انتفاضة آذار والمهام المطلوبة……؟!

داوود جيجك

 

أسئلة عديدة تطرح في مجالسنا ونقاشاتنا وبياناتنا ، ومشاريع أو برامج أحزابنا من قبيل (هل 12 آذار انتفاضة أم فتنة..

؟ ،  وهل القضية الكردية في سوريا هي قضية أرض وشعب أم مجرد حقوق أخرى  ؟……الخ).

إن الذي دفعني لمناقشة هذا الموضوع ، هو أن هذه المفردات والمصطلحات تبعدنا عن الجوهر الأساسي لنضالنا ، ونضال أحزابنا الكردية بقيادييه وكوادره وقواعده والمثقفين المستقلين  أو الحياديين ، ونظل بعيدين عن المهام والوظائف التي تقع على عاتقنا في الوعي السليم والتوعية المكثفة وتنظيم الجماهير ، بل على العكس يساهم في نشر اللا أمل واللاثقة بين جماهيرنا الوطنية ، حيث لا حوار جاد بين أحزابنا ، ولا حوار حقيقي مع الشعب ،والوضع مأساوي .

اذاً ماهي مهام هذه الأحزاب السياسية  ؟ هل لخلق التفرقة والتشتت بين صفوف المجتمع ؟ ، أم لتوعية وتوجيه المجتمع إلى المسار والهدف الأساسي .

إن هذه المشاكل هي التي تعترض وتعرقل مسيرة الوحدة الوطنية ، أو الوفاق الوطني أو توحيد الجهود بين كافة أحزابنا الكردية في سوريا ، والتهم والمهاترات التي تلقى على البعض وانشغال الشعب بها ، والتفاسير المختلفة و المتباينة كتنوع تفاسير آيات الله ، وكل هذه الخلافات نحن بغنى عنها ، في وقت نحن بحاجة ماسة الى توحيد الصفوف والارادة السياسية بين كافة فئات وشرائح مجتمعنا ، حيث مهما كانت المطاليب والأهداف فلسنا بحاجة إلى محاربة بعضنا البعض  والاستهتار والصراع الغوغائي والانتقاد غير البناء ، لأن ذلك لا يهدف إلى رفع سوية العمل الوطني والديمقراطي في كردستان سوريا أو غرب كردستان بل يزيد من الشبهات ونشر التشاؤم وتعقيد الأمور أكثر فأكثر.

بعد مرور عامين ودخولنا العام الثالث في إحياء هذه الذكرى المجيدة والأليمة ماذا قدمنا وقدمت حركاتنا السياسية لإحياء هذه الذكرى ؟!  وإن إحياءها لا يتم فقط بالندوات أو حفلات التأبين أو التذكير ، بل يتطلب عمل جاد وعلينا أن نسأل أنفسنا ، ماذا يطلب منا 12 آذار ، في هذا اليوم الذي توحد فيه صوت الكرد وإرادتهم ، لم يسأل أحد  : (أنت من أي حزب أو ذاك ينتمي الى أي طرف) ، بل تكاتفت السواعد والهمم من أجل رفع الظلم عن كاهل شعبنا الكردي والنضال من أجل حياة حرة كريمة تليق بشعبنا الأبي .
لذلك خطط هذا السيناريو من قبل الشوفينيين والقومجيين البعثيين وبتوجيه أمني لتشتعل فتيل هذه الفتنة في ساحة ملعب القامشلي ، لينادي جمهور فريق الفتوة الذين كانوا مشحونين بالحقد والكراهية تجاه الكرد ، ليطلقوا شتائمهم العنصرية البغيضة تجاه الشعب الكردي البطل وقادتهم الأحرار ، وحاولوا بذلك فعل ما عجزوا عن تحقيقه  في كردستان العراق ، ولم يفرقوا بين الكرد إن كانوا في هولير أو السليمانية أو دهوك أو قامشلي أو عفرين أو كوباني .

حتى تحول إلى اقتتال بين أنصار الحرية و الديمقراطية  وأزلام وأنصار نظام صدام البعثي البائد ، حتى ثار غضب الكرد لينتشر في جميع مناطق كردستان من ديريك حمكو إلى عامودا ومن كوباني إلى عفرين ، ليثبت الشعب الكردي مرة أخرى على وحدته القومية ، فكل قطرة سالت من دماء شهداء قامشلو امتزجت مع قطرات دماء شهداء عفرين و كوباني …..

12 آذار لا يحتاج إلى تفسير، لأن الشعب الكردي يأبى الذل والهوان لأنهم أبناء كاوا الحداد و الشيخ سعيد وقاضي محمد و البارزاني الخالد … ، ومن الخطأ الدخول في مهاترات ومفاهيم غوغائية لا تخدم القضية بشئ  كأن نقول :هل كانت فتنة أم مسرحية أم انتفاضة..

؟.

