جاء تأسيس اتحاد الكتاب الكرد -سوريا من خلفيات، على الغالب، لا لخدمة القضية، ولكنه وُشح بالقضية كأي شق في الصف الكردي، وما أكثره، كي لا تشكل رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في المستقبل حجر عثرة أمام مآرب الدول الإقليمية، وكذلك كي لا تكون خارجة عن السيطرة الكردستانية.
لم يشأ جري هذا الانطباع على كل الكرد هناك، بل وجدت نخبة من الفئة المثقفة أن خللا في الأمر، وليس عليها تبني هذا الانطباع. وحاولت بما لديها من طاقة في دفعه عن نفسها، من خلال رابطة ضمت رتلا من الكتاب والصحفيين الكرد. وما ساعدها في الاحتفاظ بنفسها صحيحة، نوعا ما، هو تواجد بعض من نخبتها خارج نفوذ الدول الإقليمية وأيضا خارج مدى الإقليم والقنديل. وكذلك حافظت على قوامها باحتوائها أفرادا على قدر عال من الثقافة والثقة بالنفس ودراية الأمور، ويمكن إضافة عوامل أخرى إلى هذا وفي مقدمتها تفوقهم على القوى الكردستانية بخلفيتهم العلمية والذهنية من جهة، ومن جهة أخرى عدم تلوثهم في سخام الولاء لمقتسمي كردستان. هذا التفوق أرسى الطمأنينة لديهم رغم العثرات.
وما يخاف عليه هو إلى متى ستظل هذه النخبة صامدة، وبشكل خاص حرمانهم من وسائل المساندة المادية. تحديدا معاناة من هم في الداخل من شح تلك المساندة، مع تزايد ضغط الحرب الأهلية عليهم، تدفع بهم هذه العوامل إلى الالتجاء للانشطار الأميبي. مع كل هذا، ونحن في العام العاشر من تأسيسها، وهي لا زالت صامدة في وجه التقلبات والإغواءات. ويضاف إلى هذا تحريك القوى الكردستانية لدُماها من وراء الستار. وما يوحى لنا من هذه التحريكات، أن تلك القوى الخفية لا زالت في أجواء الحرب الباردة تحريكا لبيادقها. وما يثير العجب أنها لا تخجل من تصرفاتها الصبيانية تجاه هذه الرابطة، والتي إن لم تكن ضمن نفوذها، فهي تابعة لها قضية، شاءت الرابطة أم أبت.
إذا كانت النفوس ضعيفة حملت على أكتافها أحلاما لا تتجاوز أحلام العصافير، مهما كبر أو تضخم. ما يفصح عن هذه التصرفات هو أن تلك القوى الكردستانية تقع في درجات متدنية من حيث التحليل والتركيب أمام نخبة الرابطة، لذا تحاول بشق النفس في جر هؤلاء إلى ما دون مستواها. وهذه سنة طبيعية تلازم المجتمع البشري منذ وجوده وإلى يومنا هذا.
ربما يظن قارئ هذه الأسطر أنني رفعت من شأن القيمين على الرابطة إلى درجة الكمال، حتى لا يُظن بي ذلك الظن، فلهؤلاء لهم معايبهم ونواقصهم، ولكنها لا تتدنى إلى ما هو عليه القوى الكردستانية.
ربما يدفعني الشعور إلى التطرق عن هذه النخبة وما تعانيه في المستقبل. في الواقع هي بحاجة إلى المزيد من البحث في جوانبها وتبيان ثغراتها، ربما تكون لمصلحتها، وفي خدمة ديمومتها وصمودها في مواجهة القبضة الخماسية.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأميركية
mamokurda@gmail.com