ضحالة و ضبابية..

سينو محمد

قراءة  في ميثاق العقد الاجتماعي في غربي كردستان – شعوب مناطق الادارة الذاتية  الديمقراطية

الإدارة الذاتية: كتعريف هي شكل من أشكال الحكم، حيث يتم بموجب الدستور توزيع المهام والصلاحيات بين الدولة المركزية والوحدات المحلية، و للإدارة الذاتية عدة أشكال منها (الفيدرالية، الكونفدرالية، الإدارات المحلية) ولكن ميثاق العقد الاجتماعي لم  يحدد طبيعة الإدارة الذاتية.
والعنوان الطويل لا يزال يدل على حالة تخبطية غير واضحة ربما يُراد التغطية على هشاشة المضمون من خلال الإطالة في العنوان الوليد من بطن العقل الشعاراتي، إذ ما من ضرورةٍ إلى ذكر ميثاق وبعدها كلمة عقد (ميثاق العقد) لأن ورود إحداهما تفي بالغرض أي أن ميثاق أو عقد تعطينا نفس المعنى وهو أن إرادة الأطراف اتفقتا على شيء معين.
 وبعد الارتباط التماثلي بين الميثاق والعقد، نتفاجأ بالخريطة التي تبين الامتداد الجغرافي لمناطق الإدارة الذاتية والتي تشمل مناطق شمال سوريا بالكامل (محافظة الحسكة – أجزاء كبيرة من محافظة الرقة وشمال مدينة حلب بالكامل) ليظهر التناقض بين التسمية “غربي كردستان” والامتداد الجغرافي على الأرض، إذ من المفترض أن مناطق الإدارة الذاتية في غربي كردستان كما يسميها أصحاب الفكرة ممتدة على مناطق تواجد الأكراد او على المناطق ذات الأغلبية الكردية، أما أن يتم الرسم بشكل رغبوي دون أي تطابق مع الواقع فهذه مصيبة تدل على صبيانية في التفكير.
بينما الديباجة فتبدأ بعبارة (نحن شعوب الإدارة الذاتية) لن ندخل هنا في نقاش حول صحة كلمة شعوب ولكن ما هو متفق عليه أن الأرمن الموجودين في سوريا لا يمكن تسميتهم بشعب، كما ورد في الديباجة ويمكن تسميتهم في أحسن الأحوال، جالية أرمنية   في سوريا.
كما يُخاطب العقد أطرافه مرة باسم (شعوب) وبعدها يتراجع عن هذه التسمية ليخاطبهم بـ (تجمعات وهويات ثقافية واثنيه) وبعدها يخاطبهم بمكونات من كرد وسريان وعرب …. دون ذكر لكلمة شعب، لذا فإن قارئ الديباجة لن يعرف في النهاية إذا كان أطراف العقد مجموعة شعوب أم هم اثنيات أم أقليات قومية أم …أم ….  ؟.
(وبإرادتنا الحرة نعلن ….) هنا من حقنا أن نتساءل كيف تم التعبير عن الإرادة وبشكل حر !!!!! كما نعلم ان التعبير عن الإرادة يكون من خلال صناديق الاقتراع (انتخاب – استفتاء) أو باتفاق ممثلي الأطراف، وهذين الشكلين من المستحيل أن يتحققا لأن مناطق الإدارة الذاتية يتوزع السيطرة عليها النظام والجيش الحر و داعش و قواتpyd   فكيف تم التعبير عن الإرادة وبشكل حر !!!؟؟؟؟.  
وتذكر الديباجة أيضاً أهداف الإدارة الذاتية (…و… و الديمقراطية وفق مبدأ التوازن البيئي ..و …و) بحثت كثيرا عن مبدأ (التوازن البيئي) في الفكر السياسي فلم أجد أي إشارة لهذا المصطلح الذي قد يكون إبداع فكري من إنتاج القائمين على الإدارة الذاتية !!!!!!.
ومن وظائف الإدارة الذاتية كما ورد في الديباجة (وظيفته المتمثلة بالتفاهم المتبادل) نعم إن أي عقد لابد أن يكون مبنيا على التفاهم، أي التفاهم يجب ان يكون سابقا على العقد، و نتائج التفاهم هي العقود والمواثيق و ليس العكس.
وتهدف الإدارة الذاتية (للحفاظ على السلم الأهلي و العالمي) إن الإدارة الذاتية وفق النصوص الدستورية لا يجوز أن تتدخل في القضايا الخارجية و التي تكون من مهام الدولة المركزية فكيف ستساهم الإدارة الذاتية في غرب كردستان في الحفاظ على السلم العالمي !!! ربما تكون من الابداعات الدستورية التي قد لا يلحظها جهابذة القانون والدساتير؟.
كما تهدف الإدارة أيضا إلى (تأمين الحماية والدفاع …) وعندما نقول حماية و دفاع فإننا نتحدث عن الجيش ومهامه وهذا يتناقض مع مهام الإدارة الذاتية وفق الفهم الدستوري.
وتضع الإدارة الذاتية بعض اللاءات (لا تقبل …. و…و…ولا تقبل المركزية الإدارية  و الحكم المركزي) أن لا تقبل الإدارة الذاتية (المركزية الإدارية) هذا طبيعي لأن  المركزية الإدارية تتناقض مع جوهر الإدارة الذاتية وتنفيها، أما عدم قبول الحكم المركزي فهو نسف للإدارة الذاتية التي تقوم فكرتها على وجود حكم مركزي له دستور أساسي تستمد الإدارة الذاتية شرعيتها منه، وينص الدستور على صلاحيات الإدارة الذاتية، ليحتفظ للمركز بالصلاحيات الأساسية أما عدم القبول بالحكم المركزي يعني عملياً نفي الإدارة المركزية وتحويلها إلى حكم مركزي.
 ولا بد لنا من الإشارة إلى أن صلاحيات الإدارة الذاتية تحدد استنادا إلى تشريعات السلطات المركزية وبقرارات منها، أي أن شرعية الإدارة الذاتية تنبثق من الدستور المركزي الذي يحدد طبيعة الإدارة الذاتية وحدود صلاحياتها، وبدونه لا يكون لها أي وجود قانوني.  
 عموماً إن أياً مما تقدم أعلاه لا ينطوي على موقفٍ متخوف من مشروع الإدارة الذاتية ولا معارض له، لكنها محاولة قراءةٍ قد تنفع للتنبيه إلى أن تبني الإدارة الذاتية كخيار وطني دائم يفترض بناءها على أسس صحيحة ومتوازنة وراسخة لكي لا تكون سبباً في الإضرار بالمصالح الوطنية الفردية والجماعية.

لأن الشعب السوري بعدَ ما عاناه طويلاً في ظل الأنظمة الشمولية المتعاقبة على حكم البلد، ولا تزال معاناته مستمرة الآن في ظل العسف والحرب والدمار يستحقُ الحياة في ظل نظامٍ  يختارهُ بوعي حقيقي وإدراك كامل لطبيعته واستشراف إيجابياته وسلبياته.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…