جيل كامل من الاطفال محروم من التعليم

  جلال مرعي

الطفولة عالم من المجاهيل المعقدة أكثر تعقيداً من عالم البحار أو عالم الفضاء الواسع الذي كلما خاضه الباحثون، كلما وجدوا فيه كنوزاً وحقائق علمية جديدة . ما تزال مخفية عنهم، لاتساع افاق هذا العالم من جهة ، ومن جهة أخرى لحاجته للتكامل والتعاون و اكتشاف هذه المجاهيل الهامة والتي قد تكون أحد أسباب النهضة لدى الشعوب المنسية مأساة أكثر من ثلاث سنوات من الصراع في سوريا طوق على رقاب الاطفال و الطلاب على وجه الخصوص لوقوعهم بين فكيُ هجرة و نزوح أهلهم الى المخيمات لتأمين لقمه العيش لأفراد الاسرة و التضحية بمراحل تعليم أبنائهم و بين العمل بمهن خطيرة تتنافى مع المواثيق الدولية
من جهة أخرى أكثر من 100ألف طفل محروم من التعليم في مخيمات أقليم كردستان و ما يترتب عليهم من مشاكل نفسية عميقة و بالتالي تكوين شخصيتهم المتفسخة و الهزيلة ناهيك عن الطلاب الجامعيين الذين أرغموا على ترك الجامعات السورية و التجأوا الى الاقليم بقصد العمل حيث بلغ عددهم مؤخراً الى اكثر من 750 الف طالب جامعي بالرغم من اعتبار التعليم من اوليات اللاجئين فقد صرحت أحد الامهات قائلةً ” التعليم بالنسبة لأبنائي أهم من أي شيء أخر”
حال الاطفال في غربي كردستان ليس بأحسن من أحوال اللاجئين في مخيمات الأقليم فأغلبهم تركوا الدراسة و لجأوا الى العمل لدى الجهات الخاصة للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية و عدم قدرة المواطنين على تسيير امورهم المعيشية
 – والد الطفل محمد عيد علو يعاني من “فتق نواة” أجبرته الظروف القاسية إلى أن يعمل بإبنه البالغ 14 عاماً بإحدى ورشات الحدادة في ديرك لتأمين بعض المستلزمات الضرورية للحياة اليومية لأفراد أسرته ضارباً بعرض الحائط حقوق طفله في التعليم .
كثيرة من الحالات شاعت مؤخراً في المجتمع الكردي دون أي ضوابط أو جهات داعمة للعائلات المنكوبة ومنع الاطفال من العمل في مهن تؤثر على مراحل نموهم ناهيك عن سرد من الأسباب الأخرى التى تحول دون اتمام الطلاب مراحل تعليمهم نتيجة الصراع الدائر بين القوة المتصارعة في الداخل السوري و ما يرافقه من اعتقالات عشوائية و خطف للطلاب و القصف التي تطال المناطق القريبة من الجامعات و سيطرة الجماعات المسلحة على طول الطرق المؤدية الى باقي المحافظات
 – الطالبة هيلين محمد نوري سنة رابعة كلية الطب البشري جامعة دير الزور تقول: القصف التي طالت مؤخرا الحرم الجامعي و خطف بعض زميلاتنا وجود الكتائب المتطرفة بكثرة في دير الزور كان السبب في أجباري على التغييب عن دوامي و عن الامتحانات النصفية للعام الدراسي و خصوصا بعد خطف الزميلة “حسنه محمد من ديرك ” أمام الكلية و مطالبة أهلها بدفع الفدية مقابل الافراج عنها و لهذا التجأت الى هولير و اعمل في مشاغل الخياطة لمساعدة اهلي في روج آفا
كل هذا جزء يسير من الاسباب التي أدت الى استسلام الطلاب لليأس الذي يقودهم الى المهاوي السحيقة من البؤس و الحرمان و تهديد مجتمع كامل عبر جيل ناشئ الأمر الذي طالب فيه العديد من النشطاء و الحقوقيين المنظمات الدولية بلعب دور أكثر فعالية و تقديم أفضل النظم و الكوادر المتعلمة لتغطية المخيمات بشكل كامل
 و في السياق ذاته مجموعة من الطلاب الجامعيين المقيمين في اربيل بينوا عدم ارتياحهم من العمل في المهن الحرة و طالبوا المعنين بتسيير أمورهم و قبولهم في الجامعات الحكومية و معاملتهم بالمثل كما هم طلاب الاقليم و يتساءل الكثيرون عن غياب دور المجالس الكردية و المنظمات التي شكلها الكرد في المهجر عن دعم و مساندة العوائل المحتاجة في غربي كردستان و منع الاطفال من العمل و العودة بهم الى المدارس فحينما يستحكم الجهل في مجتمع ما , تنحسر المواهب و تموت كل قدرة مبدعة فكم من أطفال موهبين ذو عقول نيرة فقدوا امكانية البحث لانصراف المجتمع عن مساعدتهم وكم من طفل نابغ حال بينهم وبين اتمام تعليمهم حائل من فقر مدقع

 أطفال الوطن فرحة اليوم وأمل الغد وبناة المستقبل التعليم أحد أهم تحصيناتهم من أجلهم ومن أجل الوطن ولنبتعد عنا شبح الجهل البغيض عدو الشعوب و ماحق كرامتها و عزتها و المقوض لسلامتها و أمنها ولأننا بالعلم نصل الى ما نريد من خير و سعادة وسلام و أمن للجميع

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…