نداء: دعوة من مثقفي غرب كردستان الى التهدئة والحوار بين الأطراف السياسية

 

لا يخفى على أحد ازدياد الأوضاع السياسية والمعيشية سوءا في الآونة الأخيرة، سواء في غرب كردستان أو في عموم سوريا، وحدوث انقسام حاد في صفوف المجتمع الكردي يتوزع بين حزبين رئيسيين هما الاتحاد الديمقراطي و الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا وحلفائهما. وقد اتخذ الصراع المحتدم بين الجانبين منحى خطيرا تجسد في عمليات الاعتقال واستبعاد السياسيين والمضايقة على تحركهم ووضع العوائق أمام الناشطين العاملين في مجال الصحافة والاعلام وحدوث العديد من الانتهاكات التي لا يمكن قبولها من قبل المؤسسات الادارية وقوات الأسايش، استنادا الى المنطق الذي يتخذ من القوة سبيلا لتصفية الحسابات السياسية مع الطرف الآخر، عدا عن حوادث القتل والاختفاء المريبة التي لم تتوضح معالمها حتى الآن،
 كل ذلك يخلق لدينا الكثير من الأسئلة. كما لا يتوانى الطرف الآخر عن القيام بكل ما يمكن لتقويض تجربة الادارة الذاتية بمختلف المؤسسات الدائرة في فلكها في المناطق الكردية والاصرار على عدم الاعتراف بها من خلال الاستقواء بالآخرين وحشد كل الطاقات للانقضاض على ما تحقق والاجهاز عليه من خلال أساليب لا تتوافق مع النضال السلمي والسياسي المزعوم. كل ذلك في ظل اشتداد الحرب الاعلامية بين الطرفين من خلال الفضائيات التي تروج لسياسة كل طرف، وكذلك اتخاذ هذه الحرب الاعلامية والاتهامات المتبادلة بين الطرفين على المواقع الألكترونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي منحى لا يليق بالأهداف المشروعة لشعبنا والتي يسعى الطرفان الى تحقيقها. اننا اذ ندين التعامل “الأسايشي” من قبل الطرف الأول و نرفض اتخاذ القوة أسلوبا لحل الخلافات السياسية، فاننا ندين في الوقت نفسه التعامل العدائي من قبل الطرف الآخر ووضع تقويض السلطة الجزئية للطرف الأول على رأس أولوياته بدلا من محاربة نظام كابوسي جاثم على أنفاس الجميع. وتأتي المواقف العدائية لبعض المثقفين مضافا اليها الاصطفاف الحزبي الذي لا ينسجم مع رسالتهم المتجسدة في الانحياز الى المصالح العليا للشعب الكردي، لتزيد الطين بلة. وتذكرنا محاولاتهم المحمومة لصب الزيت على النار بمساهمات بعض مثقفي جنوب كردستان في تعميق الهوة بين طرفين كرديين والتمهيد للاقتتال الأخوي السيئ الصيت. اننا في اتحاد مثقفي غرب كردستان وبمختلف انتماءاتنا و توجهاتنا السياسية والفكرية، اذ نحمل الطرفين مسؤولية اتخاذ الخلافات السياسية بينهما هذا المنحى الخطير، وندعوهما الى وقف هذه الحرب الاعلامية المستعرة بينهما، كخطوة أولى باتجاه الاجتماع حول مائدة الحوار الأخوي الذي يتناسب مع خطورة المرحلة التي يمر بها شعبنا المغلوب على أمره. ان هذا النداء ليس محاولة لامساك العصا من المنتصف، كما قد يحلو للبعض تفسيره، ولكنه تنبيه الى مدى خطورة ما وصلت اليه الأوضاع، ودعوة ملحة الى الطرفين الأكثر تأثيرا في تحديد مصير قضية شعبنا، الى تجاوز الحالة الحزبية والارتقاء بها باتجاه المصلحة القومية المشتركة. الأمر الذي سينعكس ايجابيا لصالح القوى الخيرة على امتداد الخارطة السورية.

ان تضييع الوقت بالصراعات الحزبية واستعداء طرف لآخر لن يؤديان الا الى تشتيت الطاقات الهائلة التي يتمتع بها أبناء وبنات شعبنا، سواء من المنتمين الى هذين الطرفين الرئيسيين أو خارجهما، والذي سيحمل معه عواقب وخيمة أقلها فوات هذه الفرصة التاريخية التي أتاحتها لنا ثورة الحرية في بلادنا الجريحة، الطامحة الى مغادرة عهود الظلام والى الأبد.
اللجنة الادارية لمثقفي غرب كردستان

16.05.2014

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…