جس نبض..!!

شيركوه كنعان عكيد

يدرك ال (ب ي د) قبل غيره ان السياسة الاقصائية التي يمارسها اليوم والممارسات الشاذة التي ازدادت حدتها في الآونة الأخيرة, بحق كوادر وقيادات الحزب الديموقراطي الكوردستاني في سوريا من الأعتقال والمنع من العودة الى الديار والنفي وحتى التخطيط للأغتيالات , يدرك انها لن تفضي الى اضعاف هذا الحزب او تحجيمه . فما تعرضت له الأحزاب الكوردية عامة على يد طغمة البعث الشوفينية لم يكن اقل بشاعة ,ورغم ذلك لم تفلح في ترويعها او الحد من نشاطها .
ويدرك ايضا بان ما يفعله اليوم قد يجعل شرائحا كبيرة من ابناء الشعب الكوردي ينفرون من تصرفاته وينفضّون من حوله تباعا .. سواء اكانوا من المؤيدين ام من الواقفين على الحياد. فهذه السياسات غريبة عن المجتمع الكوردي وحركته السياسية , فحتى النظام الشوفيني وبكل بشاعته لم يمارس سياسة النفي مثلا في مواجهة خصومه.

فما الذي يبتغيه ال (ب ي د) من وراء تصعيد ممارساته تلك بحق النشطاء والسياسيين الكورد من غير الموالين له وخاصة ممن ينتمون للحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا ؟؟

ان حقيقة ما يروم اليه هو اجراء جسّ لنبض الشارع الكوردي ودراسة ردود افعاله … فخصمه الديموقراطي الكوردستاني لطالما زعم دوما , بانه يملك الشارع الكوردي وانه يحظى بجماهيرية كبيرة, كما انه اشار مرارا بطريقة تحمل دلالات عن نفاذ الصبر , بانه الى الآن لا يريد التصعيد والدخول في صراعات ومواجهات تصب في صالح اعداء الكورد.. وهذا يعتبر بمثابة رسالة قد يفهم منها بانه قادر على المواجهة لكنه لا يرغب فيها الآن ..

فهذا التصعيد الذي لجأ اليه (ب ي د) (وخاصة منذ ان اصبح جميل بايق الآمر الناهي الجديد له) انما كان هدفه اجراء تقييم لمدى قدرة الحزب الديموقراطي الكوردستاني على تحريك الشارع الكوردي في مواجهة سياسات الطرف الآخر ومدى قدرته على تنظيم النشاطات والفعاليات السياسية و الاحتجاجات في المناطق الخاضعة لسيطرته اي دراسة وتقييم قوة الديموقراطي الكوردستاني الفعلية على الأرض , وعلى ضوء ردود الأفعال تلك يبدأ ال (ب ي د) في انتهاج طرق ضغط جديدة في سبيل تكريس سيطرته وهيمنته المطلقة  كلما تسنى له ذلك.

ويبدو بان كل المؤشرات تدل على ان ال (ب ي د) بات شبه متأكد من ان ردود الأفعال لن تتعدى كعادتها بعض التصريحات وبيانات الشجب والاستنكار , التي لا تؤثر كثيرا في سياساته ومواقفه , فهو قد اعتاد سماع كل تلك الحزمة ولم يعرها يوما اي اهتمام , فامبراطوريته الاعلامية والبروباغندا المدروسة قادرة على نفي كل اتهام موجه اليه بل وتحويل الضحية الى متهم ومدان .. ولذلك نراه يمارس المزيد من الضغط وبدرجات متفاوتة على منافسه وهو يراقب ويترقب في الوقت نفسه ردود افعال جديدة للجماهير الكوردية .

امام كل هذه المعطيات فليس من سبيل لدى الديموقراطي الكوردستاني لاقناع بل واجبار خصمه على الحد من ممارساته المرفوضة تلك الا باثبات قدرته على تحريك الجماهير و اظهار مدى تفاعلها وتضامنها معه و مع خطابه السياسي للوصول الى نتيجة مفادها بان الديموقراطي هو فعلا رقم صعب في المعادلة الكوردية وانه فعلا يملك الشارع والجماهير, رغم ما قد يكلفه ذلك من تضحيات .. فصورة عامودا لا تزال ماثلة للعيان … كما ان التحذيرات والتهديدات التي يطلقها بعض مسؤولي ال (ب ي د) بالترافق مع الدعوات المنادية الى التظاهر ضد ممارساته , انما تعبر عن موقف مسبق لما قد يحصل جراء تنظيم اية احتجاجات او تظاهرات موجهة ضده.

اما البديل الآخر لذلك .. فهو ان يرضخ الديموقراطي الكوردستاني للأمر الواقع ويعلن قبوله لقيادة ال (ب ي د ) ( للدولة والمجتمع) ويلجأ الى الحصول على التراخيص اللازمة ( وصكوك الغفران) لممارسة العمل السياسي … او الارتماء مباشرة في احضانهم ,اختصارا للوقت الذي قد تستغرقه معاملة ترخيص الحزب على غرار ما فعلته قيادات بعض اشباه الأحزاب المحسوبة (زورا) على الحركة السياسية الكوردية .

ان كلا الطرفين مطالبين اليوم بإيجاد مخرج للأزمة النفسية التي تعيشها الجماهير الكوردية من قلق وتوجس وخشية من المستقبل بالإضافة الى ذلك الكم الهائل من الأعباء الحياتية المختلفة الملقاة عل عاتقها كنتاج للواقع العام , وذلك من خلال عودتهما الى احضان الجماهير والوقوف معها والدفاع الفعلي والحقيقي عنها و عن مصالح الشعب الذي يتكلمون باسمه , الشعب الذي يحكمون باسمه , الشعب الذي يمارسون كل الخطايا باسمه .

اوسلو  

  18.05.2014 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…