د. محمود عباس
الطريقة الثانية… وهي المريبة والمخفية، اشتغل عليها عدة قوى، لا نستبعد منها بعض الداخل الديمقراطي، ومن خارجه، وفي مقدمتهم السلطة المباشرة، أو باستخدام أدواتها، وبمخطط دقيق وذكي. ومن الأسباب الرئيسة في التأجيلات المستمرة لعقد المؤتمر إن هذه الخطة كانت تحتاج إلى أن تطبخ بشكلها التام، ولا نشك في منع المغادرة عن طريق سيمالكا الذي حصل قبل المؤتمر كان من ضمن المخطط، ومن مهامه:
1- نقل قرارات الحزب الرئيسية من الخارج إلى الداخل أي بإعادة قيادة الحزب إلى المربع الأمني، ويكون الداخل القوة في إصدار البيانات المهمة والقرارات الأساسية، والكل يدرك أن السلطة الشمولية لا تزال في المنطقة هي الأمرة والناهية، ومعظم الاغتيالات والاعتقالات والاختطافات التي تجري في المنطقة تقوم بها القوى الأمنية للسلطة، وعليه فالقرارات ستكون بإملاءات أمنية.
ومن المريب جداً ألا يدرك الإخوة في البارتي هذه المعضلة المميتة، فكل قيادة تنتقل إلى الداخل ستخضع لهذه الظروف، وستحكم على ذاتها بالعدم، والحكمة تتطلب من الجميع إعادة النظر في هذه النقطة وبأقصى سرعة، وهنا التنبيه موجه لكل القيادات الكردية المتواجدة في قامشلو وغيرها من المدن الكردية، وإلا فالشك يفرض ذاته.
2- تعيين وإبراز قيادة تكون لها القدرة على التعامل مع سلطة الأمر الواقع أي سلطة الأسايش أو في بعدها العام ال ب ي د، أو كما يحلو للبعض تسميتها مؤخراً سلطة الكنتونات، وعمليا وراء كل اتفاق يقف وراءها النظام الأسدي، وهنا لا نستبعد حدوث اعتقالات، ما لم تتكيف، بحق أعضاء الحزب الجديد وستقوم القيادات الجديدة بالتحاور لإخلاء سبيل أعضائهم وبها يكونوا قد خلقوا التقارب مع سلطة الكنتونات شكلاً ومع السلطة الآمرة فعلياً، وتظهر معها قدرة القيادة على القيام بمسؤولياتها ضمن الوطن.
3- تقسيم المنطقة الكردية إلى أجزاء، وفي أفضل الأحوال، توزيعها بين الطرفين الكرديين، عفرين وكوباني ل ب ي د والجزيرة للديمقراطي وهما تحت خيمة النظام بالتأكيد، ولم تكن عملية إقصاء قادة الأحزاب من المنطقتين اعتباطيا ولا نزيها، بل مخططاً.
4- القضاء على تواجد الشريحة الشبابية الثورية في القيادة والتي لا تتراجع عن مسلمات الثورة ومنها شعار إسقاط النظام، وعدم التعامل معه بمطلقه، وعليه كان أحد الأسباب التي منعت ظهور النخبة الشبابية في القيادة.
5- ندرة التواجد النسائي، لإصباغ صفة التخلف الفكري الثقافي والوعي الحضاري على الحزب أمام ما تقوم به ال ب ي د من خطوات تقدمية حضارية في مجالات التوازن بين العنصرين النسائي والذكوري في القيادات بالإضافة إلى النخبة الشبابية.
6- لإفراغ انتقادات لجنة العلاقات الخارجية من مضمونها الموجهة إلى ب ي د أو القوى الأخرى المتواجدة في الداخل المؤيدة للسلطة أو المعادية لها، بحكم وجود قيادتها في الداخل وتحت خيمة سلطة الأسد، لا يستبعد الحد من تحركاتها الدبلوماسية مع القوى المعادية للنظام، بمقتضى وجود القيادة في داخل الوطن حيث السلطة.
