منظماتها فيها، وفي سائر المدن التي فيها غالبية كوردية، وأهمها القامشلي وعاموده وكوباني “عين العرب” وعفرين… في حين سعت الحركة للتحاور مع أقطاب وفصائل ومكونات متعددة في المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية بهدف إدخال مطالبها في مناهج وبرامج المعارضة كجزءٍ من “المشكلة السورية” عموماً، وجرت لقاءات عديدة لذلك على الصعيد العالمي، وفي الدول المجاورة لسوريا، وفي مصر، وفي جنوب كوردستان “كوردستان العراق”، وفي الوقت ذاته فإن الساحة الكوردية قد شهدت حركة انشقاق للضباط الكورد من جيش النظام وحاولت مجموعات منها إظهار اللافتة القومية الكوردية كجزء من الثورة السورية المباركة، فحملت الراية القومية الكوردية إلى جانب راية الثورة السورية وأعلنت عن تشكيل فصائل بأسماء كوردية إسلامية تاريخية، من أهمها اسم السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي ووزير الدفاع السوري الشهير يوسف العظمة والثائر الكبير إبراهيم هنانو… بل إن أحد هؤلاء الضباط الكورد المنشقين قد ساهم في تأسيس وقيادة لواءٍ مقاتل في محافظة حمص البعيدة عن المنطقة الكوردية في شمال البلاد. إلا أن تأثير هذه الفصائل المسلحة كان ضئيلاً، وخاصةً بعد اختفاء عدة ضباط منهم كانوا متوجهين إلى جنوب كوردستان للقاء شخصيات سياسية هامة.
  نظام الأسد الذي بدا مع الأيام وحشاً مفترساً لا يتردد في قصف المدن بالبراميل المتفجرة وتعذيب الآلاف حتى الموت واستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين كان مطمئناً إلى أن الكورد لن يقاتلوا ضده، ولذلك كان هدفه الثاني بصدد “تحييد الكورد” ألا تنضم الأحزاب السياسية للكورد إلى تشكيلات المعارضة السورية، الديموقراطية والوطنية، مثل المجلس الوطني السوري و” ائتلاف قوى المعارضة والثورة السورية”، وألا تسمح للشباب الكوردي بالانضمام إلى الثورة المسلحة، مقابل عدم قصف المدن والقرى الكوردية، واخفاء مظاهر التواجد الأمني والعسكري للنظام في المنطقة الكوردية. وبالفعل فقد خلت المنطقة الكوردية فجأة من مظاهر التواجد الأمني والعسكري الذي كان سائداً من قبل، ولم ترمي طائرات النظام بالبراميل المتفجرة على الكورد مثلما كانت تفعل وبكثافة كما في أثناء الحروب الكبرى في مدن سورية ثائرة، ومنها حماه وحمص ودرعا وحلب وادلب وغيرها، بل إن القصف الصاروخي الشامل لمدينة نوى مؤخراً، لا يختلف عن قصف قوات هتلر لمدينة وارسو في الحرب العالمية الثانية، وإن تدمير مدينة حمص وأطراف من دمشق العاصمة يذكرنا بأيام الدمار في ستالينغراد وقصف الحلفاء جواً مدينة درسدن الألمانية في نهاية الحرب.
  لا يدري أحد بالضبط سر العلاقة بين نظام الأسد وقيادة حزب العمال الكوردستاني التي تخلت كلياً عن مشروع “الدولة القومية” ولكنها رغم ذلك تحتفظ بآلاف المقاتلين، فتياناً وفتيات، ومن بينهم عدد كبير من الكورد السوريين، في جبل قنديل على الحدود التركية – العراقية، في المنطقة التي تسيطر عليها حكومة إقليم جنوب كوردستان رسمياً وبموجب الدستور العراقي. وفي الوقت الذي خفّت لهجة هذا الحزب ضد إيران وارغامه تنظيمه في شرق كوردستان (بيجاك) على وقف قتاله وتليين لهجته ضد طهران وتغيير برنامجه واسمه، كما أنه شكّل حزبين مدنيين تابعين له في شمال كوردستان خاضا المعارك الانتخابية، وله حزب ضعيف في جنوب كوردستان ينادي بالحل الديموقراطي، إلا أنه في غرب كوردستان يدفع بتنظيمه السوري “حزب الاتحاد الديموقراطي” الذي لا يخفي ولاءه التام لقائده السيد عبد الله أوجلان، إلى حمل السلاح بذريعة أن هناك “فراغ أمني” في المنطقة، ورفاقه الذين أقاموا ” إدارة ذاتية مؤقتة” فيها يعترفون بأنفسهم بأن النظام لايزال متواجداً في “مربعات أمنية” داخل المنطقة التي يزعمون أنهم حرروها. ولا يدري ممن حرروا هذه المنطقة وكيف ومن أين أتى هذا الحزب بسرعةٍ فائقة بكل هذا السلاح والعتاد والألبسة العسكرية والعربات رباعية الدفع بأسلحة كبيرة وصغيرة، وهو لا يتلقى من ممولي الثورة السورية أموالاً ومن المعارضة السورية دعماً. بل إن هذا الحزب قد أعلن حرباً إعلامية شعواء على الكورد الذين شاركوا في أوَل مؤتمرٍ هام للمعارضة في مدينة أنتاليا السياحية واعتبروهم خونة للشعب الكوردي لأنهم انضموا إلى من يريد لسوريا الخراب والدمار في ظل دولة أردوغان، ثم ذهب أحد زعمائه بنفسه، صالح مسلم، إلى تركيا مؤكداً على أن حزبه لا يعادي تركيا وإن الإدارة الذاتية له في شمال سوريا “مؤقتة” حتى يعود الأمن إلى البلاد.  وصالح مسلم هذا كان هارباً من قبل إلى جبل قنديل، ولكنه عاد إلى سوريا من دون ملاحقات أمنية، بل يتنقل بين عواصم مؤيدة للأسد وفي مقدمتها طهران وموسكو ولا ندري هل يتم تنقله بجواز سفر سوري أم تركي أم إيراني…
