بيان للرأي العام من الحزب اليساري الكردي في سوريا

كان للحزب اليساري الكردي في سوريا قصب السبق في الدعوة إلى بناء التحالفات والجبهات الكردية، فهو أول من طرح مشروع الجبهة الوطنية الكردية في مؤتمره الثالث عام 1973م، وطرح في عام 1993م مشروع الهيئة التمثيلية للشعب الكردي في سوريا، وساهم بفعالية في بناء المجلس الوطني الكردي في سوريا، وعمل على الدوام من أجل حمايته وتطويره، ووحدة الصف الكردي وحماية المناطق الكردية، وتحسين علاقات المجلس الوطني مع مجلس الشعب لغربي كردستان، وبخاصة في ظروف الثورة السورية التي يعتبر حزبنا نفسه جزءاً منها، ويخوضها بنكهتها الكردية ولونها الكردي من أجل إنهاء الاستبداد والإتيان بالبديل الديمقراطي “.
لقد كان بناء المجلس الوطني الكردي في سوريا في 26/10/2011م إنجازاً تاريخياً مهماً للشعب الكردي، غير أنه وللأسف الشديد، وبعد مدة ليست بالطويلة من عمر المجلس بدأت العديد من المظاهر السلبية ترفع رأسها في صفوف المجلس، قادتها بعض الأحزاب التي بدأت بأعمال التكتل، ومحاولات الهيمنة على قرارات المجلس، وتسخيره لأهداف حزبية محضة، والإساءة إلى وحدة الصف الكردي، وعلى هذا الأساس، وبهذه الطريقة قاد هؤلاء المجلس يوماً بعد آخر إلى الضعف، وفقدان الفعالية، وفي مرحلة لاحقة إلى العجز.
كانت جماهير شعبنا تراقب هذه الحالة عن كثب، وكان النشطاء والمثقفون يوجهون سيلاً من الانتقادات يومياً إلى أداء المجلس البطيء ومواقفه ودوره الذي يضعف دون مبرر، ومع كل جهود القوى الخيرة في المجلس استمرت الحالة، واستمرت تلك القوى في سياساتها ومواقفها السلبية، وإذا كانت اتفاقية هولير بتاريخ 11/7/2012م وإضافاتها بتاريخ 23/11/2012م قد وفرت فرصة كبيرة لتجاوز تلك الحالة، فقد استمرت تلك القوى بممارسة سياساتها وخنقت الاتفاقية التي لم تكن تؤمن بها عن سابق إصرار.
وفي مرحلة لاحقة استطاعت تلك القوى عبر كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة أن تسوق المجلس الوطني إلى أحضان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة على أساس اتفاقية لا تعترف للشعب الكردي بأكثر من الحقوق الثقافية والإدارة المحلية على غرار الإدارة المحلية السابقة في سوريا، وبذلك وجهت ضربة قوية إلى حضور الكرد في مؤتمر جنيف2 ككتلة كردية معارضة مستقلة وعرض القضية القومية للشعب الكردي على طاولة المفاوضات، وألحقت بالكرد خسارة كبيرة حددناها في تحفظنا على قرار الدخول في الائتلاف وهي:
1- إن النقاط ومحتواها المتفق عليها تطمس جوهر الحقوق القومية الكردية، ولا تنسجم مع قرارات وتوجهات المجلس الوطني الكردي، ولا سيّما الورقة التفاوضية مع الائتلاف، ولا تؤكد على الاعتراف الدستوري بالوجود القومي للشعب الكردي في سوريا، وتتجاهل هذا الوجود وحل قضيته القومية وفق العهود المواثيق الدولية.
2- ما تمّ الاتفاق عليه من قبل المجلس الوطني الكردي من جانب واحد يعتبر تجاوزاً لما اتفق عليه من قبل الهيئة الكردية العليا واتفاقية هولير، ونسفاً للمشروع القومي الكردي الموحّد.
