اداره ذاتية تحت وصاية الأسد

  شفكر هوفاك

الخطوة الجديدة  التي اقدم عليها حزب الاتحاد الديمقراطي بتشكيل ادارة حكم ذاتي في المناطق التي يسيطر عليها حاليا في غربي كوردستان , لم تكن مفاجاة لأحد من الناشطين الكورد والعرب السوريين على حد سواء , بل كانت منتظرة ,  لأن الجميع كان يعلم أن هذا الحزب وقيادته المتحالفة مع نظام الأسد , ومع الحلف الروسي الاقليمي , سيمضي في الاتجاه المعاكس لحركة السير التاريخي , وحركة الثورة السورية .

وكلما تقدمت الثورة وراكمت انجازاتها العسكرية والسياسية أوغل الحزب المذكور سيره على الطريق المعاكس , وكأنه ينتقم منها , ويحقق للأسد وحلفائه ما يثبت سيطرتهم على مناطقنا , ويعوضهم عن الخسائر
قبل اسبوعين هاجم حزب ـ ب ي د ـ بقواته العسكرية المدعومة من قوات ودبابات حكومة بغداد العميلة لطهران معبر اليعربية ـ تل كوجر ـ في اقصى الحدود السورية العراقية وسيطر عليها بالقوة ليضمن بقاء هذه المنطقة ضمن خريطة المواقع الاستراتيجية على رقعة شطرنج الصراع الدولي ـ الاقليمي الدائر حاليا للسيطرة على سوريا ، ولأن هذه المنطقة الحساسة هي نقطة الربط البرية بين ايران وسوريا عبر الأراضي العراقية ، والحاجة اليها ستكون ماسة اذا تطور الصراع بين الدول الكبرى والاقليمية ، أو اذا جرى تمزيق سوريا واقتسامها ، ولأن غالبية الشعب الكوردي في سوريا لا تساير (حزب الأبوجي) المذكور ولا تؤيد سيطرته العسكرية بالقوة على مقاليد الأمور في المنطقة ولا تطلعاته لإقامة حكم الحزب الواحد ليحل محل البعث ويكون وريثا لنظام بشار الاسد الديكتاتوري , ولم يعد لدى أحد من شعبنا الكوردي أو حتى العربي السوري وهم أو شك في انه حزب مرتبط بنظام الاسد وباستخباراته وبتحالفاته مع ايران وروسيا  فإن وقادة الحزب مشغلون منذ فترة غير قصيرة باستباق تطورات الامور لفرض حقائق  ميدانية الارض خوفا من أن تخرج من أيديهم هذه المناطق الحيوية بسبب اكتنازها بثروة سوريا الأولى القابلة للتصدير فورا وبيعها بالعملة الصعبة ، أي النفط .
لقد استطاعوا بفضل التحالفات التي تربط بين هذه الاطراف الاقليمية وبقايا القوى العشائرية العربية أمثال محمد الفارس وعرب المغمورين العميلة للأسد محليا من بسط السيطرة والسلطة الامنية على مفاصل كوردستان سوريا ، كما قامت قوات هذا الحزب بإرهاب بقية القوى السياسية الكوردية المناهضة والمؤيدة للثورة السورية , وبتكميم الافواه وملاحقة الناشطين الثوريين منهم واعتقالهم , أو اجبارهم على الهرب الى خارج البلاد , كما قامت باغتيال العديد من قيادات الاحزاب الكوردية وخطف رفيقنا القيادي في البارتي السيد بهزاد دورسن والعشرات من شباب الثورة وانتهاء بمجزرة عامودا على يدهم ..إلخ , وهي خطة مكتملة الجوانب هدفها تفريغ المنطقة من ثوارها ومعارضيها واحرارها , وأحكام السيطرة عليها لحساب سلطة مشتركة هي في الظاهر كوردية يمثلها حزب صالح مسلم , وهي في الحقيقة سلطة موالية للأسد وهذا ما يؤكده الفضائية السورية والتي تمدح بقوات ب ي د وتعاونهم مع النظام في مجابهة الارهاب من داعش وجبهة النصرة وهما بالاصل من صنيعة النظام
ولا يخفى على احد من المراقبين والمحللين المتخصصين أن عملية تنفيذ هذا المخطط المتكامل , إنما احتاجت أن تتبادل الأدوار قوات حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات جبهة( داعش) التي تخدم استراتيجيات أعداء سوريا والثورة وخاصة ايران وامتداداتها الاقليمية , ولذلك كانت الهجمات المتبادلة بين الطرفين في رأس العين وتل أبيض والرميلان إنما هي عمليات هدفها تبرير ما يقوم به الحزب في نهاية المطاف واجبار المواطنين للقبول به والرضوخ له لأن البديل الوحيد هو المتطرفون الاسلاميون من عصابات داعش والنصرة ومشتقاتهما المتطرفة التي تتحرك أيضا وفق تعليمات طهران وأجندتها السورية والاقليمية
رغم اختلافنا مع ممارسات وتوجهات والرؤيا السياسية الشمولية لحزب الاتحاد الديمقراطي ومن البلطجة وترهيب أبناء جلدتهم الكورد وفرض أمر الواقع عليهم وحرق مكاتب حزب الديمقراطي الكوردي ـ البارتي ـ وبعض الاحزاب الاخرى أيضا ، والأخطر في ذلك وصل بهم حرق صور البارزاني الخالد الاب الروحي للكورد وحرق العلم الكوردي التي تعد رمزا للامة الكوردية ورفع بدلا عنها علم من أعلام أفريقيا ، والشعب الكوردي في مناطقة أصبح بين كماشة النظام وحزب ب ي د وبين القوى المتطرفة كأمثال جبهة النصرة والداغش وأخواتها فهو أمام خيار واحد اما ان يقبل بحكم ب ي د واما ان يعتقل أو يغادر الوطن باتجاه اقليم كوردستان ، هذا لا يعني بأننا سنرضى أو سنسكت على البيان التي أصدرها الائتلاف الوطني السوري بادانته لقيام الحكم الذاتي الكوردي وكأنه يرفض الخصوصية الكوردية ولا يقبل بأن يدير الكورد ادارة مناطقهم حيث هم الاغلبية ومعهم المكونات الاخرى من العرب والسريان والاشور ، ولايجوز الكيل بمكيالين فكان يتوجب على الائتلاف اصدار هكذا بيانات ضد داعش والنصرة واخواتها أيضا وهم بالاساس يطمحون في انشاء امارات اسلامية خاصة بهم تعود شعب سوريا الى القرون الوسطى ، ومع الاسف لم تصدرمن الائتلاف أية بيانات بحق هؤلاء جميعا ولازال بعض من هذه القوى الظلامية منضوية تحت راية الائتلاف ، وقبل فوات الأوان يجب على الائتلاف قبول كلمة الشعب الكوردي ولا يجوز تقزيم كلمة الشعب بالهوية القومية ، وعليه الاتفاق مع المجلس الوطني الكوردي على شكل وحكومة الادارة الذاتية في المناطق الكوردية بل ودعمها ، وعلى الائتلاف الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي وفق المواثيق والعرف الدولي ، وخلاف ذلك سنبقى في صراع وحروب
وجاء توقيت اعلان الادارة الكوردية الذاتية للحكم أمس في سياق ذي دلالة واضحة شديدة الوضوح لا تخفى دلالتها عن ذهن أي مراقب موضوعي , إذ جاء قرار الاعلان عنها بعد يوم واحد فقط  من انفضاض الدورة الأخيرة للهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية في9 نوفمبر 2013 واتخاذها قرارات وخطوات ومواقف غاية في الأهمية وتتسم بالنجاح والجرأة … أهمها:
أولا : انضمام ومشاركة ممثلي أحزاب المجلس الوطني الكوردي في اجتماع الائتلاف لأول مرة  مع اخوانهم العرب من بقية التشكيلات والمكونات .

