سقوط السياسة الكردية

بقلم عبدو خليل

توقع العديد من المراقبين لمجريات الاحداث في الساحة السورية ان يكون للأكراد دور محوري ومهم ، وراهن البعض على انهم اي الاكراد هم بيضة القبان في اية معادلة سورية ، تماما كما كان اشقاءهم في كردستان العراق ، ومرد هذا الاسقاط هو انهم اكثر تنظيما واشتغالا بالشأن السياسي والعام ، رغم قسوة النظام القمعي الذي حرم الشعب السوري برمته من المشاركة في الحياة السياسية في مزرعته الامنية .

الى ان حدث ما فاق التوقعات ، و فاجئ حتى اشد المتشائمين بالواقع الكردي ، حيث لم يتوقع احد ان تؤول اليه الحالة الكردية لتصل الى هذا السقوط المهول للسياسة الكردية التي فشلت بشهادة امتياز.
وبالعودة الى الوراء قليلا سنجد كيف ان المناطق الكردية تحولت بداية الامر الى حاضنة آمنة لآلاف اللاجئين السوريين ، من شتى المدن والبلدات التي عصفت بها رياح الصراع الدائر، وذلك ظنا منهم ان  الاكراد اكثر قدرة وحنكة سياسيا وحتى عسكريا على حماية مناطقهم ، خاصة بعدما ركز المجتمع الدولي بدوره على ضرورة حماية الاقليات ، وفعليا تحاشى النظام الاصطدام مع المظاهرات العارمة التي كانت تخرج من عشرات النقاط في المناطق ذات الغالبية الكردية، وحتى كتائب الجيش الحر ادركت سريعا خصوصية وخطورة الوضع الكردي وتعاملت معه بحذر شديد، بالرغم من كل التجاوزات التي كانت تحدث بين طرفي الصراع. نظاما ومعارضة فيما يخص المدنيين تحديدا. و نتذكر كلنا كيف كان المواطن الكردي يتجه من حلب الى عفرين وكوباني او القامشلي وكانت هويته القومية او ملامحه الكردية كفيلة بان يتجاوز حواجز النظام والمعارضة دون اية مضايقات.
الا ان ما حدث من تشرذم داخل الحركة الحزبية الكردية وذلك لسبب واضح وجلي وهو امتلاك احد هذه الاطراف للسلاح، حول ما تبقى من احزاب الى اسرى حرب ما عليهم سوى الدوران في فلك هذا الحرب والا فمصيرهم القتل والاعتقال والتهجير، والقصة اليوم باتت مكشوفة للجميع ولا داع للدخول فيها. هذا من جهة ومن اخرى تفككت الحركة الكردية الى شوارد موجبة وسالبة بفعل الثورة فصار من هو جزء من  منظومة النظام السياسية والامنية والاخر سال لعابه اما شعارات الثورة المطالبة بالحرية والكرامة، اما البقية الباقية وقفت حائرة تنتظر حسم الصراع ، لتقرر وجهتها التائهة. وانكسرت بيضة القبان على رؤوس الساسة الكرد وحجب ذلالها ما تبقى من رؤية لديهم ، ودخلت المناطق الكردية اتون صراع خفي لم يكن اقل من قسوة البراميل التي يلقيها النظام ، لدرجة ان مئات الالاف من ابناء الشعب الكردي فروا الى الدول المجاورة مثل تركيا وكردستان العراق. وصار الكردي اليوم مطلوبا على كل الحواجز للتأكد من هويته السياسية .
نعم سقطت السياسة الكردية عندما حولت مصير شعب يقارب تعداده الاربعة ملايين من مجمل سكان سوريا حولتهم الى فئران للتجربة في مخابر رديئة وقذرة .
—————

*النقطة الحساسة: زاوية يكتبها عبدو خليل لموقع (ولاتي مه) وتبث عبر راديو نوروز سوريا اف ام 

لمتابعة الحلقات السابقة انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…