الحركة السياسية الكردية (من حفر حفرة لشعبه وقع فيها)

عبد العزيز التمو

بعيد عن الكلام في السياسة والتفنن في المقالة ذات الخطاب الانشائي التي تعبر عن إمكانية الكاتب وقدراته في ايصال الفكرة الى القارئ سوف ندخل في الموضوع من اوسع ابوابه وبالمشرمحي :

منذ اندلاع ثورات الربيع العربي وخيبة الامل التي اصابة معظم الحركات السياسية والحزبية في جميع الدول التي قامت بها الثورات، حيث لم تكن للأحزاب السياسية اليسارية منها او الاسلامية أي دور فعلي في تحريك الشارع الشبابي الذي امتلك النخوة ويقظة الضمير ليثور على واقع مرير مزري مليء بالمظالم والعبودية، وبدأت فكرة نكران الذات الشبابية حتى لو وصلت الامور الى حالة التضحية بالروح والدماء ،
 وهذا ما حصل فعلا، والشارع الكردي لم يكون بعيدا عن ما يحصل في تلك البلدان  فكانت حالة الغليان تسري في عروق ودماء الشباب الكرد لينتهزوا الفرصة التاريخية ليثوروا على ظلم عمره عقود لشعب مضطهد محروم من ابسط الحقوق التي تمنحها الدول المتقدمة للحيوان، فما بالك للبشر في سوريا، وخاصة اذا كان اسمهم كورد وفي الطرف المقابل كانت الاحزاب السياسية الكردية تعد العدة في كيفية الحفاظ على ذاتها وكينونتها، وهي ترى ما حصل للأحزاب السياسية في تلك الدول حيث اصبح الكثير منها خارج معادلة التاريخ، وخاصة بانهم يدعون ان الفضل يعود لهم لاستمرار بقاء الكرد السوريين وعدم انقراضهم بسبب ما فعلته الانظمة المتعاقبة على سوريا وحقدها التاريخي للشعب الكردي، وان هذه الاحزاب ترى نفسها المرجعية الوحيدة للكرد السوريين ولا يمكن ان يسحب مجموعة من الشباب البساط من تحت اقدامهم، وانهاء صلاحيات استخدامهم بين الجمهور والمجتمع الكردي فوقف الجميع (كل الاحزاب الكوردية السبعة عشر حزبا) صفا واحدا مرصوص البنيان موحدين خطابهم الكردي، ولأول مرة بالتاريخ في وجهة هؤلاء الشباب الابطال الذين لبو نداء اطفال درعا وحماة وحمص ليكونوا من صناع الثورة ليس على مستوا عامودا والقامشلي فحسب ، وانما على مستوى الدولة السورية قاطبة، وبدأت حملات التشهير بالشباب على انهم عجيان وبعض الزعران ، والعديد من الصفات التي نعتوا بها الشباب لكن هذه جميعها لم تجدي نفعا فيوم بيوم تزداد شعبية الشباب، وبسرعة البرق تنتشر اعمالهم على الشاشات ويلتف الشارع الكردي حولهم، ومرة اخرى يلجأ الساسة الكرد الى الحيلة المبطنة بأجندات اقليمية نظامية امنية حول كيفية احتواء الشارع ومنعه من الانخراط بشكل جدي بالثورة وعودة الشارع الى تحت عباءتهم التي طالما تفيء البعض بظل حمايتها الامنية على مدى سنين من توليه سكرتارية الحزب الموقر (وكان يحلم بلقاء القائد الاسد في الدعوة التي وجهها لهم للقائه في 1/6/2011)، وبسرعة الليزر تأسست التنسيقات الحزبية واندس اعضاء الاحزاب بين صفوف التنسيقيات الشبابية ولهم هدف محدد واضح هو تحييد الشباب عن الثورة والعودة الى بيت الطاعة الحزبية الكردية ونجحت هذه الاحزاب في ذلك عند تأسيسها المجلس العتيد لتضم معظم الحركات الشبابية وتضعهم تحت ابطها كمصفقين لها منفذين لقرارتها ليس لهم الحق في المشاركة بصنع القرار السياسي، وحتى الاجتماعي ودورهم يأتي في سياق الخصام والمصالحة بين مختلف صنوف الحركات السياسية الحزبية منها والشبابية ، وهكذا نجحت الاحزاب الكردية في تحقيق ما لم يستطيع أي جهاز امني سوري ان يحققه في الشارع السوري برمته هذا كله حصل في ظل تخويف الشارع والشباب الكرد من الاقتتال وجر المنطقة والبلاد الى الحرب مع النظام، وعدم قدوم الدبابات الى ساحات قامشلوا والدمار والخراب الذي حل بالبلاد ، وانهم الوحيدون على الساحة من يفهم بالسياسة.