3- إن هذا الاتفاق مع تيار واحد من المعارضة السورية مع أهميته ودوره يعتبر تخندقاً يعرّض أمن المناطق الكردية لمخاطر كان من الممكن تجنبها ودرء تدخل المجاميع المسلحة التي تهدد أمن وسلامة مناطقنا.
وخلال هذه الفترة لم يتوقف حزبنا عن انتقاد هذه السياسات، وقف في وجهها علناً في كل اجتماعات المجلس الوطني وأمانته العامة، واجه أحياناً بمفرده وفي أحيان أخرى مع بعض القوى والشخصيات المستقلة، وإذا كنا قد استطعنا إفشال بعض هذه المخططات أحياناً، إلا أن تلك القوى استمرت في محاولاتها الدؤوبة، مما افقد الكثير من احترام المجلس الوطني في الشارع الكردي وأضعفه كثيراً.
لقد طرح المجلس الوطني رؤيته في ضرورة تشكيل هيئة وطنية تضم ممثلين عن كل مكونات الجزيرة في أواسط عام 2012م، ولكن تلك القوى حولت هذا الطرح إلى مجلس هزيل للسلم الأهلي، ولم يتركوا أن يأخذ هذا المشروع مداه، واتخذ المجلس قراراً آخر بتاريخ 14/3/2013م يقضي ببناء إدارة ديمقراطية بالتعاون مع مجلس شعب غرب كردستان والمكونات الأخرى، غير أن القوى المذكورة لم تترك هذا المشروع يرى النور أيضاً، وفي الاجتماع الذي تلاه أكد الاجتماع من جديد على القرار المذكور وكان له أيضاً نصيب القرارين السابقين. وعندما طرح PYD مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية أرغمت القوى السلبية والمتكتلة في المجلس على الرضوخ، وتمّ تشكيل وفد حاور PYD وكان نتيجة ذلك التوصل إلى مسودة مشروع الإدارة المرحلية الانتقالية للمناطق الكردية والمشتركة، ومع ذلك قاطع البعض الاجتماعات بحجة أنه إذا لم نستطع أن نسير معاً في الهيئة الكردية العليا فكيف سنسير معاً في بناء هذه الإدارة؟ وهكذا فإن تلك القوى حملت المجلس الوطني المسؤولية الرئيسية عن الابتعاد عن تشكيل الإدارة، وأما حزبنا، الحزب اليساري الكردي في سوريا فقد استمر في حضور الاجتماعات إلى أن تمّ تشكيل المجلس التشريعي المؤقت، وتم إنجاز كافة وثائق الإدارة بما في ذلك ميثاق العقد الاجتماعي والنظام الانتخابي وهيكلية المجلس وتمّ أيضاً تشكيل المجلس التنفيذي المؤقت ومجلس القضاء وبالتالي بناء كل أجهزة الإدارة.
إننا في الحزب اليساري الكردي في سوريا الذي يعتبر نفسه صاحب أول مشروع للهيئة التمثيلية للشعب الكردي في سوريا، ومساهماً في كل مشاريع وحدة الصف الكردي نرى أن الظروف الحالية التي تمّ بناؤها تلبي شروط الاستفادة من هذه الفرصة على أكمل وجه من أجل انتزاع الحقوق القومية العادلة لشعبنا بالرغم من ملاحظاتنا الخاصة حول أساليب سير الإدارة وتشكيلها.
وإذا كان حزبنا يتمنى لو أن المجلس الوطني الكردي، وبخاصة القوى الإيجابية فيه من أحزاب ومستقلين قد وجدت لنفسها مكاناً في هذه الإدارة، فإننا وإيماناً منا بالمصلحة العليا لشعبنا الكردي نعلن لجماهير شعبنا أننا سنستمر في الإدارة الذاتية الديمقراطية بكل قوة وحزم ودون تردد، ونعلن انسحابنا من المجلس الوطني الكردي في سوريا.

المكتب الاعلامي للحزب اليساري الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…