7- يصبح عرض القضية الكردية في المحافل الدولية بالطريقة التي تحددها ال ب ي د والتي تندرج تحت أدبيات معينة يغيب عنها البعدين الوطني الكردستاني والقومي، وكذلك تحت رغبة ومخططات السلطة السورية، والطرح الناقص لفيدرالية المنطقة الكردية بدون أن تطرح النظام الفيدرالي لكل سوريا كانت خاطئة، وعمل لها، فسوريا بمركزية مع إقليم كردي فيدرالي ستكون لها عواقبها مثلما تحصل الأن في الإقليم الفيدرالي لجنوب كردستان، كما وكان لها إبعاد لتقليص جغرافية المنطقة، وذلك عند المناقشات التي ستحصل بينهم وبين ال ب ي د على أفضلية النظامين الفيدرالي والكانتونات.
عملياً بدأ القضاء على الحزب الوليد وهو في مهده، وقضي على الصوت المعارض فيه، وسيقضى على قوة وحراك لجنة العلاقات الخارجية والتي انتخب لها السكرتير السابق، الدكتور عبد الحكيم، وسيصمت معه السيد مصطفى جمعه وغيره الذين كانوا الصوت المعارض القوي بين الأحزاب، ولا نستبعد القضاء على الحزب في الداخل، بعد صدور “قانون الأحزاب” والذي سيكون من أول بنوده إلغاء الصفتين القومية والدينية عن اسم الحزب المرخص، أي أن البارتي المتشكل حديثا غير مقبول دستوريا، وعليه سيلاحق أعضائه وكل من يرفع الاسم أو يناضل تحت شعاراته، وال ب ي د يملك تلك المواصفات القانونية كما نعلم، فلا صفة قومية ولا دينية تندرج في اسمه ولا في ادبياته، فهو يرفض الصفة القومية، والأمة الديمقراطية هي الغاية والهدف بعكس الأحزاب الكردية القومية.
كما وتحت حجة عدم إثارة الصراع الكردي الكردي، المرفوض بالتأكيد، ستنجرف الديمقراطي، أي قيادة الداخل، إلى خيمة حكومة الكانتونات، أي خيمة ال ب ي د وليس المشاركة معها، أو خلق توافق ما بينهما، وهذا ما يأمله الكل، لكنها بعيدة المنال عمليا والأسباب استراتيجية وثقافية، وهنا ستكون المعضلة للخارج الذي كان يصدر قراراته المستقلة نسبياً في السنوات الأخيرة، إما الامتثال إلى الداخل المهادن، أو أن الحزب الجديد سينتحر على مذبح الانشقاق ثانية ما بين الداخل الذي يعرضه النظام كالمعارضة الوطنية، والخارج المعارضة اللاوطنية، وستعود النغمة نفسها، الاتهامات وشعارات التخوين، وهذه الحقيقة تبني ذاتها من الواقع الذي تمر فيه المنطقة منذ بداية الثورة، فالذي أختار الشهيد نصر الدين برهك وأغتاله بدقة من بين القيادات الحزبية وأختطف السيد بهزاد دورسن وبدون أثر، يستطيع الأن وفي أي وقت القيام بالاغتيالات المماثلة والاختطافات، في أية لحظة، ولأي شخصية لا يمتثل لأوامرهم، وخاصة السلطة الأن بلغت الحد الذي اصبح القتل والاغتيالات الفردية والاعتقالات والخطف لديها خدمة وواجب وطني، تحت شعار مواجهة التكفيريين والقوى العميلة التي تريد الدمار للوطن!
