القيادات الكُردية والقيادة عن بُعد

هيفين جعفر
 

يبدو جليّاً أن قيادات الأحزاب الكُردية في غرب كُردستان يتماشون مع لغة العصر ويواكبون التكنولوجيا المتطورة لقيادة الشعب الكُردي في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية ، وإيماناً منهم بهذه الفرصة التاريخية السانحة، أبَوْ إلا أن يكونوا أهلاً لها، فقد قرروا وعن سبق الإصرار أن يبادروا للقيادة عبر خطة محكمة تكاد أن تلامس الجنون، خطة سهلة ممتنعة، عنوانها لغة العصر، فمنهم من يحبذ خدمة السكايب وبعضهم يفضل أن يدلي بمواعظه عبر هاتف الثريا وآخرون يستلطفون التحدث عبر الغرف الصوتية، وقسم لا بأس به، ولا بأس عليه، جعل من لغة الإشارة وسيلة للتواصل، معتمداً على الحاسة السادسة، أو كما يقال بالعامية “عالهبلّة ” حيث استطاعوا وبجدارة أن يضيفوا هذه الأخيرة “الحاسة السادسة” إلى التكنولوجيا المتطورة، وهذا يُحسب لهم لأبد الآبدين.
أما الفهلويون منهم فتراهم يتسكعون على أبواب الفضائيات علّهم يحجزون لأنفسهم بضع دقائق، أو حتى إطلالة للقيادة عبر الأثير تارة، وللبروظة والجعجعة دون طحين تارةً أخرى .

الملاذ الآمن:
بعيداً عن أزيز الرصاص، وإنعدام الأمان، وقلة الخدمات من ماء وكهرباء وخبز، وتحاشياً للتوبيخ والإهانة وتعصيب الأعين، أو الإعتقال أو إحراق المزيد من مكاتبهم من قِبل شركائهم في ما تسمى بالهيئة الكُردية العليا، فإن لقيادات الحركة الأشاوس والميامين إختياراتهم لأماكن إقاماتهم، فمنهم من يجد ضالته في الفنادق الفارهة، وآخرون يميلون للشقق المفروشة بالمزايا الترفيهية الحديثة، وبعضهم إعتاد على الريف والطبيعة الخلّابة، بعيداً عن الصخب وتعكير صفو مزاجهم.


أما عن الملذّات والأطباق الفاخرة والشحم واللحم، حكاية أخرى، فمنهم من هو متيّم بالكباب، كما تعلُّق الطفل بحليب أمه، وفي هذه الحالة سيختار حتماً مدينة السليمانية حيث الكباب السليماني الفاخر، وأما المدمنون على إلتهام الحلاوة كإدمان اليمنيين للقاط فمكانهم حتماً في العاصمة هولير ولا تستطيع قوة على وجه المعمورة زحزحتهم من هناك.


وبين التكنولوجيا والحاسة السادسة والكباب والحلاوة وأشياء أخرى، ما يزال شعبنا يذوق الأمرّين، الحرمان والفاقة والتشرد من جهة، وغياب القائد المفترض من جهة أخرى .
 وإن كان هؤلاء القادة مرتاحون لوضعهم هذا فهي مصيبة، وإن كانو خائفون من العودة للقيادة عن قرب فتلك هي المصيبة الكبرى.


ميونخ كانون الثاني 2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…