حبل الكذب.. طويل

  أحمد محمد

خلال ثلاث سنوات من الحرب الدائرة في سورية, توازى لدى النظام الحاكم في سورية خطان بديهيان, واضحان للقاصي والداني, في الممارسة اليومية على الصعيد السياسي والإعلامي والميداني, هما خط صناعة الموت من جهة وخط الكذب وترويجه من جهة أخرى, باختلاق المزيد من القصص والحكايا والروايات التي فاق فيها على كل مدارس الدعاية من قبل, هذه الروايات كانت تطبخ وتجهز في مطبخ الإعلام السوري الرسمي ومطابخ المحللين السياسيين التابعين له كل يوم.
فالقصص والخرافات التي لم تعد تنطلي على المواطن السوري الطبيعي, وهنا استثني الشبيح والموالي لهكذا نظام فحكماً هؤلاء الموالون لنظام فاق في إجرامه كل خيالات السينما العنيفة, أجزم أنهم أشخاص غير أسوياء وغير طبيعيين.
فوعود رئيس النظام منذ البداية كانت دائماً هي نفسها مطالب الشعب السوري في الإصلاح ونيل الحرية والكرامة, لكنها هيهات تُنفذ من قبل نظامٍ اعتاد الكذب والمراوغة والالتفاف على الحقيقة والواقع, فكان يكذب ومازال إلى الآن, فهو ليس مضطراً أن يصدق في شيء طالما هناك من في الداخل والخارج يصدق كذبه ونفاقه .
فقد بقي من طرفٍ يقمع ويقتل ويفتكُ ويجوع ويدمر المدن والأرياف والحارات والمباني بأقذر الأسلحة الثقيلة وأساليب القتل والترويع الأخرى, ومن طرفٍ آخر يكذب على الشعب السوري والمجتمع الدولي, فكل من ليس معه هو ضده ومتآمر عليه من أحلاف ودول ومنظمات وأحزاب وشخصيات, فلم يبقِ على أحدٍ إلا واتهمه بالتآمر لمجرد أنه وقف إلى جانب حقوق الشعب السوري في الحياة والحرية.
فهذا النظام الذي ادَّعى حماية الأقليات تمترس منذ البداية وراء أقلية دينية وظل يقتل باسمها المدنيين من الطوائف الأخرى .
وقائمة الأكاذيب هنا تطول وتطول, فخروج المظاهرات ضده كانت فرحاً بهطول المطر وشكراً للرب على نعمة المطر, والطفل حمزة الخطيب قتل تحت التعذيب لأنه قام باغتصاب نساء الضباط في حين لم يكن يتجاوز الثالثة عشر من العمر, وحزب الله لا وجود له في سورية إلا لحماية الحدود السورية اللبنانية رغم اعتراف زعيم الحزب نفسه واقراره بهذا التدخل, وكل المدن والأبنية التي تهدم فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين إنما هي أوكار للإرهابيين والجماعات المسلحة ولا يوجد ضحايا من المدنيين نهائياً سوى بعض الإرهابيين والمرتزقة والمتسللين غير الشرعيين إلى الأراضي السورية, رغم كل التقارير الإخبارية اليومية التي تشير إلى فظائع النظام بحق الأطفال والنساء الذين يقضون تحت الأنقاض نتيجة القصف الثقيل. وكل النازحين السوريين الذين تبلغ أعدادهم الآن مئات الآلاف داخل وخارج الأراضي السورية إنما هم في زيارات عائلية مستمرة, فالنظام شديد الحذر والاهتمام بتمتين أواصر القربى بين أبناء الشعب السوري.
أما آخر هذه الأكاذيب وعوده أمام المجتمع الدولي بفتح ممرات آمنة لإجلاء السكان المدنيين وايصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة, إلا أن التقارير الإخبارية الواردة تشير إلى أن هذه المناطق ما زالت تعاني من الحصار الخانق. ومن طرف آخر بعد ورود أخبار عن استيلاء مجموعة من الكتائب الاسلامية على سجن حلب المركزي وتحرير المئات من المعتقلين والسجناء من الرجال والنساء, سرت شائعة بأن الحكومة السورية أصدرت مرسوماً يقضي بإخلاء سبيل جميع معتقلي سجن حلب المركزي, يا للطرافة.
فالنظام السوري الذي اعتمد قاعدة الغاية تبرر الوسيلة من جهة, مستعد لارتكاب أغلظ وأبشع الموبقات بحق السوريين في سبيل الحفاظ على كرسي الحكم ,ومن جهة أخرى خرق بجدارة الحكمة التي تقول أن حبل الكذب قصير , فقد أثبت للعالم أجمع بأنه حبل طويل وطويل جداً…
ألمانيا

7/2/2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…