مركز القاهرة للدراسات يُحيّي الشعب الكوردي بذكرى إنتفاضة 12 آذار 2004

يصادف يوم 12 آذار ذكرى الانتفاضة الكردية في غربي كردستان (كردستان سوريا) في 12 آذار 2004، حيث انتفض الكرد في مثل هذا اليوم في وجه القمع والصهر القومي الذي كان يواجهه منذ عشرات السنين ومن الحكومات المتعاقبة في سوريا. كانت هذه الانتفاضة بمثابة الشرارة الأولى للانتفاضات الوطنية المدنية في المنطقة، لكونها طالبت ومنذ بدايتها بحلول وطنية ديمقراطية مدنية، وواجهت كافة الأجهزة والرموز القمعية في البلاد، وبوجود النظام بكامل أجهزته الأمنية والعسكرية.
إنّ انتفاضة 12 آذار التي انطلقت شرارتها من مدينة قامشلو (القامشلي) الكردية ما لبث أن عمّت كافة المناطق والمدن الكردية والمدن الرئيسية في سوريا، فواجه الكرد وحدهم أجهزة القمع السورية، وطالبوا بالحقوق القومية والوطنية ودمقرطة البلاد والخلاص من الدكتاتورية، وواجه النظام المظاهرات التي عمت البلاد بقمع لا مثيل له، حيث قتل الأطفال والشباب والنساء وأعتقل الآلاف، حتى وصل الأمر إلى إعدامات ميدانية وسط صمت وطني وإقليمي ودولي، حيث توجه النظام إلى سياسة إفراغ الانتفاضة من مضمونها الوطني، واتهم المنتفضين الذين وصلت أعدادهم إلى مئات الآلاف بالخارجين عن القانون، وربط الانتفاضة بمشروع خارجي لكسب الدعم الوطني في قمع المظاهرات التي امتدت لشهور.
فالانتفاضة جاءت رداً على الظلم الطويل الذي عاناه المجتمع الكردي، الذي تمثل بمنع كل ما يدل على كرديته والعيش بكرامة على أرضه، بالإضافة إلى قوانين مصادرة الحريات العامة في البلاد، فكان للمجتمع الكردي النصيب الأكبر من القمع لوقوعه تحت قوانين الظلم المزدوج، وما لبثت أن تحولت الانتفاضة إلى حراك جماهيري،  ليمتد حتى بدايات الثورة السورية والإنخراط الكردي القوي وبألوانه في الثورة، للمطالبة بحقوقه وحقوق المكونات الأخرى ضمن الوطن السوري الواحد. ولكن تحوُّل الثورة إلى صراع مسلّح ودخول القوى الأجنبية والغريبة، بث الفرقة وثني الثورة عن أهدافها، دفع بالكرد إلى حماية مناطقهم وإعلان إدارتهم الذاتية ضمن مناطقهم، والوقوف في وجه الهجمات الشرسة، وكان آخرها يوم 11 آذار 2014 في قامشلو، والتي كانت بمثابة رسالة إلى الكرد بأن يكفوا عن دمقرطة المجتمع حتى لا يكونوا نموذجاً سورياً يُحتذى به.
من هنا فإننا في مركز القاهرة للدراسات الكردية، نستذكر هذه الانتفاضة الكردية في سوريا، ونعتبرها من أولى الانتفاضات الوطنية الديمقراطية والتي مهّدت للربيع السوري، وفي نفس الوقت ندعو كافة القوى الديمقراطية لدعم حقوق هذا المكون الذي عانى الويلات في ظل الحكومات المتعاقبة، من إنكار للوجود وصهر قومي وسحب الجنسيات من عشرات الآلاف، ليتمتع بعيش كريم ضمن المكونات السورية الأخرى وأن تُحتَرَم إرادته في إدارة مناطقه، وأيضا ندعو كافة شعوب المنطقة للتكاتف في مواجهة القوى الغريبة عن مجتمعاتنا والتي تستهدف التأسيس للعداوات بين شعوب ومجتمعات المنطقة برمّتها.
وفي النهاية نتوجه إلى القوى والأحزاب الكردية والكردستانية إلى التكاتف لحماية المكتسبات في غربي كردستان والتي ضحّى الكرد من أجلها حتى الآن بالمئات من خيرة الشباب والشابات لحماية مناطقهم من السلطة القمعية والقوى الإرهابية التي تستهدف الوجود الكردي في مناطقهم وتقليص دورهم على الصعيد الوطني والإقليمي.
مركز القاهرة للدراسات الكردية
القاهرة في 12-03-2014

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…