وفي هذا السياق نرى أنه يتطلب من الإخوة في الوليد الجديد ومن كل الأحزاب الكردية التي ترى ذاتها معارضة ولا تجد السلطة مندرجة في استراتيجيتها الوطنية أو القومية، وتلك التي لا تزال عالقة في ذاكرتها تاريخ سلطة الأسد الشمولية وحزب البعث الفاسد وأساليبهما العنصرية في تدمير الشعب الكردي وحركته السياسية والثقافية، نقل قيادتها إلى الخارج والإبقاء على التنسيق التام بينها وبين الداخل، العلاقة التي بحثنا فيها في مقالنا السابق(مزاودتي على كرد الداخل) فبدون الطرفين وبدون وجود القيادة خارج خيمة النظام لا يمكن اعتبارها معارضة مستقلة، وسوف لن تكون لها قائمة كقوة سياسية، وستنعدم حضورها تدريجيا في المحافل الدولية مثلما بنتها قليلا تدريجيا، وإلا عليها تقبل الأمر الواقع والدخول في استراتيجية التعامل مع السلطة الحاضرة وقواه الأمنية، والتفاهم معها على أمل تحقيق بعض المطالب القومية الكردية، في القادم من الزمن، وهذا مشكوك فيه والأيام كفيلة بتبيان ذلك.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
2- تعيين وإبراز قيادة تكون لها القدرة على التعامل مع سلطة الأمر الواقع أي سلطة الأسايش أو في بعدها العام ال ب ي د، أو كما يحلو للبعض تسميتها مؤخراً سلطة الكنتونات، وعمليا وراء كل اتفاق يقف وراءها النظام الأسدي، وهنا لا نستبعد حدوث اعتقالات، ما لم تتكيف، بحق أعضاء الحزب الجديد وستقوم القيادات الجديدة بالتحاور لإخلاء سبيل أعضائهم وبها يكونوا قد خلقوا التقارب مع سلطة الكنتونات شكلاً ومع السلطة الآمرة فعلياً، وتظهر معها قدرة القيادة على القيام بمسؤولياتها ضمن الوطن.
3- تقسيم المنطقة الكردية إلى أجزاء، وفي أفضل الأحوال، توزيعها بين الطرفين الكرديين، عفرين وكوباني ل ب ي د والجزيرة للديمقراطي وهما تحت خيمة النظام بالتأكيد، ولم تكن عملية إقصاء قادة الأحزاب من المنطقتين اعتباطيا ولا نزيها، بل مخططاً.
4- القضاء على تواجد الشريحة الشبابية الثورية في القيادة والتي لا تتراجع عن مسلمات الثورة ومنها شعار إسقاط النظام، وعدم التعامل معه بمطلقه، وعليه كان أحد الأسباب التي منعت ظهور النخبة الشبابية في القيادة.
5- ندرة التواجد النسائي، لإصباغ صفة التخلف الفكري الثقافي والوعي الحضاري على الحزب أمام ما تقوم به ال ب ي د من خطوات تقدمية حضارية في مجالات التوازن بين العنصرين النسائي والذكوري في القيادات بالإضافة إلى النخبة الشبابية.
6- لإفراغ انتقادات لجنة العلاقات الخارجية من مضمونها الموجهة إلى ب ي د أو القوى الأخرى المتواجدة في الداخل المؤيدة للسلطة أو المعادية لها، بحكم وجود قيادتها في الداخل وتحت خيمة سلطة الأسد، لا يستبعد الحد من تحركاتها الدبلوماسية مع القوى المعادية للنظام، بمقتضى وجود القيادة في داخل الوطن حيث السلطة.
7- يصبح عرض القضية الكردية في المحافل الدولية بالطريقة التي تحددها ال ب ي د والتي تندرج تحت أدبيات معينة يغيب عنها البعدين الوطني الكردستاني والقومي، وكذلك تحت رغبة ومخططات السلطة السورية، والطرح الناقص لفيدرالية المنطقة الكردية بدون أن تطرح النظام الفيدرالي لكل سوريا كانت خاطئة، وعمل لها، فسوريا بمركزية مع إقليم كردي فيدرالي ستكون لها عواقبها مثلما تحصل الأن في الإقليم الفيدرالي لجنوب كردستان، كما وكان لها إبعاد لتقليص جغرافية المنطقة، وذلك عند المناقشات التي ستحصل بينهم وبين ال ب ي د على أفضلية النظامين الفيدرالي والكانتونات.
