هل يمكن تجنّب وقوع الفأس في الرأس؟

زاغروس آمدي

إن الإرتباك الواضح في الممارسة اليومية للـ PYD والتصرفات غير المسؤولة وأحيانا العشوائية والتصريحات المتشنجة والإدعاءات الواهية، مثل اطلاق مصطلح (ثورة) روج آفا، وغير ذلك، والتقمصات المبالغ فيها للأفكار والتناقضات التي يقع فيها الـ PYD ، ما هي إلا من تجليات ظاهرة التغيُّر السريع أو الصعود المفاجئ الغير المتوقع الذي حدث لهذا الحزب.

في هذه الحالة يحاول الـ PYD أن يشرعن الوضع بشكل هيستيري وسريع، لإظهار نفسه وكأنه ناضل وجاهد طويلا، وضحى بالكثير ليظهر وكأنه يستحق هذا الشرف، أو أن ما حصل عليه  بهذه السرعة يعتبر من حقه.
مثله تماما كمثل من عثر على كنز في وسط القرية بالصدفة، ويريد أن يظهر لأهل القرية، بأن هذا ليس كنزا وجده بالصدفة، وإنما كان ثمرة جهد جهيد وعمل دؤوب ومتواصل، فيبدأ بإطلاق الأكاذيب والإشاعات وأصطناع القصص ليضفي  شرعية موهومة على حق إمتلاكه  لهذا الكنز.

في علم النفس وعالم الواقع أيضا، نعرف أن كل تغير مفاجئ ممكن أن يعرض الشيء أو الشخص لمضاعفات غير محمودة، وإذا تركت هذه  المضاعفات دون معالجة سليمة فقد تؤدي في النهاية الى نهايته.
ال ب ي د وجد نفسه فجأة في واقع غير محضر له، وهو  يريد الإستيلاء على القرية وأهلها بسرعة وعنوة، مدفوعا بقوة سحر الكنز، الذي بدلا من أن يوزعه على أهل القرية، اشترى بها سلاحا ليفرض سيطرته على القرية.

هنا تحدث الطامة الكبرى، لأنه  بمجرد حمله للسلاح تبدأ أعراض متلازمة التسلط القهري والإستبداد تسيطر عليه، كونه غير معد ومهيأ لذلك، كالمثل الألماني الذي يقول أن الأشياء تبدو لحامل المطرقة مساميرا، لذلك نجد أن أسهل شيئ يقوم به الـ PYD او حامل البندقية وبدون دواعي غالبا، القيام بأعمل طائشة لا مبرر لها، كسد المنافذ الحدودية وفتحها وإعادة سدها بشكل إعتباطي ومن دون أسباب مقبولة منطقيا، وإطلاق الإتهامات جزافا، والإعتقالات لأسباب مختلقة، والنفي وأحيانا التعذيب والقتل أيضا.

الـ PYD أو حامل البندقية، يعيش مرحلة الرجولة وهو في حالة المراهقة، ولن يستجيب لأية  مبادرة مهما كانت، لأنه لن يتنازل عن سلطته ولن يرضى أن يشارك فيها أحدا، إلا إذا شعر بأنه بدأ يفقد سلطته، أو تعرض لضغط قوة أكبر، لأنه في حالته  تلك محصن عن الإقناع العقلاني والمنطق الرياضي السليم، لأنه يعاني من طغيان الأدلجة على الروح. ولا يرديد ان ينصاع للرؤية الواقعية، لأنه يدرك أنه سيرى نفسه على نحو لا يرغبه، تماما كمن يرفض أن ينظر إلى نفسه في مرآة مكسورة. 

العواقب وخيمة، ولا أقصد إقتتالا داخليا،( مع أنني لا أستطيع إستبعاده كليا)، وإنما حالة من الزمن الحرج الذي يعيشه الشعب، وعادة مايكون مقرونا بإضطرابات وإنفعالات نفسية حادة تقود إلى الإحباط. وتؤدي الى تحيُّر وتمزُّق النفوس وتشتتها، وبالتالي فقدان الشعور الانساني الطبيعي. مما يوحي لدى الشخص بالنقص البائن في آدميتة، زيادة على ما هو عليه الحال.
والطامة الكبرى الثانية، عندما يتبين أن الكنز الذي وجِد صدفة، كان فخا وكمينا وضِع عن سابق قصد، عندها لا ينفع شيئ طبعا، لأن الفاس تكون قد وقعت في الراس.

زاغروس آمدي – فيينا
17.05.2014

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…