د. محمود عباس
جدل بين أحزاب غرب كردستان وتابعيهم، منذ أن أمليت الأجندات عليهم، وفُرِزُوْا بين القوى الإقليمية، تسبقهم شعارات، الغاية منها وطنية بتباهٍ، وحزبية واقعاً. والقضايا المتنازعة عليها متنوعة، يبرزن إحداها ويطمرن الأخرى، حسب متطلبات المرحلة التي تحتاجها القوى المسيرة لها. وفي السنتين الأخيريتين برزت قضية الأفضلية للقضية الكردية ما بين السلطة السورية الشمولية والمعارضة بشكل عام، ففي السنة الأولى من عمر الثورة، عندما كان الشباب يملؤون شوارع الوطن لم تحسم الأحزاب، المتكيفة مع السلطة، موقفها حتى فترة متأخرة من تلك السنة من عمر الثورة، مبيّنة ترددها تجاه الثورة.
انجرفوا بعدها إلى ساحات النقاش في قضية التمييز والفصل والتفضيل، وأدرج البعض من الأحزاب الكردية، عن سابق قصد وتصميم، كل التيارات المدعية أو المندرجة بشكل أو آخر في خانة المعارضة، ومن ضمنها التيارات التكفيرية كداعش وغيرها من القوى مع المعارضة الوطنية، بغية خلق التوازن والتكافؤ بينها وبين السلطة الشمولية المعروفة بتاريخها الأسود تجاه الكرد وقضيتهم. ولا يعني هذا تنقية للقوى العنصرية والتكفيرية الشريرة المتنازعة مع السلطة وعلى السلطة، والتي لا تنتمي إلى المعارضة الوطنية ولا إلى الثورة بشيء.
وهنا نود إثارة السؤال بجدليته ثانية، مع الإدراك التام لغياب البعد الوطني والأخلاقي فيه، وبشكله الأناني، ومن منطلق الأنا المثابر عليها الآخرون قرونا، بدون إحساس، وبمنطق المصالح الذاتية، التي هي عند الكرد في حكم العدم: أيّ الطرفين صادق في حل القضية الكردية، ومقتنع بالشراكة في الوطن؟ السلطة الشمولية أم المعارضة؟ دون نسيان التاريخ الملوث القريب للنظام الأسدي الشمولي، والذي لا يزال يتماثل أمامنا بكل بشائعه، ولا يؤمل منه إلا جغرافية ممزقة للمنطقة، لن تتجاوز كانتونات قزمة وغياب للتاريخ الكردي مع نقله من سوية شعب إلى أقلية مهاجرة دونية، ضمن سوريا عروبية وليست عربية. والبعض الكردي يدعي العلاقات التكتيكية أو الاستراتيجية مع السلطة أو المعارضة، كخيانة، دون الانتباه إلى أن هذه التهمة بحد ذاتها حالة نسبية، ليس من الدقة الادعاء جزافاً، فالتهمة عند البعض الآخر صفة وطنية والعكس صحيح، وعليه يجب تحليل الواقع والعلاقات الجارية من منطق المصلحة الكردية الواجب التحلي بها كل فرد منا؛ وكذلك نوعية الغاية أو الهدف الذي يعمل عليها أو ما تعرض في أدبيات كل طرف، ومدى صحتها وإمكانية الوصول، عن طريقها، إلى الغاية الكلية.
السؤال يفرض ذاته، بناءً على التحولات المريبة لبعض الأحزاب الكردية، في الآونة الأخيرة، والمشابهة لبدايات الثورة. وقد ظهر هذا بوضوح من خلال نتائج المؤتمر التوحيدي للأحزاب الكردية الأربعة. ليس من جدول أعماله، والذي احتوى على الكثير من المغالطات والأخطاء، ومنها دفنها، عمليا، البعد الكردستاني رغم تسميتها بالكردستاني. ونحن هنا لا نبحث في هذه المعضلات التي بحثنا في بعضها ضمن الحوار الذي اعده موقع “ولاتي نت” بل بما خُطط له مسبقاً وراء الكواليس، وما تمخض عنه تبين أن هناك قضايا كانت في صدارة الغايات، التي وقفت عليها الكتل السياسية داخل المؤتمر؛ وذلك على خلفية العلاقة الاستراتيجية الطويلة مع السلطة الشمولية، والتي لم تتمكن أغلبية الأحزاب السياسية التخلص منها، رغم ما قدمته الثورة لهم في السنوات الماضية، مع دخول البعض إلى ساحات المعارضة السورية الأخرى في تحالفات تكتيكية ضعيفة، وحصولهم على القليل من فضاءات الحرية في القرارات، مع أنهم تمتعوا وتميزوا ببعضها وهم خارج خيمة النظام. نفذ المخطط الواجب إلغاء المبني في الفضاء الخارجي، بذكاء وحنكة، وبدون تذكير أو إثارة انتباه أعضاء المؤتمر. يقف وراء هذا قوى كانت لها اليد الطولى في وضع العراقيل، وباستمرار، لتأجيل المؤتمر، إلى أن تخمر المطلوب.
