«محررو» غرب كوردستان في موضع الشك

جان كورد

بعض الذين أقسموا الولاء لحزب العمال الكوردستاني، حتى بعد تخليه عن سائر المطالب القومية الكوردية بعد أن قدم الشعب الكوردي له الآلاف من الضحايا، وفي مقدمتهم الفتيان والفتيات، لايزالون على نهج الولاء هذا، على الرغم من المسار الخاطىء تماماً للتنظيم السوري لهذا الحزب، الذي اتخذ له إسم “حزب الإتحاد الديموقراطي” ووضع لنفسه برنامجاً متلائماً مع الأفكار “الثورية والطليعية!” الجديدة التي تبناها زعيمهم المعتقل السيد عبد الله أوجلان، المعلن قائداً لكل الأمة الكوردية رغم عدم موافقة كل الأحزاب غير التابعة له في سائر أنحاء كوردستان.
ونهج الولاء غير الواقعي هذا قادهم إلى السير بعكس مسار غالبية أحزاب كوردستان المؤيدة لثورة الشعب السوري والرافضة لسياسات حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان تابعاً مخلصاً ومطيعاً لنظام العائلة الممقوتة سورياً وعربياً، هذا الحزب الذي تخلى النظام السوري نفسه عن خدماته، ويعتبر من قبل السوريين عموماً حزباً مساهماً في جرائم العائلة الأسدية، منذ أن وضع حافظ الأسد يديه على النظام في عام 1970 كلياً وحدثت في ظل نظامه مجازر رهيبة في مدينتي حماه وحلب، راح ضحيتها من المدنيين ما يزيد على ال50.000 مواطن.

وكذلك فإن هذا الحزب قد صبر على السياسة الدموية التي لا تقل وحشية عن جرائم النازية الهتلرية والفاشية الموسولينية لنجل حافظ الأسد، بشار الأسد، الذي ورث السلطة عن أبيه بعملية اغتصاب وتحايل على الدستور السوري وفي غياب انتخابات ديموقراطية نزيهة.


حزب البعث هذا كان يرشح من توافق عليه المخابرات لرئاسة الجمهور- ملكية، وهذا دليل على المساهمة الإجرامية في وصول شخصٍ مريضٍ نفسياً مثل بشار الأسد إلى كرسي الرئاسة في سوريا.

وهو حزب لايستطيع التظاهر الآن في دمشق العاصمة، إلا أنه يتظاهر بكل حرية ويهدد أحرار سوريا، في ساحات مدينة القامشلي، التي لايزال في إحداها تمثال حافظ الأسد المقبور يتحدى كل شهداء الثورة السورية وال12000 طفل منهم، وتخفق أعلام البعث في هذه المدينة في حين يمزق العلم القومي الكوردي كما تمزق صور البارزاني الخالد، الذي يعتبر بحق أعظم شخصية كوردية في التاريخ الكوردي الحديث، والذي قاد الثورات الكوردية، الواحدة تلو الأخرى، وارتبط إسم الشعب الكوردي به في الأوساط العالمية التي ما كانت تتذكر شيئاً عن الكورد سوى لدى ذكر إسمه أو إظهار صورته.


هؤلاء البعض الذين برروا كل سياسات حزب العمال الكوردستاني وتنظيمه السوري “حزب الاتحاد الديموقراطي” ظلوا على وفائهم لزعيمهم ولتنظيمات حزبه المتعددة الأسماء حتى ظهور علمهم المأخوذ من جمهورية ليتوانيا إلى جانب علم “جبهة النصرة” المتهمة من قبل الآبوجيين أنفسهم ب“الإرهاب”، وظهور رفاقهم يتظاهرون حول تمثال ألأسد في القامشلي دون أن يمسوه بسوء، وهاهم يبررون اليوم سماح حزبهم “محرر غرب كوردستان!” للبعثيين بأن يتظاهروا في أهم مدينةٍ خاضعة لسيطرتهم أو إدارتهم الذاتية “المؤقتة”، ومنعهم في الوقت ذلك أحزاباً كوردية، وفي مقدمتها حزب آزادي الكوردي والحزب الديموقراطي الكوردي (البارتي) من ممارسة نشاطاتهم السلمية الديموقراطية في المدينة ذاتها، بل الهجوم على مقرات هذه الأحزاب واختطاف أعضائها القياديين ونهب ما في تلك المقرات أو تدميره والدوس على ما تعتبره هذه الأحزاب من مقدساتها الوطنية، صارت ثقافةً للمهاجمين.