 لكن كان هناك سياسيون مخضرمون اسمهم حزب الاتحاد الديمقراطي يعملون بالعلن وبشفافية كاملة مع انفسهم ، حيث رسموا خططهم الاستراتيجية في كيفية بسط سيطرتهم ووضعوا البرامج العملية لتنفيذ هذه السياسات وبالتعاون الكامل او الجزئي مع سلطات النظام السوري المركزية منها بدمشق او المحلية المتواجدة في الكانتونات، وبانشغال الحركة السياسية الحزبية الكوردية في تنفيذ مخططاتها بالقضاء على ثورة الشباب الكرد في روج افا كوردستان كان ال pyd يوسع من رقعة نفوذه ويتغلغل بين صفوف الجمهور الكردي منتهزا فرصة الغياب الكامل لهذه الاحزاب والتنسيقية الشبابية التي لحقت بها، وامتدت جذوره حتى وصلت الارياف والمدن وليس فقط الكرد حتى بين المكونات الاخرى في المناطق الكوردية ، واستثمر علاقته بالنظام السوري وقنديل بالشكل الامثل في تحقيق غايته وسيطرته الحزبية في حين استـثمرت الاحزاب الكوردية بالشكل الامثل لصالح النظام وحلفاءه في اربيل والسليمانية منفذة لكل الاوامر التي تأتيها وبخطاب ممل موجه الى الشعب الكردي في روج افا كوردستان لتضعوا رؤوسكم تحت الرمال كالنعامات من اجل عدم الاقتتال الكردي الكردي، في حين الطرف الاخر يقتل الشباب الكردي ويعتقل المختلفين معه ، ومن ضد النظام فهو ضده ، ويريق دماء الشباب الكرد في شوارع عامودا وتل غزال وسري كانيه، ويفتعل القتال مع العدو الافتراضي للأسد في كل سوريا داعش وأخواتها، وتسيل دماء الشباب والبنات الكرد في اماكن ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل، وغير مبالي بالاقتتال الكردي الكردي ولا الكردي العربي او حتى الكردي مع الشيطان، المهم هو يحقق ذاته ويؤسس دولة حزبه التي طالما حلم بها الاصل في تحقيقها في شمال كوردستان.
وبعد ان وصلت الامور الى من ضرب ضرب ومن هرب هرب تتسارع الاحزاب الكوردية في ندب حظها، وتشتري بيانات من دكانة احد الاصدقاء الذي افتتحه منذ مدة قصيرة لتدين اعتقال شاب او منع مغادرة لممثلين كومبارس في مؤتمر سيعقد هنا او هناك واخيرا تدين بشدة منع سلطات الاسايش من دخول زعيم حزب مولود جديد من دخول غرب كوردستان فليكن هذا ماجنته يداكم عليكم ولم يجنه عليكم احدا فتذوقوا مرارة ما اقترفت يداكم. نامل ان تصحوا ضمائركم ان وجدت وتستعدوا للعمل في كيفية استعادة ما اضعتموه على الشعب والشباب الكرد في تحقيق الحلم بالحرية والديمقراطية التي اغتصبت منكم ومن الشعب الكردي امام مرأى اعينكم وانتم صامتون.

13/5/2014

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف توطئة في مفهوم الزمن في كتابة الدستور كتابة الدستور ليست مجرد عملية تقنية يتم فيها تجميع النصوص القانونية في وثيقة واحدة، بل هي إعادة صياغة شاملة للهوية الوطنية والقيم التي ستؤسس عليها الدولة. إن الزمن المطلوب لهذه العملية يجب أن يكون انعكاساً لحاجة حقيقية للتوافق، وليس مجرد تأخير مقصود أو نتاج صراعات…

ا. د. قاسم المندلاوي سكان العالم ومن بينهم الكورد ” الذي يزيد عدد نفوسهم اكثر من 50 مليون نسمة ” ينتظرون بفارغ الصبر و بشوق قدوم العام الجديد 2025 ملئ بالافراح والسعادة و السلام الحقيقي في ربوع كوكبنا الجميل .. ولكن يبدو هناك خيبة امل وتشاؤم لدى بعض الشعوب ولاسيما لدى الشعب الكوردي المظلوم وخصوصا في سوريا حيث…

صلاح بدرالدين في الحلقة السابقة ( ٧ ) كنت قد ناشدت جميع المعنيين بالحالة الكردية الخاصة – افرادا ، ومجموعاتا ، واحزابا – بالوضوح والشفافية حول مشروع حراك ” بزاف ” بشان الدعوة لمؤتمر كردي سوري ديموقراطي جامع ، يتمثل فيه الوطنييون المستقلون بالنسبة الاكبر ، ليس من اجل التوجه الى دمشق من بوابة – المحاصصات – كما يعتقد مسؤولو…

إبراهيم اليوسف ما يلاحظ من صمت من قبل المثقف السوري أمام التحولات العميقة التي شهدتها البلاد خلال العقود الأخيرة يمثل في حقيقته ظاهرة لافتة، تكشف عن حجم التعقيد الذي يكتنف المشهد السوري. هذا الصمت- ولا أقصد الخطاب التهليلي الببغاوي- الصمت الذي قد يراه بعضنا خياراً واعياً بينما يجده آخرون منا نتيجة ضغوط وقيود، وهو لم يكن مجرد فعل فردي، بل…