ومن ضمن المخطط، إعادة قيادة البارتي إلى الداخل. في الواقع، كان قد مهد لهذا العمل قبل ظهور رغبة التوحيد، فعملية جلب المعارضة من الخارج إلى الداخل درسه ويدرسه النظام بمعق، منذ بداية ظهور المعارضة في الخارج، في أروقته الأمنية والسياسية، وبالنظر إليه ظهرت هيئة التنسيق كمعارضة الداخل الوطنية، لتبرزها السلطة كمثال لدى الحوارات من هذا المنطق. ومن ضمن هذا المخطط إعادة قرارات الحركة الكردية إلى الداخل، وفي المقدمة قيادة تلك الأحزاب، التي بدأت ترفع شعارات مستقلة عن إملاءات السلطة أو ما تعودت عليها أذانها سابقاً.
فالأحزاب الكردية التي كانت بفعل حصولها على استقلاليتها النسبية، وانتقالها إلى سوية التعامل مع الآخرين، بالمنطق السياسي، وارتياد الأروقة الدولية الدبلوماسية كقوة كردية مستقلة بآرائها، ولأول مرة منذ تأسيسها، فوجدت ذاتها خارج إملاءات السلطة الشمولية الأمنية. أثار كل ذلك حفيظة النظام، فبحث الأخير عن الطرق للحد من تقربهم من المعارضة من جهة ومن جهة أخرى تشكيل رأي كردي مستقل. عندما شعرت السلطة الأمنية فقدان سيطرتها عليهم، بدأت بالتهجم المبتذل وبأساليب مختلفة، وصلت إلى حد دفع البعض الكردي من أتباعه تخوينهم بحق الشعب الكردي والوطن الذي تتقمصه السلطة. فعمل النظام على إظهارهم من أحزاب كردية متكيفة في عيون أغلبية الشعب والشباب الثوري إلى أحزاب خائنة، فاختلقت السلطة، عن طريق مواليها من الكرد، بحقهم اتهامات وتلفيقات استفزازية شتى:
1- تخوين كل معارضة غير متواجدة في الداخل ولا تقاتل التيارات التكفيرية. وكان الاتهام في عموميته موجه إلى الأحزاب الكردية المتعاملة مع المعارضة الخارجية وتهاجم السلطة أو الطرف الكردي المتناسق معها.
2- نعت الأحزاب الكردية المعارضة بالتقزم لعدم قدرتها على تشكيل معارضة مسلحة.
3- والأبشع، هو ما تشيعه موالو النظام تخوين قياديي هذه الأحزاب المتواجدين في الخارج، وتسميتهم بأصحاب نزلاء فنادق خمس نجوم، والذين تخموا في مطاعم هولير وإستانبول، مع مقارنتهم بالشعب المعاني أمناً وجوعاً! ونشرت أبواق السلطة انطباعا بين الشعب على أنهم أصحاب ربطات العنق والبطون المتخمة، في الوقت الذي يكون فيه أهلهم من الكرد يعيشون المآسي!
وما إليها من شعارات اتهامية مخططة للتأثير على الرأي العام الكردي؛ وكل ذلك لإجبارهم إما:
– على التزام الصمت والتخلي عن مساندة المعارضة السورية الخارجية أو الوقوف في صفها حتى ولو كان تكتيكاً.
