مرض القيادة لدى الكرد السوريين !!!

ادريس عمر – المانيا
Bave-maria@hotmail.com

لايوجد احصائيات دقيقة حول نسبة الكرد في سوريا, ولكن هناك تقديرات بأن عددهم يتجاوز ثلاثة ملايين أي نسبة 15 % من سكان سورية, موزعين في ثلاث مناطق وهي منطقة الجزيرة بمحافظة الحسكة, وعفرين بشمال حلب,  ومنطقة كوباني, التابعة ايضا لحلب, أكثر من نصف مليون في مدينة دمشق وضواحيها, ولقد ساهم الكرد في استقلال سورية وفي كل المراحل كان دورهم ايجابياً في التعايش مع بقية المكونات السورية وبعد فترة الاستقلال شاركوا الكرد في قيادة سورية حتى تمكنوا من تسلم رئاسة الجمهورية والكثير من المناصب الرفيعة الأخرى, الشخصيات الكردية التي شاركت حينذاك لم تكن لديها اجندات قومية, وكان يرون أنفسهم سوريين ويخدمون الجمهورية السورية.
 وفي عامي  1954-1958 تعتبر أكثر الفترات ديمقراطية في حياة سورية, حيث عادت الحياة الدستورية, ومارس البرلمان دوره, وتشكلت العديد من الأحزاب ومارست دورها في الحياة السياسية, وتقلص دور الجيش, وقتها وجدت النخبة الكردية حاجتها إلى حزب سياسي قومي لكي يعبروا عن طموحات وتطلعات الشعب الكردي ولذا جاء تأسيس الحزب الديمقراطي كردستان-سورية في 14 حزيران 1957, وبعد عام من فترة التأسيس عرض على الشخصية الاكاديمية الكردية الدكتور نورالدين ظاظا أن ينضم إلى الحزب ويتسلم قيادة الحزب بسبب امكانياته العلمية والاكاديمية وثقافته العالية, هكذا كان يفكر أبناء الجيل الأول من النخبة الكردية, أي أن يأخذ الرجل المناسب المكان المناسب لكي يلعب دوره في خدمة قضية شعبه العادلة.

وكان لديهم نكران الذات ويضعون مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية.

وبعد سنوات من النضال وتعرض القيادة للاعتقال والسجن وبرز خلافات في القيادة وكانت بداية الانشقاق أي أصبح اليمين واليسار 1965, و بدأ مسلسل الانشقاقات حتى وصل الامر بنا نحن الكرد السوريين لانعرف عدد الاحزاب ولا اسماء القيادات السياسية, ومعظم الانشقاقات لم تكن للأسباب فكرية أو ايديولوجية أو حول برامج الحزب, باستثناء انشقاقات بعض الاحزاب اليسارية التي كانت تتبنى أو تهتدي بالماركسية ومتأثراً باليسار الفلسطيني وظهور القوى اليسارية في العالم والصراع بين الرأسمالية والشيوعية في فترة السبعينات والثمانيات, ولم يخلو تلك الانشقاقات أيضا من الجانب الشخصي ولكن ماحدث لدى السياسيين الكرد وصل بهم الأمر إلى درجة بحيث لن يقبل الواحد منهم بالآخر, الكل حاول إيجاد خلاف لكي ينشق عن حزبه, و يصبح هو أيضا سكرتيراً أو رئيساً أو أمين عاماً , وصلت إلى مرحلة أصبح لكل عائلة حزب (موسي وكدو نموذجان) .

ومن استطاع أن يجمع حوله عشرة أشخاص أسس حزباً أو انشق من حزبه وبنفس الاسم استمر في نشر بياناته, حتى وصل الأمر ببعض من الذين لايفقهون ألف باء السياسة من تولي قيادة الاحزاب, وهنا ينطبق مقولة الرئيس السوري شكري القوتلي عندما قال لعبدالناصر اثناء الوحدة “أريد أن اسلمك ثلاثة ملايين ونصف سوري نصفهم أنبياء والنصف الآخر زعماء” هذا هو حالنا نحن الكرد السوريين أي كل كردي سوري يحاول أن يصبح زعيماً, ووصلت بهم الأمر أنهم يصدقون أنفسهم أنهم قيادات ورؤساء أحزاب حقيقية, وهم  لايصلحون أن يصبحوا  قيادات لعائلاتهم, القيادات السياسية الكردية الحالية بدون استثناء هم سبب هذه الآفة, وهذا المرض أدى إلى ضعف وتشتت الحركة السياسية الكردية وأن هؤلاء من يتحملون المسؤولية التي وصلت بالكرد السوريين إلى الضياع والهجرة وضعف شعور التمسك بالارض ومحاولة الخلاص الفردي, وزيادة الفقر, انحلال القيم والتهرب من المسؤولية, ولن يفكر أحد منهم بأن يتنازل لغيره من أجل وحدة الاحزاب كما فعل القوتلي , لا بل مستعدين أن يضحوا بكل الشعب من أجل أن يبقى هو السكرتير.

على القيادات الكردية التخلص من حالة الوهم هذه والتخلص من مرض التناطح إلى القيادة , لان هذه العقلية المريضة المزمنة ستكون سبباً لعدم توحيد القوى الكردية وفي هذا الظرف الحساس, وسيكونون سببا لاضاعة الفرصة التاريخية المواتية وإمكانية أن ينال الكرد حقوقهم المشروعة, و لكي يتحقق هذا على القيادات التخلي والتضحية ببعض من مصالهحم الشخصية ووضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار, وعلى الجميع بذل الجهود لتقليل من هذا العدد الخيالي من الأحزاب والمنظمات, وبناء أحزاب كبيرة وجماهيرية, وايجاد استراتيجية كردية موحدة, وحل الخلافات بين الأطراف الرئيسية, وتوحيد الجهود من أجل إيصال صوت الكرد إلى مراكز القرار في العالم, لكي لا يخرج الكرد من المعادلة ومن الاتفاقيات التي يحاول المجتمع الدولي ترتيبها  وايجاد حل سلمي للإزمة السورية.

أن لم يقوموا بما هو واجب عليهم القيام به في الايام والشهور القادمة, سيخرج الكرد من المولد بلا حمص , سيلعن الشعب والتاريخ هؤلاء ومصيرهم سيكون مزبلة التاريخ.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…