هل أدار العالم ظهره للسوريين دون رجعة؟

بيار روباري

هذا السؤال يتردد كثيرآ في هذه الأيام على ألسنة المراقبين السياسين وقبلهم عامة السوريين، الذين تركوا لوحدهم في مجابهة الألة  العسكرية الجهنمية للنظام السوري، التي تفتك بهم دون رحمة على مدى ثلاثة سنوات ويزيد.

في واقع الأمر نعم لقد أدار العالم ظهره لمأساة الشعب السوري منذ البدء وحتى الأن، من خلال سكوته عن المجازر التي إقترفها النظام بحق السوريين طوال هذه المدة، و إستخدامه للأسلحة المحرمة دوليآ. وعبر إمتناعه عن التدخل العسكري لحماية السوريين أو فتح المجال أمامهم للحصول على الأسلحة والزخائر لحماية أنفسهم من شر النظام.
وفي الفترة الأخيرة تراجع إهتمام الدول المعنية بالشأن السوري إلى الحضيض،  فلم نعد نشاهد أي مؤتمرات ولم نعد نسمع بيانات إدانة، وغاب الخبر السوري أو خف كثيرآ من واجهة الإعلام الغربي، وإنصب جل إهتمامهه على الشأن الاوكراني وتعقب المقاتلين الأجانب الذين يحملون الجنسيات الأوربية الموجودين في سوريا وقضية الإرهاب.
طبعآ لهذا السكوت الدولي على مجازر بشار الأسد بحق السوريين، أسبابه ودوافعه وتختلف هذه الأسباب والدوافع من بلد لأخر. ولكن يمكن حصر هذه الأسباب في عدة نقاط رئيسية على الشكل التالي:
– الرغبة في تدمير البلد من خلال ترك الأطراف السورية أن تتحارب فيما بينها وتغزية هذا النزاع ليستمر طويلآ، 
– سوريا بلد فقير وبالتالي ليس للغرب مصالح في التدخل في الأزمة،
– مَن سيدفع تكاليف الفاتورة في حال التدخل،
– الوضع الإقتصادي الصعب للدول الغربية وأمريكا،
– رغبة أمريكا في الإنكفاء بعد تعبها من الحروب في كل من أفغانستان والعراق،
– تراجع أهمية منطقة الشرق الأوسط، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وحلول الشرق الأقصى محلها،
السؤال هل سيستمر المجتمع الدولي في إدارة ظهره للمسأة السورية دون رجعة؟ هذا الإحتمال وارد جدآ، وقد يستمر الصراع في سوريا لعدة سنوات مقبلة، دون أن ينتصر طرف على الأخر. وهناك إحتمال ضعيف بأن يتغير الموقف الدولي بعد إخراج الكيماوي السوري من البلد. وبعدها يتحرك الغرب عسكريآ ضد النظام أو القيام بدعم المعارضة المسلحة بشكل جدي وقلب موازين القوى على الأرض لصالح الثوار.
وخاصة بعدما أفشل النظام السوري الحل السلمي المتمثل في إتفاق جنيف بين الأمريكان والروس حول تشكيل هيئة حكم إنتقالية ونقل كامل صلاحيات الرئيس لها. وقد يرغب الغرب أيضآ الإنتقام من الروس في سوريا ردآ على تدخلها في الشأن الأوكراني وإحتلالها لشبه جزيرة القرم قبل عدة أسابيع مضت. إضافة إلى تخوف الغرب من تحول سوريا إلى مصنع لتصدير الإرهابين إلى بلدانهم وبقية العالم، كما حصل معهم في أفغانستان من قبل.
إن الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل، لذا دعونا ننتظر ونرى.

02 – 05 – 2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…