– أو العودة إلى خيمة السلطة الشمولية في الداخل حيث المربع الأمني المتعارف عليه، ورفع شعار المعارضة الداخلية الوطنية، مثلها مثل هيئة التنسيق الوطنية: معارضة السلطة للسلطة، أي عمليا قتل الكلمة الكردية الحرة نوعا ما ثانية.
لهذا مهد لمؤتمر الاتحاد السياسي، المشكل للبارتي الديمقراطي الكردستاني – سوريا، بطريقتين، إحداها، بالروتين التنظيمي، والتي وقف عليها الأنقياء والوطنيون لخلق وحدة سياسية، تمكنهم من إيجاد توازن سياسي في غرب كردستان أمام القوة التي اكتسبتها حزب الاتحاد الديمقراطي عن طريق استراتيجيتها المتحالفة مع الحلف الشيعي وبالتالي مع السلطة السورية الشمولية، وإنْ كانت تحاول خلق طرف ثالث جدلاً، والطريقة الثانية…
يتبع…
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
وهنا نود إثارة السؤال بجدليته ثانية، مع الإدراك التام لغياب البعد الوطني والأخلاقي فيه، وبشكله الأناني، ومن منطلق الأنا المثابر عليها الآخرون قرونا، بدون إحساس، وبمنطق المصالح الذاتية، التي هي عند الكرد في حكم العدم: أيّ الطرفين صادق في حل القضية الكردية، ومقتنع بالشراكة في الوطن؟ السلطة الشمولية أم المعارضة؟ دون نسيان التاريخ الملوث القريب للنظام الأسدي الشمولي، والذي لا يزال يتماثل أمامنا بكل بشائعه، ولا يؤمل منه إلا جغرافية ممزقة للمنطقة، لن تتجاوز كانتونات قزمة وغياب للتاريخ الكردي مع نقله من سوية شعب إلى أقلية مهاجرة دونية، ضمن سوريا عروبية وليست عربية. والبعض الكردي يدعي العلاقات التكتيكية أو الاستراتيجية مع السلطة أو المعارضة، كخيانة، دون الانتباه إلى أن هذه التهمة بحد ذاتها حالة نسبية، ليس من الدقة الادعاء جزافاً، فالتهمة عند البعض الآخر صفة وطنية والعكس صحيح، وعليه يجب تحليل الواقع والعلاقات الجارية من منطق المصلحة الكردية الواجب التحلي بها كل فرد منا؛ وكذلك نوعية الغاية أو الهدف الذي يعمل عليها أو ما تعرض في أدبيات كل طرف، ومدى صحتها وإمكانية الوصول، عن طريقها، إلى الغاية الكلية.
السؤال يفرض ذاته، بناءً على التحولات المريبة لبعض الأحزاب الكردية، في الآونة الأخيرة، والمشابهة لبدايات الثورة. وقد ظهر هذا بوضوح من خلال نتائج المؤتمر التوحيدي للأحزاب الكردية الأربعة. ليس من جدول أعماله، والذي احتوى على الكثير من المغالطات والأخطاء، ومنها دفنها، عمليا، البعد الكردستاني رغم تسميتها بالكردستاني. ونحن هنا لا نبحث في هذه المعضلات التي بحثنا في بعضها ضمن الحوار الذي اعده موقع “ولاتي نت” بل بما خُطط له مسبقاً وراء الكواليس، وما تمخض عنه تبين أن هناك قضايا كانت في صدارة الغايات، التي وقفت عليها الكتل السياسية داخل المؤتمر؛ وذلك على خلفية العلاقة الاستراتيجية الطويلة مع السلطة الشمولية، والتي لم تتمكن أغلبية الأحزاب السياسية التخلص منها، رغم ما قدمته الثورة لهم في السنوات الماضية، مع دخول البعض إلى ساحات المعارضة السورية الأخرى في تحالفات تكتيكية ضعيفة، وحصولهم على القليل من فضاءات الحرية في القرارات، مع أنهم تمتعوا وتميزوا ببعضها وهم خارج خيمة النظام. نفذ المخطط الواجب إلغاء المبني في الفضاء الخارجي، بذكاء وحنكة، وبدون تذكير أو إثارة انتباه أعضاء المؤتمر. يقف وراء هذا قوى كانت لها اليد الطولى في وضع العراقيل، وباستمرار، لتأجيل المؤتمر، إلى أن تخمر المطلوب.
