على وقع البراميل المتفجرة ومجازر القتل مهزلة إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا

*المحامي مصطفى أوسو

  كما كان متوقعاً، أعلن رأس نظام الإجرام في سوريا، المجرم بشار الأسد، والذي تفنن في ممارسة عمليات القتل وسفك دماء السوريين باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة وحتى الكيماوية المحرمة دولياً، وتهجيرهم من مناطقهم، وتشريدهم في الداخل والخارج، وتدمير مدنهم وبلداتهم وقراهم…، وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية… فيما بينهم، طوال الثلاث سنوات الماضية، التي أعقبت اندلاع الثورة المباركة، المطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة وإسقاط النظام…، عن التقدم رسمياً بأوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية، التي من المقرر لها أن تجري في الثالث من شهر حزيران القادم، مؤكداً بذلك من جديد استهتاره واستخفافه بدماء الشعب السوري والوطن عموماً، وتجرده من كل الاعتبارات والقيم الأخلاقية والوطنية..، ومؤكداً كذلك إصراره وتصميمه التشبث بالسلطة وحكم البلاد، حتى ولو لم يبقى في سوريا بشر أو حجر على حجر.
  وتأتي هذه المسرحية الهزلية المشار إليها للانتخابات الرئاسية في البلاد، في ظل عجز المجتمع الدولي وصمته المطبق، إزاء ما يرتكبه نظام المجرم بشار الأسد الموغل في البربرية والوحشية، من جرائم ومجازر بشعة يندى لها جبين الإنسانية، بحق الشعب السوري الثائر على القمع والديكتاتورية والاستبداد…، وانشغاله الكامل بالأزمة الأوكرانية وتطوراتها وتجاذب المصالح فيها، وكذلك في ظل إصرار هذا النظام الاستبدادي الدموي، القضاء على تطلعات الشعب السوري التواق إلى الحرية والكرامة وبناء دولة ديمقراطية تعددية…، تنتفي فيها كل أشكال الظلم والقهر والاضطهاد والديكتاتورية والاستبداد…، وينعم أبنائها على مختلف انتماءاتهم القومية والدينية والطائفية…، بحقوقهم المتساوية وحرياتهم الأساسية، وذلك من خلال آلته العسكرية وقواه الأمنية التي تمارس جميع أنواع البطش والتنكيل…، وبمساندة مباشرة من ميليشيا الحرس الثوري الإيراني وعصائب أهل الحق العراقية وحزب الله اللبناني، ودعم روسي صيني غير محدود، بعد أن أفشل كل المبادرات والحلول السياسية، التي نادى بها دعا إليها المجتمع الدولي، لإخراج البلاد من المأزق الخطير التي تمر فيها، بدءاً من مبادرة الجامعة العربية ومروراً بخطة المبعوث الأممي السيد كوفي أنان للسلام، وأنتهاءاً بالمبادرات السياسية والدبلوماسية، التي أطلقها المبعوث الدولي والعربي المشترك السيد الأخضر الإبراهيمي والتي توجت بعقد المؤتمر الدولي للسلام في جنيف وإجراء جولتين من المفاوضات بين ممثلي النظام والمعارضة السورية وبرعاية منظمة الأمم المتحدة.

  أن الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، وما تشهدها سوريا بشكل مستمر، من عمليات القصف العشوائية للطيران الحربي بالمواد الحارقة والبراميل المتفجرة على العديد من المحافظات السورية، واستهدافها بالمدافع وراجمات الصواريخ…، وغزوها بالدبابات وكل أنواع الأسلحة الثقيلة واستباحتها بالكامل لجنودها وارتكاب عمليات القتل والتعذيب والاغتصاب والتهجير والتشريد… بحق سكانها، وبث حالات الرعب والفوضى فيها، حيث تشير الإحصاءات إلى أن عدد القتلى وصل إلى أكثر من مائتي ألف مواطن، ووصل عدد المهجرين والمشردين إلى حوالي عشرة ملايين شخص، بالإضافة إلى مئات الآلاف من المعتقلين والمفقودين والمخطوفين…
 أن كل ما ذكر، بالإضافة إلى القبضة العسكرية والأمنية المركزة والشديدة، التي تدار بها المناطق التي أخضعها النظام لسطوته وسيطرته، وفقدان أية شرعية قانونية ودستورية للنظام المجرم ومؤسساته القائمة، التي شرعنت ولا تزال للاستبداد وارتكاب الفظائع والأهوال بحق الشعب والوطن، تجعل من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها أكبر مهزلة في تاريخ العالم المعاصر، رغم العدد الكبير للمرشحين المتقدمين لخوض ما تسمى بالانتخابات الرئاسية، الذين زكاهم النظام ورضي عنهم تلك المؤسسات الصورية ( المحكمة الدستورية العليا، مجلس الشعب )، ومن شأنها أن تنسف جميع الفرص من أجل إيجاد حل سياسي للوضع الراهن التي تمر بها البلاد، وبما يلبي طموحات الشعب السوري وتطلعاته المشروعة في الحرية والعدالة والديمقراطية.
  أن الشعب السوري، ورغم كل المعاناة التي يكابدها والألم الذي يقاسيه، منذ انطلاقة ثورته المباركة وحتى الآن، مصمم على المضي في نضاله المشروع مهما كانت حجم الخسائر والتضحيات التي تنتظره، حتى تحقيق كامل أهدافها وإسقاط هذا النظام الاستبدادي القمعي، وبناء دولته الديمقراطية التعددية…، المبنية على أسس الحق والقانون، والتي يتمتع فيها جميع مكوناتها المتعايشة تاريخياً، بحقوقهم المتساوية، وفق ما نصت عليه القوانين والعهود والمواثيق  الدولية ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وما محاولة النظام المجرم من وراء إجراءه هذه الانتخابات الهزلية والصورية، لإصباغ الشرعية على حكمه وتسلطه وجرائمه بحق الشعب السوري، والاستمرار في قمعه ومنعه من ممارسة حقوقه وحرياته…، إلا محاولة أخرى يائسة وفاشلة ولن يكون لها أي نصيب من النجاح، وسوف لن يفلت هذا النظام المجرم وأركانه من الانهيار والسقوط والمحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية، لمحاسبته على جرائمه الرهيبة بحق الشعب السوري، وعلى المجتمع الدولي أن يكون حازماً وأن يمارس دوره ويتحمل مسؤولياته بالكامل وأن يعمل بجدية لوضع حد لمأساة الشعب السوري، وأن يمهد الطريق أمامه ليعيش بحرية وكرامة وسلام وآمان.

·      مصطفى أوسو، عضو مكتب سياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…