افتتاحية صوت الأكراد *
اعتذر الأخضر الإبراهيمي الموفد العربي والأممي للشعب السوري عن عدم إحراز أية نتائج مرجوة من مؤتمر جنيف2, وانتهت المفاوضات دون تحديد موعد قادم لانطلاقها , وبذلك خاب إلى حد ما آمال السوريين ، بعد أن كان الجميع متفائلاً بأن انطلاق المفاوضات يعني بشـكل من الأشـكال البدء في العد التنازلي لانتهاء هذه المأسـاة الكارثية ، التي حلـت بهم وأرهقت الجميع دونما اسـتثناء , وحولت الوطن إلى أنقاض وطن .
إن الأسـباب المؤدية إلى الفشـل في تحقيق أي تقدم في المفاوضات والتوصل إلى نتائج لحل الأزمة السورية تكمن في عدة عوامل سنحاول قدر الإمكان اختصارها كما يلي :
إن الذهاب إلى جنيف كان يتطلب من الجميع التحلي بروح عال من المسؤولية الإنسانية لإيقاف حمام الدم في سـوريا , هذا أولاً ولكن للأسف كان ذلك شيئاً هامشياً , كما كان ينبغي تغليب إرادة الحل على إرادة المكاسـب, وهذا ما لم يحدث , كل طرف ذهب ليملي شروطه على الآخر مستندين على دعم حلفائهم ..
كما أن النظام ذهب إلى جنيف2 بعد محاولاته المضنية لكسب المزيد من الأرض عقب معارك دامية وضع فيها كل قواه من أجل فرض شروطه من منطلق القوة , ولذلك كان حديثه بمنطق القوة والعنجهية .
أما الائتلاف فهو أيضاً يتحمل الوزر , فقد كان أدائه خجولاً , نتيجة عدم إعداده لوفد متماسك قوي وشامل , فكما نعلم تمسك الائتلاف بأن يكون الممثل الوحيد للمعارضة , وهذه النقطة أضعفته أكثر , حيث أن هذه النقطة لم يجعله ممثلاً لكل المعارضة كلها, وفي ذلك ضعف كبير لوفده, كما أن النزاعات والخلافات الداخلية أرهقت كاهل الائتلاف بعد الانسحابات التي حصلت فيه , وعلى رأسهم المجلس الوطني السوري الذي قاطع المؤتمر, كما أن تعامل الائتلاف مع القضية الكردية وعدم إدراجه للقضية الكردية في وثيقة الائتلاف كما كان متفقاً عليه , أساء كثيراً لمصداقية الوفد , وخلق حالة من التشنج لدى الوفد الكردي ” والذي بدوره كان أداؤه ضعيفاً نظراً للتصرفات اللامقبولة من بعض أعضاء الوفد “.
كما أن تشتت القوى المعارضة المقاتلة على الأرض وظهور الخلافات , والصدام بينها وبين المقاتلين المتطرفين دفع بالكثير إلى التريث في اتخاذ أي قرار داعم للمعارضة بالشكل المطلوب .
وأخيراً, والسبب الأقوى هو عدم وجود إرادة دولية حقيقية وخاصةً لدى الدول العظمى في حل الأزمة السورية بل على العكس ما يتضح يوماً بعد يوم هو أن الأزمة السورية تحولت إلى نزاع دولي وإقليمي على كسب أكبر قدر من المصالح والمزايا , فكيف لأمريكا أن تجبر النظام على تسليم مخزونه الاستراتيجي من الأسلحة الكيماوية في غضون أيام وتفشل خلال ثلاث سنوات في حقن الدم السوري …
كل ما نخشاه هو أن تكون هناك إرادة دولية وتلاقي مصالحها في أن تتحول سوريا إلى حالة شبيهة بالصومال…
فالجميع مدعوون هنا إلى إعادة النظر في سياساتهم وعلاقاتهم لجعل المصلحة العليا للسوريين فوق أية اعتبارات أخرى, وصولاً إلى بلدٍ ديمقراطي برلماني تعددي ليكون رمزاً للتعايش السلمي بين جميع مكوناته الوطنية والقومية والدينية .
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) / العدد (469)