مؤتمر الاتحاد السياسي والمثقف النهضوي

شفان ابراهيم
 
shivan46@gmail.com

في واقع الحال لا نملك سوى الانتظار وعقد الأمل على مجريات مؤتمراً أرهقنا جميعاً وأستنزف كل طموحاتنا وآمالنا.

ومع هذا الانتظار تتولد الأفكار التي لابد لها أن تتلاقح مع مثيلاتها المنطلقة من الأخر الذي يؤمن بضرورة التغيير والتحديث الفعلي والحقيقي, وهذه الأفكار لو انتقلت من مؤتمر توحيدي واستثنائي إلى مؤتمر صاعد لاحقاً فإن هذه الأفكار ستتحول إلى جزء لا يتجزأ من وعي الفكر المتحرر فيعيد إنتاجها ليحقق وحدة الوعي والشعور بالواقع, لصناعة عامل جديد, وحزب جديد, ومؤسسة جديدة,
 وسينعدم معه الشعور بالدونية, حينها سيُفجر المثقف النهضوي كل طاقاته وسيقدّم زاداً يُمكن البناء عليه, والقطيعة مع ما قبله, حينها سنكون أمام حالة من اثنتين  ضرورة القطيعة مع الماضي, والبدء بمأسسة حالة خلاقة من العمل المؤسساتي الذي يُتيح للإبداع الخلاق الإمكانيات والأهمية في الوجود
أو الاستمرار في التواصل مع رتم الماضي والعمل على الإيغال بضراوة وشراسة أكثر كي يتم تفسيخ ما لم يٌفسخ بعد من الوجدان الحزبي الذي لابد له من الاستمرار في حالة التوازن السوسيولوجي للأعضاء أولاً, وثانياً ضرورة حماية هذا الوجدان عبر خلق متتاليات سياسية هدفها خلق حالة حقيقية للقطيعة مع الحطام الحزبي السابق.

هذا المثقف الذي لم يُسمح له أن يُفجر ويحقق القطيعة, بل بقي أسير عقلية التزلف والتزلم, هذا المثقف النهضوي تأثر بقوة البلاغة في الوعود والخطابة التبريرية, هذا المثقف وهو يحمل هاجسه أراد أن يستعير من القيادات الكوردية قوتها في البقاء حيثما وأينما يرغبون, فقط كي يكون نداً لهم, ويستطيع مواجهتم, وبالتالي فالمثقف واعٍ لخطر هذا الوعي بالنسبة لمن يتحكمون بمصائر الأحزاب الكوردية لذلك لم يُترك بحريته وقوته وهاجسه التثقيفي والنهضوي, ولم تتركه العقليات التقليدية والكلاسيكية  أن يُحقق هذه النقلة النوعية, فالمثقف النهضوي لم يتصور أن يقع فريسة للآخر. هذا المثقف النهضوي وهو يستعير من القيادات قوتها عانى الكثير: عانى كيف يُحافظ على ذاتيته, وكيف يحافظ على وجوده الذاتي, وهذه الصورة موجودة إلى الآن, وهذه المشكلة قائمة لحد هذه الساعة
لذا لا بديل لنا سوى التأمل بالمؤتمر خيراً,  ولا بديل لنا سوى الانتظار نحو تطبيق ولو الحد الأدنى من تطلعات الشعب الكوردي في سوريا
عموماً لندرك جميعاً إن الآمال الكبرى والتوقعات العظيمة غير معقودة على مقدمات المؤتمر, لكننا ننتظر من المؤتمرين وإن لم يكن الكل مشمولاً بالأمل, أن يكونوا مفتاح التغيير نحو بناء حزب سياسي مؤسساتي جماهيري قولاً وفعلا
ولنكن واقعيين في منحى طلبنا لخلق حالة حزبية مؤسساتية جديدة, لابد لنا من الانتقال من العام إلى الخاص في مجال الحديث عن حزب مؤسساتي ضخم وكبير. نحن إذاً متفقون على ضرورة وجود حزب جماهيري مؤسساتي ضخم وذلك انطلاقا من موقفين اثنين: الأول هو موقف عمومي ينطلق من رغبة الشعب الكوردي في سوريا في تقليل عدد الأحزاب الكوردية والتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يُقدم لهم ما يستحقونه نتيجة صبرهم وتفانيهم وتضحياتهم في سبيل القضية الكوردية, والأخر موقف خصوصي يكمن في لم شمل كل من يجد في نفسه السير على نهج البرزاني, وإن كانت بعض الأحزاب الغير منضوية تحت لواء الاتحاد السياسي كان وجودها سيعطي زخما اكبر وأقوى, مع ذلك فإن خصوصية هذا الاتحاد يكمن في تثبيت الأقدام ميدانيا والعمل بشكل جماعي وفق منظومة عقلية متفقة في نسق جماعي واحد, وإن كانت نتائج هذا النسق ستظهر لاحقاً وبدقيق الكلمة في المؤتمر الذي سيلي المؤتمر المزمع عقده.
لكن السؤال الأبرز يكمن في كيفية تجلي الخصوصية الحزبية في عمومية القضية الكوردية؟
نجد أن هذا التجلي يكمن في حوامل ثلاث:
1 – الحامل الاجتماعي كاملاً وفق ضرورة تقسيم العمل من حيث أن أي حزب جديد لابد أن يفصح عن آلياته وبنيته, والإفصاح عن الإمكانيات التي يمكن أن تبرز في تطور لاحق منها
2- الحامل الثقافي المتمثل في بنية المجتمع الفكرية عموماً سواء ثقافية دينية أو فكرية, وضرورة وجود فكر فلسفي نقدي تحليلي لخلق مجتمع مبني على قيم واضحة المعالم, شريطة الإقرار بان هذا الحزب الوليد ليس وحده حامل الخصوصية القومية والثقافية والفكرية
3- الثقافة الفلسفية
لكن حتى هذه اللحظة فإن انطلاقتنا من التأسيس لمجموعة الأفكار المنطقية التي تضبط فهمنا للمسألة, من العالم إلى الخاص, ومن الخاص إلى الأكثر خصوصية, لا تزال ناقصة ومبتورة وهي بحاجة إلى مجموعة من الشروط
1 الشرط الأول ويعود إلى التاريخ, وهو تقسيم العمل
2وجود مؤسسة ينتج من خلالها السياسي
3 التفرغ من أجل الإبداع الفكري والثقافي

وهذه الشروط بحاجة إلى حامل سياسي وجماهيري, وهو ما يمكن أن نعول عليه في بنية الاتحاد السياسي خلال المؤتمر القادم, أي بعد المؤتمر التوحيدي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…