في ضرورة التنظيم

  سعيد عمر

يعد التنظيم العصب الرئيسي وشريان الحياة لأي تنظيم سياسي أو اجتماعي أو مدني…الخ لما يمتاز به التنظيم من قوة في رص الصفوف, وتقوية العلاقات بين أعضاء التنظيم الواحد, وتمكين الحزب أو المؤسسة من تبوء الصدارة في أي محفل أو أي منافسة أو أي انتخابات, لكن في الوقت الذي يحتل فيه التنظيم صدارة الأولويات في أي حزب أو..الخ إلا انه أيضا يشكل هاجس خوفاً وعقدة قلق في كثير من الأحيان إذا ما أسُتغل في الحدث الخاطئ أو أستخدم لغايات شخصية ضيقة بعيدة عن روح الكوردايتي وأهمية تقوية الحزب والعمل لخدمة الحزب,
 فمن المعروف إن دخول المحسوبيات في عملية التنظيم يمهد الطريق لانهيار ذلك التنظيم, ويهيأ التنظيم للتقهقر الذي سيحصل نتيجة النفور والقطيعة الحاصلة لدى الغالبية بسبب التدخلات الشخصية والمحسوبيات والتكتلات, لذلك لابد من وضع أسس سليمة ومتينة وقوية وعلمية لأي حزب يرغب في ديمومة البقاء, فأي حزب لا يجدد خلاياه الدموية فإن مصيره الزوال, وأي حزب لا يجدد من عقليته ونوعية قياداته سيكون مصيره الزبول, وأي حزب لا يدعم ويدفع بفئة الشباب نحو الأمام سيكون مصيره الضمور, وهذا ما يتطلب ضرورة وجود مراقبة ومحاسبة ومتابعة حثيثة ودءوبة دوماً, بعيدة عن التكتلات والتخندق الشخصي, ولابد من إفساح المجال أمام الكوادر الشابة والخبرات وذوي الشهادات وخاصة من حملة الدراسات العليا ( ماجستير- دكتورا) ولا يخفى على أحد ضرورة تحلي الشباب بالجرأة والإقدام وعدم السكوت عن الخطأ, كي لا تتكرر المآسي التي تحمل الأحزاب على الانهيار, وهذا يتطلب أيضا الابتعاد عن التكتلات والتأمر على الشخصيات الوطنية والحزبية الشريفة وذوي الاختصاصات والكفاءات.
بدون شك أن الحب يعد من العوامل القوية والرئيسية والضرورية في تطور وترقي الأحزاب, فالمحبة والحب بين أعضاء التنظيم الواحد يجعل منه كالبنيان المرصوص قوي العزيمة والشكيمة, وهو ما يدفع الأعضاء إلى حفظ الأسرار وكتمانها وعدم إفشائها في أول منعطف وأول خلاف, وما أن يتحلى العضو الحزبي بالكتمان وحفظ الأسرار حتى يكون محفوظاً من الكذب ومنزهاً عن الرياء والنفاق.
بكل تأكيد فالاحترام يعد من العوامل الرئيسية والقوية والمهمة في تطور العمل السياسي, فالاحترام من شأنه حمل الفرد على تقدير العضو والخصم على حدً سواء, فهو يحترم رفيقه الحزبي لأنهما يناضلان في خدمة هدف واحد وفكرة واحدة ووطن واحد, ويدفعه لاحترام خصمه وعدوه كي لا يستهزئ به وتكون النتيجة خسارته في الحوار أو المعركة, فعامل الاحترام هو من بين ما يجعل أي حزب في مصاف الأحزاب العصرية المتقدمة.
المهنية والعملية واختيار الأدوات اللازمة والمناسبة هي من بين العوامل التي لا يمكن أن يتجاهلها أي تنظيم يرغب في منافسة خصومه وإلحاق هزيمة قوية بهم, لكن ما ينقص الأحزاب الكوردية في غرب كوردستان هي المنهجية الواضحة والأجندات الموحدة في سبيل خدمة هدف سامي.

لكن بدلاً من ذلك نجد لدى البعض محاربة الخبرات والعقول, في الوقت الذي يتطلب الوضع الراهن في غرب كوردستان السعي الدءوب على تشجيع وتحفيز ومساعدة كل ذي خبرة أو كفاءة أو حتى فكرة مجردة
لقد عانت غرب كوردستان على الدوام من غياب التنظيم العصري والعالمي القوي في سبيل خدمة القضية الكوردية, ومع احترامنا لنضال الجميع لكن كلمة حق تقال أن عملية تحديث التنظيم وفق أسس قوية وعصرية ومتينة غابت عن أغلب الأحزاب الكوردية, ولعلها كانت من بين ابرز الأسباب التي دفعت بأحزاب كوردية متقاربة في نهجها لإعلان عن تشكيل حزب موحد بغية طرق باب العالمية في التنظيم والنشاط وتنمية المواهب الفكرية والقدرات الشخصية والفروقات الفردية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…