بعد أيام من الحوارات الماراثونية: فشل مفاوضات المجلسين الكُرديين في هولير

حسين جلبي
 
بعد أيام من المُفاوضات الشاقة في أحد الفنادق الفخمة في هولير عاصمة أقليم كُردستان العراق، فشل المجلسين، الوطني الكُردي و مجلس شعب غربي كُردستان، في تحقيق اتفاق الحد الأدنى بينهما، فبينما فقد المجلس الكُردي الكثير من النقاط نتيجة الضغوط التي كانت تُمارس عليه من داخل قاعة الأجتماع و من خارجها حتى بدت الحوارات و كأنها أستنزاف لهُ، تمكن مجلس شعب غربي كُردستان المحسوب على حسب الأتحاد الديمقراطي، و هو الذي دخل الحوارات مرتاحاً، من إنتزاع نقطة ثمينة لصالحة تمثلت في حضوره مؤتمر جنيف في وفدٍ واحد مع المجلس الآخر بعد وضع رؤية مشتركة للمشاركة و ذلك دون أن يخسر أي شئ بالمُقابل.
الحوارات التي جاءت بناءً على ضغوط الأطراف الأقليمية الكُردية التركية و العراقية و برعايتها، و بشكل خاص برغبة مُلحة و مباشرة من حزب العُمال الكُردستاني، أستمرت طوال ثمانية أيام، و قد كان على أجندتها ملفات شائكة كالإدارة الذاتية التي كان حزب الأتحاد الديمقراطي قد أعلن عنها بصورة منفردة و ملف القوات العسكرية لذلك الحزب، و كذلك موضوع السجناء لديه و معبر سيمالكا الحدودي المائي مع أقليم كُردستان الذي كان قد أغلقه تماماً في وقتٍ سابق رداً على منع سلطات اقليم كُردستان دخول رئيسه صالح مسلم الى أراضيه بعد الأهانة الجارحة التي وجهها لمسؤولي الأقليم، كما كان هناك حديث عن تحريك ملف القتلى المدنيين و المجازر الجماعية و خاصة مجزرة عامودا التي يقف ورائها مُسلحي الحزب عندما قاموا بفض أعتصام مدني بقوة السلاح.
لكن حزب الأتحاد الديمقراطي دخل الى الحوارات و هو يضع نُصب عينيه هدفاً واحداً ألا و هو حضور مؤتمر جنيف في حال انعقاده بالأستفادة من وجود المجلس الوطني الكُردي ضمن الأئتلاف، حتى لو أُضطر الى ذلك بوفد مُشترك معهُ، و بصرف النظر عن وجوده في هيئة التنسيق و كل ما يُثار عن صلته بالنظام، و هذا ما تحقق لهُ أخيراً من خلال وضع رؤية مُشتركة بين الجميع حول مؤتمر جنيف، و بدت نتيجة المُفاوضات بذلك كقارب نجاة لهُ‘ إذ أن حضوره المؤتمر بتلك الطريقة سيكون بمثابة تبرئة لهُ من كل التهم التي كان تُثار ضدهُ.
إلا أن الحزب نفسهُ قدم بعض التنازلات الغير جوهرية في مواجهة الطرف الآخر، فقد وافق على فتح معبر سيمالكا الحدودي أمام الحالات الأنسانية و الوفود السياسية و على وقف الحملات الإعلامية بين الطرفين و أخيراً تشكيل لجان لمتابعة القضايا الأُخرى المُثارة بطريقة يُفهم منها، و حسبما جرى بين هذه الأطراف خلال السنتين الماضيتين من خلال تشكيل تلك اللجان و الأخذ و الرد بينها، على أنهُ تمييع لتلك القضايا و هروب من مناقشتها و الأقرار بالفشل في حلها، إذ يتوقع أن يكون السقف الزمني لهذا الأتفاق مؤتمر جنيف2.
من جهةٍ أُخرى فقد أثارت المُتابعين الأجواء الحميمية التي سادت المكان الذي عُقدت فيه الأجتماعات خاصةً في ظل حملات التخوين الشرسة بينهما خارج ذلك المكان و قبيل انطلاق اللقاءات بقليل، و قد دفعت صور المتحاورين و هم يتضاحكون الى تعليقاتٍ لاذعة من الجميع من خلال التذكير بالمعاناة التي يعيشها الناس و فقدان كل متطلبات الحياة، حتى أن البعض دعا الى أجراء الحوارات في مُخيمات اللجوء كوسيلة ضغط على المتحاورين لينهوا أجتماعاتهم التي دامت ثمانية ايام بسرعة و بشكلٍ إيجابي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…