وبذلك يكون الائتلاف قد استكمل تشكيله كممثل للشعب السوري
ثانيا : قرار بعدم التوجه الى مؤتمر جنيف 2 إلا بشروط محددة أهمها التعهد الدولي بان يكون هدف المؤتمر العمل على نقل السلطة من الاسد الى حكومة تملك كافة الصلاحيات والسلطات لنقل الدولة من النظام التوتاليتاري الحالي الى نظام ديمقراطي تعددي , والتعهد أيضا بألا يكون للأسد دور مطلقا في مستقبل سوريا
ثالثا : تشكيل حكومة وطنية بديلة لحكومة الاسد , وهي حكومة مصغرة ومؤقتة لادارة المناطق المحررة وحسب، ولا شك أن هذه القرارات والمواقف والخطوات أغضبت محور الاسد – إيران – روسيا اغضابا شديدا لاسيما وأنها تحظى بدعم مطلق من جانب أمريكا والدول الاوروبية وغالبية الدول العربية كما عبر عن ذلك قرار الجامعة العربية 3.11.2013 وقرار الدول الاحدى عشر في لندن 11.10.2013 والجدير بالذكر ان هذه المواقف هي التي افشلت مهمة المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي الأخيرة التي كرسها لعقد مؤتمر جنيف 2 قبل نهاية الشهر الجاري ومحاولته المحمومة لإشراك إيران فيه
وردا على هذه التطورات المهمة جاءت خطوة الادارة الكوردية على رقعة شطرنج الصراع الدولي , فهي ادارة تهدف لابلاغ العالم رسالة تهديد مفادها أن محور الاسد – ايران – روسيا جاهز هنا لشق الصف الكوردي , وتمزيق الصف السوري إذا تطلب الأمر , ولبسط السيطرة على الارض بقوة السلاح
ولذلك فحين ينظر شعبنا الكوردي في المنطقة فضلا عن بقية السوريين في طول البلاد وعرضها , إلى ما يقوم به الحزب الأبوجي بزعامة صالح مسلم فإنه يعبر عن رؤية ثاقبة تجاه هذه المواقف والسوكيات التي لا تخدم عدالة القضية الكوردية ولا تخدم أحدا لا من الكورد ولا من العرب , ولا تخدم إلا الأسد وإيران وحكومة المالكي العميلة ، إن شعبنا يدرك تمام الادراك وعن تجربة رسختها أحداث السنتين ونصف الأخيرة أن حزب مسلم هو كيان شمولي ينسق تماما مع حزب بعث السلطة الفاشية الساقطة وكل ما يصدر عنه هو تنفيذ لأجندة إيران وروسيا وهي لا تخدم سواهما وسيقاومه ، ولذلك فان شعبنا الكوردي بخاصة والسوري بعامة سيرفض ماصدر عن الأبوجين ويقاوم ادارته الخرافية الزائلة كسابقاتها من تسمياتهم الزائفة ـ جمهورية الزاب ـ جمهورية مازوبوتاميا ـ برلمان كوردستان في المنفى ، مجرد أسماء خدعوا بها شباب الكورد ، نعم شعبنا الكوردي ماض في ثورته والربيع الكوردي قادم لا محال ، كما يقاوم ادارة الأسد وأجهزته ومخابراته بلا تمييز ولا تفرقة، وأيضا بلا تردد ولا تخوف لأنهما وجهان لعملة واحدة وسلطة وحيدة مقرها في قصر الأسد
شفكر هوفاك

16.11.2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…