قبل أيام استنكرت على صفحات الفيسبوك عمل أشايس الـ ب ي د في عفرين بإعتقالهم لعدد من الفتيات القاصرات من داخل صفوفهم بالمدرسة، بسبب إحيائهم ذكرى مجزرة حلبجة دون ترخيص مسبق، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم، وارفقت الإحتجاج برابط من باسنيوز عن هذا الخبر. ردَّ البعض بشكل بالغ العصبية والتوتر حتى اتهم البعض تلك الفتيات بتعاطي حبوب مخدرة، والبعض راح يصب جام غضبه على حكومة إقليم كردستان، وكيف سمحت لمريام فارس بإحياء حفلتها في يوم ذكرى حلبجة، وكأن حكومة الإقليم صار عملها تنظيم حفلات غنائية، وذهب بعضهم يتهمني بإشاعة أخبار كاذبة دون أن يسمح له تعصبه فتح الرابط وقراءة الخبر لمعرفة الحقيقة.
يتعرض كرد سوريا اليوم لهجمات شرسة من قبل دولة داعش التي تحاول تأليب العرب على الكرد للقيام بهجوم كاسح على الكرد حسب زعمها، بالمقابل مازال ال ب ي د وبعض الاحزاب الكردية الأخرى يزدادون بعدا عن أي إتفاق يوحد كرد سوريا في مواجهة الغزو الإسلامي الإستعماري بشكله الجديد القديم.
إذا لم يتحد كرد سوريا اليوم في مواجهة الخطر المحدق في هذا الغزو الهمجي، فليس ثمة أمل في أن يتّحدوا في أي يوم آخر. إن أيّة كارثة تلحق بالكرد في إقليم كردستان سوريا سَيُحمِّل التاريخ الجالسين في جبال قنديل وقيادة حزب الإتحاد الديمقراطي، المسؤولية عنها، لأنهم يرفضون أي تعاون جاد بين الكرد. إذ يبدو أن ليس لديهم بالأساس أية قابلية لقبول من يختلف معهم. لأنهم كما يبدو لي من جنس المتعصبين لأفكارهم، وفي هذا لا يختلفون عن داعش (ولعدم إساءة التأويل أوأكد أن التشبيه فقط من حيث التعصب للدين أو للإيديولوجية) ويعتقدون بأنهم الأولى والأجدر بقيادة الشعب الكردي في كردستان كلها.
مع مثل هذا التصلب والتعصب يستحيل التوصل إلى أي إتفاق، وخاصة إذا كانت هناك أيادي خفية ربما تتحكم بخيوط اللعبة، تمتد من إدارة فروع الامن السيئة الصيت في سوريا، إلى طهران، التي تقوم بإعدام شباب كرد بين حين وآخر، مرورا طبعا بجبال قنديل.
مالذي يجمع هذه الجهات الثلاث؟ ربما بعض المصالح التي لا أدري بها، لكني أعتقد بأن ما يجمع هذه الجهات الثلاث بشكل رئيسي هو سحر المذهب الديني.
لا داعي للإستغراب، ففي أوقات الجدّ تستعيد المكونات الاسطورية الدينية والمذهبية والطائفية سحرها وتوهجها، كالمارد القابع في فانوسه السحري.
أحد مؤشرات أو ثمار هذا التعاون المذهبي حسب أستنتاجي، هو إعلان الإدارة الذاتية من قبل ال ب ي د، دون أدنى إشارة الى البعد القومي، فكردستان الغربية تحولت الى (روج آفا) أي إلى مجرد مصطلح (غرب). وفي سائر الوثائق أو ما نشر من قبل هذه الإدارة لا يوجد أي مصطلح يدل على البعد القومي الخاص بالكرد. ويبدو أن هذا جاء بناء على طلب الفروع الأمنية السورية.
هل هذه خدعة إيرانية سورية لدفع ال ب ي د إلى الوقوف جانب النظام السوري؟ أوعلى الأقل تحييد الكرد من الصراع الدائر ضد الأسد إلى صراع آخر في سورية ربما أخطر؟ أو ربما الغاية من ذلك هي إستفزاز تركيا أردوغان أو كل دلك معاً ربما؟.
الكثير من أعضاء ال ب ي د وقيادته، والحق يقال ليس لديهم أدنى علم أو علاقة بهذه اللعبة، التي تنحصر على بضع أشخاص حسب إعتقادي يمسكون بخيوط اللعبة من وراء حجاب، وانطلت على هؤلاء القياديين والأعضاء الحيلة التي حيكت خيوطها في طهران، وصاروا يعتقدون بأن لهم إدارة ذاتية حقاً، وقريبا حين يكتشفون أنهم كانوا ضحايا لعبة مذهبية ملعونة، ستتدحرج رؤوسهم بشكل إغتيالات أو إستقالات طوعية، إن إعترض أحدهم أو رفع إصبعاً صغيراً للإحتجاج أو حتى للسؤال.
أنا هنا لا اريد أن أبدو كما لو أني مغرم بالأحزاب الكردية الأخرى وقياداتها، بالعكس أنا لا أبرؤهم واحملهم المسؤولية أيضا،على تفرقهم المذري، وأعلم بأنهم ينتظرون بفارغ الصبر أن يحصلوا على المناصب والحقوق الكردية على طبق جاهز، كما تأتيهم الأطباق الجاهزة في فنادق أربيل، كما كانوا يحلمون دائما (بدون تعميم).
ويبدوا أن أحد أسباب تأسيسهم لأحزاب كثيرة جدا، ربما هو الظّن بأن المغانم والمناصب ستوزع عليهم وعلى أحزابهم، التي كانت معظمها حتى الأمس تحت رعاية فروع الامن السورية السيئة الصيت.
وأعتقد أخيراً، بأنّ مَنْ منع إنشاء قوة عسكرية كردية موحدة بقيادة مشتركة، قد إرتكب خطأً فادحاً جداً، فمن جهة منع إنشاء قوة كردية كبيرة مؤثرة فعلا تحسب لها حساب، إحتمال أن تنال استحسانا وإعترافاً دوليا بها، كان وارداً جداً، ومن جهة أخرى أراح قيادات الأحزاب الكردية بإعفائهم من مسؤولية المشاركة في صد عدوان الدواعش المستكلبين على إحتلال الأرض الكردية (التي تحولت بموجب الإدارة الذاتية الديمقراطية إلى أرض أممية لا كردية) مرة أخرى.
زاغروس آمدي
فيينا 23.03.2014
رابط مدونتي:
http://zagrosamedie.blogspot.co.at /