والسماح للبعثيين الذين لايمكن أن يكونوا في أي حالٍ من الأحوال أفضل للكورد من هذين الحزبيين الكورديين المناضلين يتم بذريعة “حرية التظاهر في النظم الديموقراطية!!!” وتشبيه الوضع بسماح الحكومة الألمانية الديموقراطية للنازيين بالتظاهر…
إن تسيير المظاهرات المعادية للأخ الرئيس مسعود البارزاني في غرب كوردستان تضر بمئات الألوف من السوريين الذين وجدوا لدى إخوتهم في جنوب كوردستان ملاذاً آمنا بسبب الحرب في بلادهم، وحمل شعارات متدنية في الأسلوب ضد السيد الرئيس مسعود البارزاني هو ضد الرسائل الودية التي بعث بها زعيم حزب الاتحاد الديموقراطي إليه من داخل سجنه وهو أسلوب يقلل من قيمة القائمين بذلك بين الشعب الكوردي وأمام الرأي العام العالمي، مهما كان مثقفاً وسياسياً وناشطاً…
كنا نتوقع من حزب الاتحاد الديموقراطي أن يقف مع زيارة السيد البارزاني إلى ديار بكر مثلما وقف معها السيدان عثمان باي دمير وأحمد تورك والسيدة ليلى زانا ورفاقهم، فهي زيارة من أجل السلام ولربما قد تؤدي للإفراج فيما بعد عن زعيمه المعتقل في عمرانلي… لا أن يبرر في إعلام هذا الحزب خروج البعثيين في مظاهرة على صدر الكورد بأن النظام لا يزال قوياً، والتعامل مع الأقوياء يكون بالتودد إليهم…
كنا نتوقع أن يرسل هذه الحزب وفداً – رغم كل العراقيل – إلى جنوب كوردستان لاقناع السيد الرئيس مسعود البارزاني وحزبه بأن “هناك ثورة كوردية!” في غرب كوردستان، بغض النظر ضد من هي هذه الثورة، كما يرسل الحزب وفوده شرقاً وغرباً وإلى سائر أنحاء العالم ل”يبين الحقائق على الأرض!”، لا أن يهمل التظاهر ضد بشار، ويسمح لأتباعه بأن يهددوا أحرار سوريا في بيتنا الكوردي؟ الأسد الذي تخضبت يداه بدماء أكثر من 120.000 مواطن سوري ويقوم بالتظاهر ضد مواقف وسياسة السيد البارزاني، فهل الأسد مع ثورتهم حتى أهملوا التظاهر ضده وشتمه وسبه كما يفعلون مع أهم قائد كوردي اليوم؟

أعتقد بأن الوقت قد حان لأن يقول الكورد الأوفياء كلمتهم الأخيرة بصدد سياسات حزب الاتحاد الديموقراطي التي برأيي الشخصي صارت موضع شك منذ امدٍ بعيد، ولكن لاينكر أنه لايزال ضمن صفوفه أو يسير وراءه من لا يرضى عن هذه السياسات المنحرفة عن كفاح الشعب الكوردي، ولكنه متردد في اتخاذ الموقف الصحيح والجريء حتى الآن، وبرأيي أن نساعد هؤلاء على قول الحق والتبرؤ من هذه الحملات الإعلامية العدوانية التي اعتذر عن بعضها قادة الحزب بأنفسهم من قبل…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…