قراءة في مسلسل اخفاقات «المعارضات» السورية

صلاح بدرالدين

  ماحصل في اجتماع – الائتلاف – الأخير عشية التحضير لمؤتمر جنيف2 بأحد فنادق استانبول وماترشح عنه من معلومات متواترة حول استقالات بلغت مايقارب نصف المجتمعين لأسباب قد تكون سياسية أو شخصية حول الزعامة أو صراعات بالنيابة عن جهات اقليمية مانحة مؤثرة وماتردد عن تدخل دبلوماسيين أجانب من ( أصدقاء ! ) الشعب السوري كوسطاء لاعادة الأمور الى نصابها بأي ثمن حتى لا تتهاوى الاتفاقية الأمريكية – الروسية ويتم احضار – الائتلاف – كطرف معارض الى المؤتمر حتى ولو كان من أجل استكمال تزيين قاعة المؤتمر أمام الصور التذكارية في جلسته الافتتاحية أعاد الى الأذهان مجددا مسألة طبيعة هذه – المعارضات – ونشأتها وجذورها الفكرية والسياسية وموقفها الفعلي من أهداف الثورة وشعاراتها بخصوص مستقبل البلاد ونظامها السياسي القادم
 واذا كنا نتناول تطورات – الائتلاف – كمثال فمرده اعتبارها الأكثر قربا الى القضية السورية من مثيلته – هيئة التنسيق – المحسوبة على أجندة النظام كاحدى خطوطه الدفاعية والأكثر شهرة في صفوف – المعارضات – والمعترف به دوليا – حقا أم باطلا – كمظلة سياسية للثورة والطرف الوحيد المحتضن – بفتح الضاد – بدلال زائد من النظام العربي الرسمي وغالبية دول الاقليم .

  نعيد ونكرر لأصحاب الذاكرة الضعيفة أن كل – المعارضات – السياسية بالداخل والخارج ظهر بعد اندلاع الانتفاضة الثورية ( هيئة التنسيق بعد حوالي خمسة أشهر والمجلس الوطني السوري بعد ستة أشهر والمجلسان الكردييان بعد ثمانية أشهر ) ولم ينل أي طرف شرف تنظيم واعلان الثورة أو التحضير لها أو توفير مستلزمات تعزيزها وتطويرها وانتصارها بل بالعكس من ذلك فقد أجمع الكل على سرقة الثورة والتسلط عليها وضيق الخناق على التنسيقيات الشبابية الأداة الفاعلة في حماية الثورة واستمراريتها والاستفادة الذاتية منها وتفريق صفوفها وفرض الشروط عليها والقيام بدور وكلاء جهات وأحزاب خارجية مانحة وداعمة وقام البعض بمقايضتها في ابرام الصفقات مع النظام ورفع السلاح في مواجهة الجيش الحر في أكثر منطقة أو تنفيذ سياسات النظام في محاصرتها باسم النأي بالنفس والحياد وتجنب العنف وسلامة الأهالي كما سهل البعض الآخر عملية استحضار المجموعات الاسلامية الارهابية ومن بينها جماعات القاعدة وموجات متتالية من الغرباء مع كامل أسلحتهم ومخططاتهم المرسومة بدراسة واتقان وللأمانة التاريخية أقول أن كل ذلك كان يتم بدون ارادة الثوار وعلمهم وموافقتهم .
خرج – الائتلاف – مؤخرا بعملية ( قيطرية ! ) من صلب – المجلس السوري – اللاشرعي المهزوم الذي كان قد قام بدوره بمبادرة – اخوانية – صرفة كجزء من مخطط أخونة ثورات الربيع وقد انفرد الاخوان في بناء مشروعهم في تحد واضح لارادة كل الوطنيين السوريين وتغييب مدروس ومقصود لمئات وآلاف المناضلين المجربين في ساحات النضال المعارض منذ عقود من مختلف المكونات الوطنية والتيارات السياسية وكمحاولة لفرض أمر واقع على قوى الثورة وابتزازها بالمال القطري والجغرافيا التركية وسكوت وضعف عناصر ليبرالية ويسارية وطارئة باتت معروفة بالاسم رضخت للمغريات وفضلتها على المبادىء ولم تكن مصادفة أن يتم كل ذلك باشراف مباشر من النظام العربي الرسمي بغية اجهاض الثورة الوطنية الديموقراطية السورية وتهيئة الظروف الميدانية – العسكرية العامة ( تسليح جيش النظام واستحضار الميليشيات المذهبية وصفقة الكيمياوي وحرمان الجيش الحر من الدعم وتضخيم صورة الارهابيين داخل مناطق الثورة ) والقيادية الذاتية المطواعة الخاصة بالائتلاف ( تغييرات بالرئاسة تشبه الانقلابات وشراء الضمائر والأصوات واستحضار لاعبين مخضرمين ماهرين بالصنعة لاخراج اللعبة باتقان ) امعانا لارتهان القضية السورية بما هي ثورة شعب لأسوأ الصفقات والحلول الكفيلة بالابقاء على القواعد والركائز الأساسية للنظام المستبد ولم يكن خافيا على الوطنيين الثوار في يوم من الأيام أن – المعارضات وخاصة الائتلاف – لم تؤمن للحظة بضرورة اسقاط النظام مؤسسات ورموزا وتفكيك سلطته ولم تعمل أبدا من أجل توفير شروط تحقيق هذا الهدف وهذا هو جوهر الخلاف الاستراتيجي العميق الذي يتستر عليه الكثيرون بين الثورة من جهة والمعارضات من الجهة الأخرى .
 كما أرى لن يأبه السورييون كثيرا وخاصة وطنييوهم وثوارهم وعوائل شهدائهم ومعتقليهم ونازحوهم ومشردوهم بمن سيذهب الى جنيف2 ومن سيترأس – الائتلاف – ومن ينسحب ومن يعود ولن يفتخر الكرد بموقف البعض من أبناء جلدتهم المتخاذلة من أعضاء – المجلس الكردي – في اجتماعات الائتلاف ولا بأشلاء الضحايا من الصبايا والشباب الكرد الذين دفعتهم قوى الأمر الواقع من جماعات – ب ك ك – للنحر والانتحار دفاعا عن نظام الاستبداد انهم ينتظرون تحقيق الهدف الأساسي : اسقاط النظام وتفكيك سلطته وتقديم مجرميه الى المحاكم وتحقيق سلام الثورة والعودة مرفوعي الرؤوس الى الوطن لاعادة بنائه من جديد دولة ديموقراطية تعددية حديثة لكل مواطنيها ومكوناتها .
  كلمة أخيرة أقولها كوطني ديموقراطي ثوري كردي سوري :أسقطوا المعارضات من حساباتكم باسلامييها وعلمانييها وبين بينها عودوا الى ثورتكم الأصيلة كممثل شرعي وحيد وهي باستطاعتها افراز من يمثلها سياسيا ومن يخدمها لاتراهنوا على أي عضو بالائتلاف متمسكا بالكرسي أو منسحبا مواليا أو معارضا شاتما أو ساكتا عربيا أو كرديا أو تركمانيا مسلما سنيا أو مسيحيا أو درزيا أو علويا أو أو أو فالكل سواسية موقفا وخلقا وتاريخا ماضيا وحاضرا وواقعا بالدليل والبرهان ” والمؤمن بالثورة لايلدغ من معارضة مرتين ” . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…