في أزدواجية أعداء زيارة زيارة البرزاني الى آمد

حسين جلبي

قرأ محمد أمين يلمز، الرئيس المشترك لمنظمة حزب السلام والديمقراطية في آمد، بياناً باللغة التركية على مؤيديه الذين تجمعوا أحتجاجاً على زيارة السيد البرزاني الى المدينة الكُردية قال فيه: (ثورة روج آفا هي ثورة كل الكُردستانيين، وعلى الكل التقرب منها، و لكن السيد بارزاني قال بانهُ لا توجد ثورة في روج آفا، و هذا التصريح شيء محزن ونحن في أنتظار ان يرفع الحصار الذي فرضه على روج افا و ان يساند شعب روج آفا).
و مع انهُ كان المفترض بالسيد يلمز، العضو في حزبٍ يشكل الجناح السياسي لحزب العُمال الكُردستاني، أن لا يتكأ على قضية (روج آفا) في رفضه للزيارة و يتحجج بها، لأنهُ و كما يظهر مما ورد في بيانه عن الموضوع فأنه لا يعرف شيئاً عن حقيقة الوضع على الأرض،

و الواقع هو أن المرء كان يتوقع أن تكون هناك أحتجاجات من قبل الأحزاب القومية التركية على زيارة الزعيم القومي الكُردي مسعود البرزاني الرسمية إلى تركيا، وهو ما حدث فعلاً عندما قال دولت بخجلي رئيس الحزب القومي التركي بان زيارة البرزاني و لقاءه أردوغان يومٌ أسود في تاريخ الدولة التركية، لكن أن يحتج حزب كُردي أسمه حزب السلام و الديمقراطية و بلغة تركية هجينة، فهي مزاودة غير مفهومة حقاً، خاصةً أن أسم هذا الحزب لا يتضمن ما يدل على أنهُ حزب كُردي، و هو لا يعترف بالقومية الكُردية أصلاً، و لا بالعلم الكُردي و لا بكُردستان، و الشخصية التي أحتج هذا الحزب، و الحزب الآخر العنصري ضدها، هي شخصية السيد البرزاني المتمسك بقوميته الكُردية حتى في ملابسه التي ظهر به خلال الزيارة و قد ألقى كلمةً باللغة الكُردية التي لم يتحدث بسواها طوال الوقت، و قد زاد من مأزق الحزب المعترض طبيعة الزيارة و رمزية المكان، اضافةً الى وجود الفنان الكُردي الرمز (شفان برور) الذي طالما أنشد للكُرد، برفقة السيد برزاني و في زيارة لأهله و وطنه بعد حوالي أربعين عاماً من الغربة.

و هنا لا بُد من القول لمن فهم و لسببٍ ما بأن السيد البرزاني قد قال بأنهُ لا توجد ثورة في غربي كُردستان، أو يشيع مثل هذه الأكذوبة على لسانه، و هو يراهن على أن الناس يعيشون مثلهُ في عزلة عن العالم و بأنهم مثلهُ لا حواس لهم و لا ذاكرة، و بأنه لذلك يستطيع خداعهم طوال الوقت كما يخدع نفسهُ، بأن رسالة الرئيس برزاني لم يمضي عليها سوى يومين و هي لا زالت في متناول الجميع، و قد قال فيها بأن حزب الأتحاد الديمقراطي ـ دون غيره ـ قد أدعى بأنه أشعل ثورة في غرب كُردستان، و تساءل السيد البرزاني: و لكن أية ثورة و ضد من؟ ثم أردف قائلاً لقد سلمهم النظام تلك المناطق، أي أنهُ لم ينفي وجود ثورة في المناطق الكُردية السورية، و من جهةٍ أُخرى فمعبر سيمالكا المشترك بين أقليم كُردستان و المناطق الكُردية السورية مفتوحٌ من جهة الأقليم و مُغلقٌ من الجهة الأُخرى من قبل قوات حزب الأتحاد الديمقراطي كما يعرف الجميع، و قد أتخذ حزب الـ ب ي د هذا الأجراء كردة فعل على منع سلطات الأقليم لزعيمه صالح مسلم من دخول أراضيه، أي ان الحصار مفروضٌ من الداخل قبل ذلك الحزب الذي ينتمي أليه السيد يلمز نفسهُ.

ألا أن هذا لم يكن كل شئ، فقد شغل المصابين بداء الهذيان البروتوكولي خلال لقاء القمة الكُردي ـ التركي مسالة أثبات أن علم كُردستان لم يكن موجوداً خلاله، إذ يبدو أن هؤلاء الحريصون على سمعة الكُرد و على ان تكون كُردستان التي حرروها دون نواقص، لم يسمعوا الرئيس برزاني يتحدث بالكُردية و لم يروا لباسه الكُردي و لم يشعروا بروحية اللقاء الكُردية و لم يفكروا بما يمكن أن يؤدي اليه من نتائج، لكنهم صرفوا جُل وقتهم و أعصابهم و خبرتهم لأثبات أن الزيارة كانت فاشلة طالما أن العلم الذي أحبوه لدرجة أنهم يقومون بأنزاله و الدعس عليه في مكانٍ آخر، أو لا يدينون من يقوم بذلك، لم يكن موجوداً في تركيا.
الحقيقة يمكن القول لهؤلاء الذين يعزفون لحناً ناشزاً: لو كُنتم رجالاً حقاً لكُنتم حررتم جزءاً من كُردستان كما فعل البرزاني، ساعتها لم يكن ضيفكم ليحتاج أن يجلب معهُ علم كُردستان إلى آمد، بل كان سيجد ملايين الأعلام العملاقة تنتظره هناك، و لما أحتاج الكُرد يومها الى مترجم لفهم بيانكم البائس، و لو كانت رائحة الرجولة و الحكمة قد عبرت من جانبكم، لكُنتم تحديتم السلطات التركية في مثل هكذا مناسبة و أثبتتم لها وحدتكم من خلال رفع أعلام كُردستان في أستقبال زعيم كُردي كبير.
الزيارة كانت تاريخية بكل المقاسات، ليس بسبب حدوثها لأول مرة على هذا المستوى فحسب، بل لما كشفت عنهُ من تغييرات في عقلية التعامل مع القضية الكُردية و ما فتحته من آفاق لتغييرات أعمق، و هو ما يحتاج الى عمل جاد أكثر من حاجته الى حركات فارغة في الهواء.

حسين جلبي
jelebi@hotmail.de

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…