والنقطة الثانية هناك من يقوم برفع سقف مطاليبه وأهدافه ، هل قضية الكرد هي قضية أرض وشعب أم قضية سياسية أم ثقافية أم حكم ذاتي أم استقلال …؟ كمن يقول هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة ..؟ أقول في هذا الصدد :هل نريد أن نناضل ونتحد ، أم نريد أن نختلف ونتشتت ، فالاختلاف في الفكر والرأي شيء ديمقراطي ، لكن  هل تريد أحزابنا أن توسع مؤيديها على حساب البعض باطلاق أهداف وشعارات ، أم سندرس مقومات الكرد هل هو شعب أم لا …؟ إنه من الخطأ الفادح أن نناقش قضية الكرد في سوريا بمعزل عن كرد الأجزاء الأخرى وعلينا أخذ العبر من التجربة الغنية في كردستان العراق ، فكان سقف مطاليب الكرد هو الحكم الذاتي ومن ثم الى الحكم الذاتي الحقيقي وبعد حرب تحرير العراق طبقت الفيدرالية في إقليم كردستان بل وحتى الكونفدرالية .

حلم الشعب الكردي في كل مكان هو الاستقلال ، لكن إن عدنا الى الواقع والظروف الدولية علينا التقرب بواقعية من حل القضية الكردية في كل جزء على حدى.

فمثلا في شمال كردستان هناك 20 مليون نسمة من الكرد وعشرين محافظة  وفي إيران 12مليون نسمة ،لكن ما أثبته الواقع والتوازنات والصراعات الدولية والاقليمية والمكتسبات في كردستان العراق ذو ال 5 ملايين نسمة ، فهل من المعقول أن يطالب الكرد في كل من كردستان إيران وتركيا بمطاليب أقل من إقليم كردستان العراق ،وهل من المنطق أن نطالب نحن الكرد في سوريا بمطاليب أكثر منهم ؟ وهل يمكننا القول بأن ما تتطلبها الأجزاء الأخرى من وسائل كالنضال المسلح و قوات البشمركة للوصول إلى أهدافها  يمكن أن تتحقق  في كردستان سوريا أيضا ؟ ، وهل يمكننا القول بأنه ما تحقق في كردستان العراق سيتحقق في شمال كردستان الآن ؟، لذلك فالحلول والوسائل التي نطرحها في سوريا تتطلب التحليل الواقعي ، ولسنا بحاجة إلى من يقول أن الكرد في سوريا هل هم شعب أصيل يعيش على أرضه أم مهاجرين أم مستوطنين ؟! ، ويجب الابتعاد عن مثل هذه الممارسات التي  تقلص دور وفعالية وتأثير الأحزاب الكردية .

فالشعب الكردي محروم من جميع الحقوق السياسية و الثقافية والاجتماعية والاقتصادية …..الخ لذلك القضية الكردية هي قضية سياسية ثقافية اجتماعية اقتصادية وجميع مطاليب الأحزاب تتركز في هذه القضية ، فمنهم من يطرح الإدارة المحلية ومنهم الذاتية أو السياسية أو الحكم الذاتي أو المواطنة … الخ ، وعلينا جميعا أن نناضل تحت سقف مطاليب واحد ،فلماذا التضاد والصراع بينها بالذات ،حيث تظهر الصراعات عادة عندما تكون بعض الاحزاب في السلطة والأخرى معارضة ، كما تحدث في الدول الديمقراطية أو النصف ديمقراطية ، إلا أنه في الوقت الحاضر وفي هذه المرحلة بالذات على جميع الحركات السياسية أن توحد جهودها وصفوفها وتكثف من نضالها ،لنتحد مرة واحدة في هذه الظروف ونكون أصحاب مبادرة ، وجميع هذه المطاليب تخدم القضية الكردية ويجب الابتعاد عن الأنانية والتفرد ولنبدأ سوية بعمل جاد وإعادة الثقة بين الجماهير والحركة .
أؤكد ثانية بأنه علينا التحلي بروح 12 آذار قولا وعملا ،وعلى كل حزب ومنظمة سياسية كانت أم مدنية ،أن تقيم نضالها وعملها خلال عامين وبمبدأ نقد الذات أمام شهداء 12 اذار وكذلك تحليل الظروف والمخططات المرحلية والاستعداد لهذا العام الجديد ، كما يقع على عاتق مثقفينا ومفكرينا في تعميق فهم روح 12 آذار ، وتوعيتنا وتثقيفنا وتوجيهنا الى المسار الصحيح والذهنية السليمة ، وأن لا يهمل دور السياسيين والأحزاب فلكل له دوره ، وللمثقفين دور في توجيه المجتمع والقادة السياسيين و أن لا يكونوا منحازين لأي طرف ولا اتخاذ أسلوب للرد والرفض فقط ،بل النقد البناء وأن يسخروا أنفسهم لخدمة القضية والشعب ، وتفعيل دور الحركة السياسية ودعوتها دائما الى التحالف والتضامن ،لأن هذا القرن هو للشعب الكردي ، وعلى الجميع أن ينظم نفسه في منظمات سياسية كانت أم اجتماعية أم ثقافية …..

والهروب من اللا مسؤولية ، وجعل القلم السلاح الأقوى في هذا العصر وعلينا تجاوز المهاترات الحزبية الضيقة ، ولتكن ذكرى انتفاضة 12 آذار يوم اللحمة الوطنية الكردية في سوريا ، وإحياء هذه الذكرى واتخاذ الدروس والعبر منها عبر وحدة الفكر والرأي ولنكن ملتزمين برسالة شهداء آذار وشعب آذار الباسل .

1/3/2007‏‏


 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…