أمين عمر
سعاد ظهراب وشقيقتها الأصغر، أنهتا البكالوريا في منتصف التسعينات بمعدلٍ وعلاماتٍ تخولهن دخول عدة فروع جامعية، أختارتا معهد المعلمين في قامشلو “صف خاص” لأسباب تتعلق بقرب المعهد، لوجوده في نفس المحافظة ، ولإلتزام المعهد بتوظيف المتخرج.
تم فصل سعاد وشقيقتها وثلاث فتيات أخريات من بنات قريتهن، ضمن دفعة مفصولين، مؤلفة من 24 شخصاً. نُشر حينها الخبر في الجريدة المركزية لحزب البارتي صوت الاكراد ” دنكي كرد” كانت تهمة سعاد وشقيقتها البرزانية وإقتطاع جزء من سوريا وضمها الى دولة مجاورة ،الشيء الإيجابي، ومن حسن حظهن وقتها، إن الأمر إنتهى بالفصل والطرد وليس السجن.
تنتمي سعاد وشقيقتها الى عائلة وطنية، برزانية، يشهد لها المجتمع الذي ترعرت فيه، وتعرفها بعض قيادات البارتي عن قرب خير المعرفة.
عند التحقيق مع والد سعاد من فروع النظام الأمنية، قال الرجل ما لم يتجرأ معظم قيادات الأحزاب الكردية قوله ، قال: لست منتسباً لحزبٍ ما، فقط ما قاله في ذاك الوقت الأمني: أنا مؤيد ومتعاطف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ، أنا برزانيٌ.
سعاد ظهراب تعيش اليوم في مزرعةٍ بمدينة هوليرمع زوجها خالد ظهراب المنتسب للحزب الديمقراطي البارتي منذ عشرات السنين، ،عند طلب زوجها من مكتب البارتي تسجيل زوجته للتدريس في إحدى المدارس التي تعلم الكرد السوريين ، كان رد المكتب يجب أن يكون الشخص متخرجٌ من معهدٍ أو جامعةٍ ما.هكذا بكل بساطة، يُمجد قرار حزب البعث في مكتب البارتي و يستشهد به، فيحكم عليها بالحرمان، دون أي وازعٍ من ضمير رغم شرح الزوج مشكلة و ظروف زوجته.
تشهد علامات الشقيقتين للشهادة الثانوية، على مستواهن العلمي الجيد، لكنهن تنازلتا عن “مستقبلهن” من أجل مبادئهن وكرديتهن وتحديداً من أجل حزب البارتي، فإذا بالبارتي وكأنه يعاقبهنَّ لأنهنًّ لم تنتميا لحزب البعث ، ولو قبلتا في ذاك الوقت الإنتساب للبعث لأنهتا دراستهن، ولكانتا الان من ضمن المعترفات من قبل البارتي كخريجات. ولا نستبعد ولا نستغرب حتى إن كانتا تملكن الشهادات المطلوبة أن تواجهن بحجج واهية ، كتأثير وأضرار التوظيف بصحة رفاق البارتي، أو حجج أخرى تتعلق بتأثير ارتفاع درجات الحرارة في القطب المتجمد الشمالي الذي يتسبب بإنقراض الدببة القطبية والذي يؤثر على أبناء ورفاق البارتي!
حال تلك المرأة وشقيقتها حال العشرات ممن قدموا التضحيات من أجل البارتي . والبارتي يتنكرلإبنائه الشرفاء كي يرضوا أخرين غيرهم.
أما الأمر الأخر المؤلم هو الكذب في تبريرعدم قبولها بحجة إن كل المقبولين هم خريجوا جامعات ومعاهد، لكن الحقيقة هي إن هناك العديد من الاسماء التي تملك توصيات و واسطات ولا يحملون سوى الشهادة الثانوية، ولا يملكون شهادات معاهد أو جامعات، هناك البعض منهم، فقط مسجلون في التعليم المفتوح ولم يتجاوزوا السنة الاولى.
يقول خالد ظهراب زوج سعاد: هكذا هو التقدير والثناء الذي يمارسه المسؤلون في البارتي بحق رفاقهم وبحق المناضلين والشرفاء ، ويضيف الجرح الذي أصابني أكبر بكثير من فصل البعث لثلاثة من بنات أعمامي معاً في يومٍ واحدٍ ، ففصل البارتي مبني على شهادة حسن سلوك من البعث، الذي منعهن من الحصول على شهادة ما، وهذا ما أعتبره هزيمة لنزاهة البارتي، لن تمحى بقبول زوجتي مديرة أو وزيرة، الجرح كبير عندما يتعلق الأمر بجرح كرامتنا والنيل من إنسانيتنا، يضيف:انا حزين جداً ليس على الوظيفة فلقد عودنا البعث على الحرمان والفصل والملاحقة في لقمة العيش ، أنا حزينٌ على وضع البارتي حيث بعثي الأمس يسرح ويمرح في الحزب، ونحن الذين، كان البارتي كل شيء بالنسبة لنا، كنا نطل من الشبابيك عشرات المرات كي تمر إجتماعاتنا الحزبية على خير، كنا نتدين إشتراكاتنا الحزبية، كي يتمكن البارتي من إصدار جريدته، اليوم أصبحنا غرباء منبوذون، ما إن نقترب من مكتبٍ “مفرزة” للحزب، يشعرونك كأنك مجرمٌ قضيت عمرك في العمالة.
تبقى مشكلة شقيقة سعاد في مخيم دوميز أكبرمن مشكلة سعاد، فهي قامت بالتدريس لسنوات عديدة وتم ايقاف قرار تثبيتها لمرتين من قبل الفروع الأمنية بسبب “الخط الأحمر” تحت أسمها. وهي عندما سمعت بقصة أختها بمكتب البارتي، لم تتنازل للذهاب الى مكتب البارتي كي ينعموا عليها بوظيفة .
حالة سعاد حالة بسيطة ومصغرة ولا تمثل إلا قشة في بيدر الفساد الإداري في البارتي.