عملياً بدأ القضاء على الحزب الوليد وهو في مهده، وقضي على الصوت المعارض فيه، وسيقضى على قوة وحراك لجنة العلاقات الخارجية والتي انتخب لها السكرتير السابق، الدكتور عبد الحكيم، وسيصمت معه السيد مصطفى جمعه وغيره الذين كانوا الصوت المعارض القوي بين الأحزاب، ولا نستبعد القضاء على الحزب في الداخل، بعد صدور “قانون الأحزاب” والذي سيكون من أول بنوده إلغاء الصفتين القومية والدينية عن اسم الحزب المرخص، أي أن البارتي المتشكل حديثا غير مقبول دستوريا، وعليه سيلاحق أعضائه وكل من يرفع الاسم أو يناضل تحت شعاراته، وال ب ي د يملك تلك المواصفات القانونية كما نعلم، فلا صفة قومية ولا دينية تندرج في اسمه ولا في ادبياته، فهو يرفض الصفة القومية، والأمة الديمقراطية هي الغاية والهدف بعكس الأحزاب الكردية القومية.
كما وتحت حجة عدم إثارة الصراع الكردي الكردي، المرفوض بالتأكيد، ستنجرف الديمقراطي، أي قيادة الداخل، إلى خيمة حكومة الكانتونات، أي خيمة ال ب ي د وليس المشاركة معها، أو خلق توافق ما بينهما، وهذا ما يأمله الكل، لكنها بعيدة المنال عمليا والأسباب استراتيجية وثقافية، وهنا ستكون المعضلة للخارج الذي كان يصدر قراراته المستقلة نسبياً في السنوات الأخيرة، إما الامتثال إلى الداخل المهادن، أو أن الحزب الجديد سينتحر على مذبح الانشقاق ثانية ما بين الداخل الذي يعرضه النظام كالمعارضة الوطنية، والخارج المعارضة اللاوطنية، وستعود النغمة نفسها، الاتهامات وشعارات التخوين، وهذه الحقيقة تبني ذاتها من الواقع الذي تمر فيه المنطقة منذ بداية الثورة، فالذي أختار الشهيد نصر الدين برهك وأغتاله بدقة من بين القيادات الحزبية وأختطف السيد بهزاد دورسن وبدون أثر، يستطيع الأن وفي أي وقت القيام بالاغتيالات المماثلة والاختطافات، في أية لحظة، ولأي شخصية لا يمتثل لأوامرهم، وخاصة السلطة الأن بلغت الحد الذي اصبح القتل والاغتيالات الفردية والاعتقالات والخطف لديها خدمة وواجب وطني، تحت شعار مواجهة التكفيريين والقوى العميلة التي تريد الدمار للوطن!
وفي هذا السياق نرى أنه يتطلب من الإخوة في الوليد الجديد ومن كل الأحزاب الكردية التي ترى ذاتها معارضة ولا تجد السلطة مندرجة في استراتيجيتها الوطنية أو القومية، وتلك التي لا تزال عالقة في ذاكرتها تاريخ سلطة الأسد الشمولية وحزب البعث الفاسد وأساليبهما العنصرية في تدمير الشعب الكردي وحركته السياسية والثقافية، نقل قيادتها إلى الخارج والإبقاء على التنسيق التام بينها وبين الداخل، العلاقة التي بحثنا فيها في مقالنا السابق(مزاودتي على كرد الداخل) فبدون الطرفين وبدون وجود القيادة خارج خيمة النظام لا يمكن اعتبارها معارضة مستقلة، وسوف لن تكون لها قائمة كقوة سياسية، وستنعدم حضورها تدريجيا في المحافل الدولية مثلما بنتها قليلا تدريجيا، وإلا عليها تقبل الأمر الواقع والدخول في استراتيجية التعامل مع السلطة الحاضرة وقواه الأمنية، والتفاهم معها على أمل تحقيق بعض المطالب القومية الكردية، في القادم من الزمن، وهذا مشكوك فيه والأيام كفيلة بتبيان ذلك.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com