  الحرب المفتعلة التي راح ضحيتها الكثيرون من شباب الكورد والعرب، بين هذا الحزب وتنظيم داعش، تثير الشكوك، فالنظام لا يقصف مقرات أي من هذين التنظيمين الذين يعتبران أنفسهما من “الثورة السورية”، في حين أنه يدمَر سوريا مدناً ومكوناتٍ إنسانية مختلفة وبنية اقتصادية تحتية وأرضاً، بل إن بعض ضباط الأسد المنشقين قالوا بأنهم تلقوا أوامر صارمة بتفادي الاشتباك مع هذين التنظيمين بشكلٍ يدعو للاستغراب. فهل هي حرب على البترول بين داعش ووحدات الحماية الشعبية؟ أم لتحويل الثورة ضد النظام إلى قتالٍ بين التنظيمات الثائرة ضده بين بعضها البعض؟ فالإدعاء بأن داعش ضد إدارة الشعب الكوردي لنفسه غير مبرر لأن هذه الإدارة لا تجد نفسها إدارة قومية، فهذه كذبة مفضوحة، وكانت بين داعش وهذه الإدارة اتفاقية…
  ميدانياً، لا وجود لأي قوى كوردية أو سورية على أرض “غرب كوردستان” سوى “وحدات الحماية الشعبية” التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي، أي لحزب العمال الكوردستاني، وفي هذا الميدان بالذات تجري محاولة تصفية الحركة الوطنية والديموقراطية للشعب الكوردي، بدءاً بالحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا، الذي تشكّل من خلال اندماج أربعة أحزاب كوردية ديموقراطية كانت متواجدة من قبل على الساحة، والزعم بأن هذا حزب جديد عليه الحصول على إذن أو ترخيص من قبل “الإدارة الذاتية المؤقتة” لا يقنع أحداً في الداخل أو الخارج. ومعلوم أن هذا الحزب الديموقراطي العريق الذي يتعرض إلى أشرس حملة تصفية سياسية، وإهانة إنسانية لزعمائه، من قبل “أمن الإدارة الذاتية” جزء لا يتجزأ من المكوّن الكوردي ضمن صفوف الائتلاف الوطني السوري، الذي قبل الورقة الكوردية واعترف باللغة الكوردية لغةً رسمية في تشكيلاته إلى جانب اللغة العربية. كما هو معلوم أن حزب الاتحاد الديموقراطي مرفوض من قبل الائتلاف الذي يعتبره فصيلاً من فصائل الثورة المضادة التابعة لنظام الأسد، وبسبب ذلك تم رفض طلبه للانتساب إلى الائتلاف.
وميدانياً، في الوقت الذي لا تسمح هذه الإدارة حتى بلوحةٍ تدل على وجود الديموقراطي الكوردستاني في المنطقة التي تسيطر عليها “ديموقراطياً وعلمانياً!!!” نرى الدعايات العلنية الصارخة، الخاصة بدعوة الناس لإعادة انتخاب الأسد تنتشر فيها، بل إن هناك شكوكاً حول الهجمات الأخيرة لوحدات الحماية الشعبية في نطاق مدينة الحسكة، حيث يرى البعض بأن الهدف منها الاستيلاء على الحيز الذي يمكن أن تجري فيه الانتخابات، لتكون في “أيادي أمينة!!!”، وكل ما يقوله زعماء حزب الاتحاد الديموقراطي بأنهم لن يسمحوا بالانتخابات الرئاسية في ظل إدارتهم حتى يعترف الأسد بحق الشعب الكوردي ما هو إلا “لعبة” أخرى من ألاعيب النظام تتردد على ألسنة هؤلاء “الكورد” الأوفياء…
  من الغباء أن يتصوّر البعض أن بالإمكان الاستمرار في الاحتيال على الشعب الكوردي وتضليله إلى الأبد، فأي نظام مستبد مستفردٍ بالسلطة يستطيع أن يعيش دون معارضة بعد اليوم في عالمنا هذا الذي تفتح فيه وعي الشعوب ويتم التواصل بين الناس في لمح البصر… الديموقراطي الكوردستاني – سوريا أمام امتحان صعب، ولكنه لن يتخلى عن كونه حزب معارضة سلاحه الديموقراطية والحراك السلمي، ولكن كما يقول المثل الكوردي لا يتحمل المرء الألم عندما تصل السكين إلى العظم…

لذلك أقول: غرب كوردستان ميدانياً في مرحلة تغيّر أكيد في صالح الشعب الكوردي والثورة السورية وفي غير صالح النظام الأسدي وتوابعه… 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…