الخاسر…. و بازار جنيف…………!!

  خليل كالو

سيكون الشعب السوري الذي قد يرجع إلى المربع الأول الذي بدأ منه بعد أن أصبح وقودا لقطار الكبار غصبا ودفع الثمن باهظا ..

قتلا وتدميرا وتهجيرا ومعاناة …نفس الدول والجهات التي أشعلت النار سعيرا وما بذلت وبذخت من أموال ومن صرف جهود ورسم خطط في الغرف الاستخباراتية الظلماء حتى وقت قريب من تخريب لا نظير له في جسم  الكيان العام السوري وإيصال الشعب السوري إلى حافة الجهنم والبعض منه إلى قعرها.بدأت تبحث وبسرعة عن نهاية لهذا التخريب الممنهج والمخيف الذي حرج عن السيطرة لا حبا بالشعب السوري وحراكه الشعبي السلمي الذي كان وخطف
 بل بسبب تشابك مصالحها والخشية من أن يمتد العنف والخراب يوما  إلى عقر دار الدول التي رعتها وباتت قريبة في جوار بعضها والفشل الذريع  للمعارضة السورية النظرية على الأرض وتقدم القوى المسلحة المتمثلة بالقوى الإسلامية بكافة صنوفها الثقافية  والسلوكية على حساب وفي غفلة من صراعاتها الشخصية والمنفعية  وتهرب المجتمع الدولي من التزاماته الأخلاقية إلى أن بدأ النظام باستعادة أنفاسه شيئا فشيئا وتماسك في كتلة العسكر الموالي  والمنظومة الأمنية والنجدة الشيعية له من كل الأصقاع محاربين على حساب تراجع الجيش الحر “المنشق” الذي تقلص دوره فعليا على الأرض واستمالة منحى الصراع نحو عمق التاريخ الطائفي واستحضاره ثقافة ..

قد يعقد المؤتمر ولكن سيكون بلا نتائج عملية لصالح الشعب السوري والهدف الذي انطلقت منه المظاهرات السلمية يوما  بل سيسعى الدول الراعية إلى تحقيق هدف ألا وهو إطفاء النار في المكان ولفصل العضوي للمعارضة السياسية التابعة “ائتلاف استنبول” ودفعه باتجاه الحل السياسي التوافقي عن جسم القوى العنيفة المسلحة على الأرض “الإسلاموية  السياسية” بعد أن تحررت هذه الأخيرة أيضاً من دائرة الوصاية اللوجستية والانتماء القيادي واستقلت قرارا وتنامت نفوذا وقوة واكتسبت ما اكتسبت..

هذا  الخطر وعدم التكهن بنتائج المستقبل بدأ يحس به الضبع الأمريكي والسلوقي التركي مع غياب دور الثعلب الأوروبي ونجاح الدب الروسي بعناده  دعما للنظام دوليا كي يلعب الجميع لعبة مؤتمر جنيف وكل على محوره وبالنيابة عن حلفائهم دعما لصالح أمنهم القومي بالدرجة الأولى وهنا استراح النظام وحلفائه لهذه اللعبة أيضاً ..

 ما تخطط له أمريكا والروس كل بالنيابة عن حليفه للحد من انتشار وتمركز القوى الجهادية العنيفة في جغرافية مستقلة لها في حوض البحر الأبيض المتوسط  وامتلاكها السلاح والمال والرجال في سوريا والفزع التركي من وصول نار الثقافة الطائفية إلى أراضيها وهذا ليس بالأمر الصعب وكذلك خوف إسرائيل من أن يترك النظام  جغرافية الجولان والقنيطرة للسلفية الجهادية مناورة  لتكون جيران له  كما قام النظام بلعبه بورقة السلاح الكيمياوي كجوكر لإنهاء لعبة الضربة العسكرية واستبعادها  وحينها ستكون إسرائيل في دائر الخطر المباشر كما كان الحماس في غزة جنوبا وحزب الله شمالا له..

لذا وعلى ضوء المصالح القومية الأممية بات الجميع يدرك الخطر القادم وأضحت الشعارات والوعود التي قطعت عهدا وبالا وحملا ثقيلا على مطلقيها وخاصة معارضة الفنادق..

علما بأن  أمريكا قد استوعبت الدرس بالوقوع في مستنقع القوى الجهادية  في أفغانستان وبشار الأسد من العراق وإسرائيل من غزة والدعم الإيراني لحماس وهذا بعد أن فشلت جهات داعمة في تحقيق ما أرادت وجندت للحراك المسلح  كالسعودية وقطر وبعض من دول الخليج وتركيا وازدياد الخشية من الهجوم المضاد من التيارات الشيعية التي تشكل في بعض منها نصف سكان الخليج وتثير القلاقل هناك وأن إيران ما زالت مركز دعوة الثورة الشيعية العالمية في الضفة الشرقية من الخليج أي على مسافة رمية حجر من منابع النفط والعروش .

لن يأتي جنيف بنتائج عملية على المستوى الإستراتيجي  أو سيكون بلا نتائج فاعلة ومنظورة وستسقط المعارضة الاستنبولية  أرضا بمشاركتها وستفقد ما تبقى لها من مصداقية أمام الرأي العام السوري المعارض للنظام ولن تبقى على الساحة سوى القوى الفاعلة والمسلحة المتصارعة المتمثلة فعليا على الأرض وربما ستسمر في وجودها صراعا ردحا من الزمن وبالتالي ستولد  تلك الصراعات العنيفة إلى تنشئة جغرافيات سياسية وثقافية “دوائر نفوذ” وتتمثل  تلك القوى بالنظام وحلفائه مع امتلاكه إمكانيات الدولة السورية على كل الأصعدة  وكذلك القوى المسلحة الإسلاموية الجهادية وما بينهما من ثقافات وسياسات ولا ننسى تنامي قوات YPG   وسيطرتها على المناطق الكردية التي باتت قوة لا يستهان بها وأصبحت مركز ثقل واهتمام ملفت من دول الجوار وأمريكا وروسيا بعد نجاحها في رد  الفصائل التابعة لتنظيم القاعدة عن مناطقها بنجاح..

خلاصة القول : يحيط الكبار والأقوياء دائما حول طاولة الحوار والتفاوض ,والضعفاء يحتجون .

ففي غضون تلك السياسة الأممية والأزمة المستفحلة بات الكل يدرك الموقف مستقبلا وخطورته  وموقعه على الأقل نظريا على الأرض .

لذا لن تحضر المؤتمر القوى المسلحة والسلفية الجهادية على الأرض وتعارض ذلك بشدة وتدرك تماما بأن المؤتمر ضدها ومن أجلها أصلا  وفي نفس الوقت يرتاح النظام للحضور ليسترد بعض من شرعيته الدولية و كذلك حزب الاتحاد الديمقراطي PYD الجناح السياسي والدبلوماسي لـ YPG على انعقاد المؤتمر .لأن هذا الأخير لن يخسرا شيئا إن لم يربح على ضوء التفاهمات والمحاور المتشكلة عمليا وأن الجميع مدرك تماما بما فيها الدول الراعية للمؤتمر  بأن مفتاح الحل الحقيقي  لإنهاء الصراع هو بيد القوى المسيطرة على الأرض لا في جنيف ..ففي غضون كل هذه الصراعات هل سيستفيد الكرد من المرحلة ..؟ سيكون كلما طال أمد هذه الأزمة على حساب ضعف الأطراف الأخرى شرط أن يجتمعوا ويعملوا على جبهة واحدة ….

1.12.2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…