ومن ضمن المخطط، إعادة قيادة البارتي إلى الداخل. في الواقع، كان قد مهد لهذا العمل قبل ظهور رغبة التوحيد، فعملية جلب المعارضة من الخارج إلى الداخل درسه ويدرسه النظام بمعق، منذ بداية ظهور المعارضة في الخارج، في أروقته الأمنية والسياسية، وبالنظر إليه ظهرت هيئة التنسيق كمعارضة الداخل الوطنية، لتبرزها السلطة كمثال لدى الحوارات من هذا المنطق. ومن ضمن هذا المخطط إعادة قرارات الحركة الكردية إلى الداخل، وفي المقدمة قيادة تلك الأحزاب، التي بدأت ترفع شعارات مستقلة عن إملاءات السلطة أو ما تعودت عليها أذانها سابقاً.
فالأحزاب الكردية التي كانت بفعل حصولها على استقلاليتها النسبية، وانتقالها إلى سوية التعامل مع الآخرين، بالمنطق السياسي، وارتياد الأروقة الدولية الدبلوماسية كقوة كردية مستقلة بآرائها، ولأول مرة منذ تأسيسها، فوجدت ذاتها خارج إملاءات السلطة الشمولية الأمنية. أثار كل ذلك حفيظة النظام، فبحث الأخير عن الطرق للحد من تقربهم من المعارضة من جهة ومن جهة أخرى تشكيل رأي كردي مستقل. عندما شعرت السلطة الأمنية فقدان سيطرتها عليهم، بدأت بالتهجم المبتذل وبأساليب مختلفة، وصلت إلى حد دفع البعض الكردي من أتباعه تخوينهم بحق الشعب الكردي والوطن الذي تتقمصه السلطة. فعمل النظام على إظهارهم من أحزاب كردية متكيفة في عيون أغلبية الشعب والشباب الثوري إلى أحزاب خائنة، فاختلقت السلطة، عن طريق مواليها من الكرد، بحقهم اتهامات وتلفيقات استفزازية شتى:
1- تخوين كل معارضة غير متواجدة في الداخل ولا تقاتل التيارات التكفيرية. وكان الاتهام في عموميته موجه إلى الأحزاب الكردية المتعاملة مع المعارضة الخارجية وتهاجم السلطة أو الطرف الكردي المتناسق معها.
2- نعت الأحزاب الكردية المعارضة بالتقزم لعدم قدرتها على تشكيل معارضة مسلحة.
3- والأبشع، هو ما تشيعه موالو النظام تخوين قياديي هذه الأحزاب المتواجدين في الخارج، وتسميتهم بأصحاب نزلاء فنادق خمس نجوم، والذين تخموا في مطاعم هولير وإستانبول، مع مقارنتهم بالشعب المعاني أمناً وجوعاً! ونشرت أبواق السلطة انطباعا بين الشعب على أنهم أصحاب ربطات العنق والبطون المتخمة، في الوقت الذي يكون فيه أهلهم من الكرد يعيشون المآسي!
وما إليها من شعارات اتهامية مخططة للتأثير على الرأي العام الكردي؛ وكل ذلك لإجبارهم إما:
– على التزام الصمت والتخلي عن مساندة المعارضة السورية الخارجية أو الوقوف في صفها حتى ولو كان تكتيكاً.
– أو العودة إلى خيمة السلطة الشمولية في الداخل حيث المربع الأمني المتعارف عليه، ورفع شعار المعارضة الداخلية الوطنية، مثلها مثل هيئة التنسيق الوطنية: معارضة السلطة للسلطة، أي عمليا قتل الكلمة الكردية الحرة نوعا ما ثانية.
لهذا مهد لمؤتمر الاتحاد السياسي، المشكل للبارتي الديمقراطي الكردستاني – سوريا، بطريقتين، إحداها، بالروتين التنظيمي، والتي وقف عليها الأنقياء والوطنيون لخلق وحدة سياسية، تمكنهم من إيجاد توازن سياسي في غرب كردستان أمام القوة التي اكتسبتها حزب الاتحاد الديمقراطي عن طريق استراتيجيتها المتحالفة مع الحلف الشيعي وبالتالي مع السلطة السورية الشمولية، وإنْ كانت تحاول خلق طرف ثالث جدلاً، والطريقة الثانية…
يتبع…
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية